11 كانون2/يناير 2010

الجزائر: قضية لخضر بوزنية، أحد منتخبي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذي ألقي عليه القبض وتعرض للصلب وأحد ضحايا الاختفاء القسري، تُعرَض أمام لجنة حقوق الإنسان

لقد تم تكليف الكرامة بتقديم شكوى أمام لجنة حقوق الإنسان بشأن اختفاء السيد الأخضر بوزنية، الذي ألقي عليه القبض في 24 أيار/ مايو  1993، ثم اعتقل سرا وتعرض على إثر ذلك لشتى أصناف التعذيب الجسيم، خاصة عن طريق تعريضه لعملية "الصلب"، قبل أن تختفي جميع آثاره خلال عملية نقله إلى سجن قسنطينة، بعد بضعة أشهر.

 

وكان السيد لخضر بوزنية يبلغ 38 عاما من العمر حين وقوع الحادثة، وكان يعمل أستاذا في الأدب العربي بثانوية سيدي عبد العزيز في ولاية جيجل. وباعتباره شخصية سياسية بارزة في صفوف الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تم انتخابه في 26 كانون الأول/ ديسمبر1991 عن المقاطعة الانتخابية ببلدة شفكة (جيجل) في الجولة الأولى (64.81 ٪ من مجموع الأصوات)، وذلك خلال الانتخابات  التشريعية التي تم توقيفها عن طريق انقلاب 11 كانون الثاني/ يناير 1992.

 

وقد ألقي عليه القبض في 24  أيار / مايو  1993 عند حاجز تفتيش أقامته قوات الدرك الوطني، في بلدة العنصر في ولاية جيجل، واعتقل سرا على إثر ذلك في مقر القطاع العسكري للولاية، الذي كان يوم ذاك تحت قيادة الرائد صلاح  لباح المدعو "الرائد بلباح"، حيث تعرض الضحية في هذا المقر لعمليات التعذيب على يد عناصر من مديرية الاستعلامات والأمن بقيادة النقيب بلخير.

 

ومن هناك، تم نقله إلى المركز الإقليمي للأبحاث والتحقيق في قسنطينة الذي  تشرف عليه مديرية الاستعلامات والأمن التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة للجيش الشعبي الوطني، التي تخضع لسلطة الجنرال عبد الحميد جوادي (1989 إلى  أيار / مايو 1994).

 

كما اعتقل السيد بوزنية تباعا في عدة مراكز للدرك الوطني، منها على وجه الخصوص، مركز العنصر والملية وسطارة والعونة، وتعرض طيلة تلك الفترة داخل هذه المراكز لمختلف ضروب التعذيب، لا سيما عملية الصلب، علما أن هذه الأصناف البشعة من التعذيب والمعاملة القاسية التي لحقت بالضحية، تمت على أيدي عناصر من مصالح الدرك الوطني، الذين يتبعون أيضا لوزارة الدفاع، التي كانت حينذاك تحت قيادة الجنرال بن عباس غزيل ( 1989- آذار/ مارس 1995)

 

وتطلب الأمر انتظار حوالي شهر بالكامل بعد القبض عليه، ليعود من جديد إلى الظهور، وكان ذلك داخل مقر محكمة الملية، لدى مثوله أمام قاضي التحقيق. وعند عرضه على القاضي، في غياب أي محام يتولى قضيته، كانت بادية عليه أثار الإرهاق بحيث كان يصعب عليه البقاء واقفا، كما كان من الصعب التعرف على ملامحه من شدة آثار التعذيب الذي تعرض له، بحيث: وكانت يداه وقدماه لا تزال تحمل آثار جروح، بادية بوضوح، وهي من مخلفات عملية الصلب التي تعرض لها خلال فترة احتجازه سرا. هذا وقد وجهت إلى السيد الأخضر بوزنية تهمة "تكوين والانتماء إلى منظمة إرهابية" ، و"المساس بأمن الدولة" ، و"توزيع منشورات تحرض على الفتنة" ، و"حيازة الأسلحة النارية"، و"المساس بسلامة التراب الوطني" و" الانتماء إلى جماعة أشرار"، ورغم تلك السلسلة الطويلة والخطيرة من التهم الموجهة إليه، لم تقدم النيابة العامة أية أدلة مادية تثبت بها اتهاماتها.

 

ثم تم إيداع السيد لخضر بوزنية رهن الاعتقال في سجن جيجل، حيث ظل محتجزا في الحبس الانفرادي إلى غاية 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1993، وهو التاريخ الذي كان يفترض فيه نقله إلى سجن قسنطينة في انتظار محاكمته المقررة في 17 تشرين الثاني/  نوفمبر 1993. وأثناء تلك الفترة تمكنت عائلته من زيارته عدة مرات، كما كانت تلك الزيارات مناسبة للأفراد الأسرة للوقوف  على وضعيته وملاحظة مدى خطورة أصناف التعذيب التي تعرض لها السيد بوزنية.

