كانت تقيم السيدة ذهبية بوعيشة ببلدة الرفصة، صلاح باي، بولاية سطيف، وفي صبيحة يوم 11 يونيو، قامت بزيارة لشقيقتها، عندما قدم إليهم عسكريون تابعون لثكنة عين ولمان، سطيف، معززين بعناصر من الدرك الوطني، ليبلغوها بأنهم ألقوا القبض على ابنها فريد بن هلال، المنتمي بزعمهم إلى جماعة مسلحة، وأخبروها بأنه تم نقله إلى مستشفى عين ولمان على إثر إصابته بجروح، قبل أن يجبروها على مرافقتهم.
وأمام انقطاع جميع الأخبار عنها، قرر ابن السيدة بوعيشة، حافظ بن هلال ووالدتها السيدة طاؤوس بلفاطمي، اللذان كانا شاهدين على عملية القبض عليها، التوجه إلى محكمة عين ولمان، للاستفسار عن مصير قريبتهم المختفية، إلا أن السلطات القضائية رفضت تسجيل شكواهما، وأنكرت معرفتها أي شيء يتعلق بحالة السيدة بوعيشة، فقام الابن ووالدة المختفية بجولة عبر كافة سجون المنطقة، على غرار ما اعتاد القيام به العديد من أسر المختفين قسرا، على أمل العثور عليها، لكن دون جدوى، حيث أنكرت جميع مراكز الاعتقال احتجازها.
نحو ستة أشهر بعد إلقاء القبض على السيدة بوعيشة، أكدت مجموعة من السجناء السابقين الذين أفرج عنهم من سجن عين ولمان، أنهم كانوا محتجزين مع السيدة بوعيشة في القطاع العسكري بسطيف، حيث تم إطلاق بعض المعتقلين، فيما "اختفى" البعض الآخر. وبعد مضي ثمانية عشر عاما على اختفائها القسري، يظل أبناؤها يجهلون حتى الآن ما إذا كانوا سيرون والدتهم يوما.
بين عامي 1993 و 1998، تعرض ما بين 8 آلاف و20 ألف شخص، حسب مصادر مختلفة، لعمليات اعتقال أو اختطاف على يد قوات الأمن الجزائرية، بمختلف أجهزتها، بما في ذلك الميليشيات الحكومية، علما أن هذه الاعتقالات وحالات الاختفاء القسري تمت في أعقاب انقلاب 11 كانون الثاني 1992، وذلك دون أن يتم مقاضاة المسؤولين عن حالات الاختفاء أو معاقبتهم، بل المفارقة، انه تمت ترقية الكثير منهم، وخاصة كبار الضباط العسكريين، إلى رتبة فريق أو لواء من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ومنذ إصدار مرسوم 2006 القاضي بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أصبحت كل الشكاوى ذات الصلة بهذه الوقائع غير مقبولة في الجزائر، ومن هذا المنطلق أحالت الكرامة قضية ذهبية بوعيشة إلى فريق العمل للأمم المتحدة المعني بالاختفاء القسري في 6 يونيو الأخير.