الجزائر: لجنة حقوق الإنسان تدين السلطات الجزائرية وتحملها مسؤولية إعدام الأخوين فدسي خارج نطاق القضاء
أثبتت لجنة حقوق الإنسان الأممية خلال دورتها 111 مسؤولية السلطات الجزائرية عن إعدام الأخوين فدسي في 19 أبريل 1997 بقرية الثلاثاء التابعة لدائرة الطاهير بولاية جيجل. وكان مهني فورار رئيس الدائرة هو المنفذ الرئيسي لهذا الإعدام، رفقة كل من رئيس الدرك الوطني ومحافظ شرطة طاهير.
ألقي القبض على مسعود 20 سنة، ونصر الدين فدسي 24 سنة آنذاك، فجر 19 أبريل 1997 من قبل رجال الشرطة والدرك وعناصر من الميلشية المحلية.وحسب شهود عاينوا الواقعة، من بينهم والد الضحيتين، حضر رجال الأمن إلى بيت العائلة على الساعة 6 صباحا، وقبضوا على نصر الدين فدسي ثم توجهوا إلى مقهى بوسط قرية الثلاثاء حيث قبضوا على أخوه مسعود.
وكان السيد خليفة والد الضحيتين قد اعتقل باكرا في نفس اليوم أثناء توجهه لعمله من قبل عناصر على متن سيارة تابعة لدائرة الطاهير. واستجوبوه بشأن أبنيه قبل أن يفرجوا عنه وسط الطريق. وخوفا على أبنائه عاد أدراجه إلى بيته حيث شهد القبض على ابنه نصر الدين.
ودائما حسب الشهود، اقتيد الأخوين إلى غابة قريبة من القرية حيث جرى إعدامهما خارج نطاق القانون، وعرضت جثتيهما عند مداخل الغابة أمام سكان القرية، وهي ممارسة كانت شائعة آنذاك تهدف إلى نشر الرعب لدى المواطنين وخاصة في المناطق المعزولة. ولم يسمح لأسرة الضحيتين بدفن الجثتين إلا صباح اليوم التالي حيث لاحظوا آثار العديد من الطلقات النارية على الجثتين.
أعدم الشابان من قبل رئيس دائرة الطاهير مهني فورار، مصحوبا بكل من رئيس فرقة الدرك الوطني ومحافظ شرطة الطاهير وربعض رجال الشرطة وعناصر مليشيا حي بوشرقة بالطاهير الذين كان من ضمنهم فرحات بنزاوية، إضافة إلى رئيس فرقة الدرك الوطني المحلية
أمام هول الجريمة، أصيب والد الضحيتين بالذهول ورغم ذلك قصد في اليوم التالي مقر الدرك الوطني لبوشرقة بالطاهير لتقديم شكوى ضد المتورطين. لكن رئيس الدرك الذي شارك بنفسه في الجريمة هدده وأخبره أنه سيلقى "نفس المصير" إن هو استمر في مساعيه.
توجه السيد خليفة بحثا عن العدالة إلى وكيل الجمهورية بمحكمة طاهير، لكن هذا الأخير رفض بدوره استقبال شكايته، مشيرا أنه سيكتفي فقط بتسجيل وفاة الشابين في سجل الحالة المدنية. سلمت السلطات لأسرة الضحيتين في 4 سبتمبر 2004 شهادتي وفاة جاء فيهما: "تمت معاينة وفاته في صفوف الجماعات الإرهابية".
اتصل والد الضحيتين بالكرامة، بعدما استنفذ الإجراءات المحلية بحثا عن العدالة ويأسه منها، وطلب منها النيابة عنه في تقديم شكوى أمام لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهي اللجنة التي قامت خلال السنوات القليلة الماضية بإدانة الجزائر أكثر من عشرين مرة وتحميلها المسؤولية في حالات الاختفاء القسري، لتدينها هذه المرة لكن من أجل انتهاكها للحق في الحياة بإعدام شابين في مقتبل العمر من قبل موظفين حكوميين.
كان الإعدام خارج نطاق القانون من قبل رجال الأمن ممارسة شائعة خلال التسعينيات من القرن الماضي، وخاصة في المناطق المعزولة. ورغم أن ضحايا هذه الممارسة يعدون بالآلاف إلا أن أقاربهم لم يتكثلوا ليطالبوا بالعدالة ومتابعة المسؤولين. وبالتالي يمكن اعتبار قضية الأخوين فدسي سابقة بالنظر إلى أن هوية المسؤولين تم تحديدها وعلى رأسهم رئيس الدائرة، وهو موظف حكومي يشغل أعلى منصب إداري محلي، تابع لأحمد أويحيا رئيس الحكومة حينها. وبالتالي لم يعد في استطاعة الجزائر التعذر بخروج الظروف الأمنية آنذاك عن سيطرتها، أو الاحتماء بميثاق المصالحة والسلم للتهرب من ضرورة اتخاذ إجراءات فعلية محددة كما نص على ذلك قرارلجنة حقوق الإنسان الأممية.
رفضت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في قرارها الأخذ بالحجج والمبررات التي أوردتها الحكومة الجزائرية في ردها الرسمي على استفسارات اللجنة، واعتبرت أن السلطات انتهكت مسؤولياتها في حماية الحق في الحياة (الفقرة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). وطلبت اللجنة من السلطات فتح تحقيق شامل ودقيق في ظروف إعدام الأخوين، وتقديم المسؤولين للعدالة، وتعويض الأقارب عن الأضرار التي لحقتهم جراء ذلك
تحيي الكرامة قرار الأمم المتحدة الجديد، وتطالب السلطات الجزائرية باحترام التزاماتها الدولية وتقديم العدالة للضحايا وذويهم، بكسرها "لعهد الإفلات من العقاب" الذي لا زال يحمي المسؤولين والمحرضين عن تلك الجرائم.
أمهلت لجنة حقوق الإنسان سلطات الجزائر ستة أشهر لإخطارها بالإجراءات التي اتخذتها لتفعيل قرارها هذا، الذي ستنشره في تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك خلال دورتها القادمة.
وستعطي الكرامة أهمية بالغة لهذه القضية بمتابعتها عن كثب لتفعيل هذا القرار، في إطار إجراءات المتابعة التي وضعتها الهيئة الأممية بشأن الشكاوى الفردية، للتأكد من حصول الضحايا على حقوقهم واستعادتهم لكرامتهم.
لمزيد من المعلومات، الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو الاتصال مباشرة على الرقم 0041227341007 ـ تحويلة 810