 

وكان من المفترض، وفقا للأمر القاضي بنقله، والصادر عن النائب العام لولاية جيجل، أن يتم نقل السيد بوزنية بمفرده، في عربة مخصصة لنقل السجناء، والتابعة لإدارة السجن، ترافقها مركبات للدرك الوطني، إلى سجن قسنطينة. وقد غادرت فعلا هذه  القافلة مركز الاعتقال في جيجل في 27 تشرين الأول/  أكتوبر  1993 على الساعة 11 صباحا، غير أن إدارة سجن قسنطينة نفت بشكل قاطع استلامها الضحية. وبناء عليه، يكون السيد بوزنية قد اختفى والتحق بعداد المفقودين منذ لحظة مغادرة العربة المخصصة لنقل السجناء سجن جيجل، أي في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1993 على  الساعة 11 صباحا.

 

وللإشارة، أوردت الصحافة المكتوبة في إصدارها ليوم  الأحد 31 تشرين الأول/  أكتوبر عام 1993، بيانا صادر عن قوات الأمن الجزائرية، تعلن فيه قضائها يوم  الأربعاء 27 تشرين الأول/  أكتوبر  1993 على مجموعة تتألف من  أحد عشر إرهابيا  معروفين في المنطقة، من بينهم شخص يدعى لخضر بوزنية، كما أن هذه المعلومات نفسها، قد أوردها  التلفزيون الجزائري ا في نفس اليوم، مقدما عملية القضاء على هؤلاء الإرهابيين باعتباره "إنجازا يحسب لصالح الجيش الجزائري". واعتقدت عائلة السيد بوزنية في بادي الأمر أن المسألة لا تعدو كونها ترتبط بشخص يحمل الاسم نفسه، بما أن الضحية كان في ذلك الوقت تحت حراسة الأجهزة الأمنية.
وفي يوم 17 تشرين الثاني / نوفمبر  1993، تاريخ محاكمة السيد لخضر بوزنية، وبعد ملاحظة رئيس المحكمة الخاصة في قسنطينة غياب المعني من قفص المتهمين، أجرى محادثات جانبية مع المدعي العام، أعلن في أعقابها، بعد المداولة، إنهاء إجراءات المتابعة، بسبب وفاة المتهم لخضر بوزنية.

 

وفي ضوء ذلك، قامت أسرة السيد بوزنية بكافة الإجراءات الإدارية والقضائية الممكنة للحصول على معلومات حول ظروف اختفائه، كما طلبت تأكيدا رسميا من هوية الشخص الذي ورد اسمه ضمن الأشخاص الذين قضت عليهم قوات الأمن، لتتأكد فيما إذا كان الضحية حقا هو قريبها، لكن دون جدوى.

 

وتجدر الإشارة إلى أنه في الفترة ما بين 1993 و 1998، تعرض عدد من الأشخاص، ما بين 8000  و 20000، بحسب المصادر، لإلقاء القبض أو الاختطاف، على يد قوات الأمن الجزائرية، ويشمل ذلك جميع أجهزتها، بما في ذلك الميليشيات المسلحة من قبل الحكومة. ونفذت عمليات الاعتقال وحالات الاختفاء هذه في أعقاب انقلاب 11 كانون الثاني / يناير 1992، علما أن المسؤولين عن حالات الاختفاء لم يتعرضوا قط للملاحقة القضائية ولم تصدر بحقهم أي عقوبات؛ بل على العكس من ذلك تماما، إذ استفاد كثير منهم، وخاصة كبار ضباط الجيش، من عمليات ترقية إلى رتبة جنرال أو لواء من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.


ومنذ إصدار مراسيم تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنيةفي عام 2006، لم يعد مسموحا تقديم أي شكوى  في الجزائر تتعلق بهذه الوقائع، الأمر الذي اضطر أسرة السيد لخضر بوزنية التوجه نحو لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة في 8 كانون الثاني/ يناير 2010. وبذلك يُلتَمس من هذه الهيئة الأممية تسجيل أن عملية إلقاء القبض على السيد لخضر بوزنية وتعرضه للتعذيب ثم اختفائه قسرا، تشكل انتهاكا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي صدقت عليها الجزائر في عام 1989.
آخر تعديل على الثلاثاء, 04 آب/أغسطس 2015 11:06

الجزائر - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 12 سبتمبر 1998

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: 12 سبتمبر 1998
التقرير الحكومي مرتقب منذ 1 نوفمبر 2011 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية 12 ديسمبر 2007
قدمت الكرامة تقرير متابعة في 5 نوفمبر 2011 (PDF)

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 12سبتمبر 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 شكاوى فردية): نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 20 يونيو 2008 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 16 مايو 2008

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: 6 فبراير 2007

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: مايو 2012 (الدورة الثانية)
الاستعراض المقبل: لم يعلن عنه بعد

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها (CNCPPDH) تصنيف ب