24 شباط/فبراير 2012

الجزائر: إحالة جريمة تعذيب السيد الهاشمي بوخالفة إلى لجنة حقوق الإنسان

ألقي القبض بشكل تعسفي على السيد  الهاشمي بوخالفة، وذلك في 9 كانون الثاني/ يناير 2011 من قبل عناصر من مديرية الاستعلام والأمن، تعرض خلالها وطيلة أسبوع كامل لأصناف التعذيب الجسيم  قبل أن يطلق سراحه. ورغم ذلك لم يتمكن، إلى يومنا هذا، من التقدم بشكوى أمام العدالة الجزائرية، الأمر الذي لم يترك له سبيلا آخرا، سوى اللجوء إلى  هيئات الأمم المتحدة.

يقيم السيد بوخالفة البالغ من 40 سنة،  في مدينة ورقلة حيث يتاجر في السيارات.  وفي 9 كانون الثاني 2011، على الساعة العاشرة صباحا تقريبا،  كان السيد  بوخالفة بالقرب من بيته، رفقة العديد من أفراد العائلة والأقارب الذين يقيمون في الجوار. وفي تلك الأثناء أقدمت مجموعة مشكلة بين ستة أو سبعة أشخاص يرتدون ملابس مدنية ومسلحين على متن سيارتين، فاقتادوه معهم بالقوة إلى وجهة مجهولة، دون أن  يعّرفوا بأنفسهم، أو يقدموا له أمرا قضائيا، أو حتى أدني سبب يبررون به عملية الاعتقال. ولم يبلغوه بأنهم عناصر من مديرية الاستعلام والأمن إلا عندما ألقوا به داخل السيارة، ثم أرغموه على طأطأة رأسه  لمنعه من رؤية وجهتهم، مدعين أنه متهم بالإرهاب وبقتل ثلاثة أشخاص، كما تجدرالإشارة أن السيد بوخالفة لم يدرك أنه كان محتجزا  في ثكنة عسكرية تابعة لمديرية الاستعلام والأمن في حي تازقرارت، بمدينة  ورقلة، إلا  بعد الإفراج عنه.

ولدى وصلوه إلى الثكنة،  تم استجوابه واتهامه بالإرهاب، وبقتل ثلاثة أشخاص وامتلاكه بندقية كلاشنيكوف، غير أنه نفى جميع هذه الاتهامات، مما عرضه للتعذيب لمدة ثمانية أيام،  على أيدي عدد من العناصر لم يخفوا وجوههم أثناء تعذيبه، الذي شمل في جملة ما تعرض له عملية "الشفون" المعروفة، وهي عبارة عن سكب مياه قذرة في فم الضحية لإشعاره بالاختناق، كما تعرض للضرب المبرح مرارا بعصا على أجزاء مختلفة من الجسم.

وقد أبقي  عليه لعدة أيام مستلقيا على ظهره ومكبل اليدين، وكان عاريا من كل ثيابه، في جو بالغ البرودة، وقد تمادت الإهانات الموجهة إليه إلى حد إجباره على أكل فضلات بشرية إخرجت له  مباشرة في المرحاض، وفي خامس يوم من اعتقاله السري، ألقي به من أعلى الدرج مما تسبب له في كسرت كاحله.

وتحت وطأة التعذيب،  صرح السيد بوخالفة بأنه يمتلك قطعة سلاح، فتم على إثر ذلك اصطحابه إلى مقر منزله الذي تم تفتيشه، ونظرا لعدم العثور على أي شيء يذكر، قام عناصر الأمن بإلقاء القبض على والدته، التي تعرضت هي بدورها  لعدة ساعات من الاستجواب في ثكنة مديرية الاستعلام والأمن.

وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2011،  حوالي الساعة الرابعة ظهرا،  بعد ثمانية أيام من الاحتجاز السري، تم رميه من قبل عناصر من مديرية الاستعلام والأمن أمام باب منزله، في حالة إنهاك تام، مثخن بالجراح، من دون أي اعتبار للكسر الذي تعرض له في كاحله، ولا لحالة المزرية التي كان يمر بها.

وغداة الإفراج عنه مباشرة، توجه السيد  بوخالفة إلى مصلحة الطب الشرعي في  مستشفى ورقلة، مدعيا أنه تعرض لاعتداء في الشارع، حيث تم فحصه من قبل الطبيب الشرعي الذي سجل الإصابات البادية على جسده وسلمه شهادة طبية،  كما قام بأخذ صور عن آثار التعذيب الواضحة على أجزاء معينة  من جسده. وبناء عليه توجه السيد بوخالفة إلى وكيل الجمهورية لمحكمة ورقلة لإبلاغه بالقضية وتقديم شكوى ضد عناصر مديرية الاستعلام والأمن، على ما تعرض له من تعذيب خلال اعتقاله، لكن لم يعير له هذا الأخير أدنى اهتمام ورفض قبول الشكوى من أصلها.

وأمام تراخي وتجاهل النيابة العامة، تقدم  السيد بوخالفة يوم نيسان/   12 أبريل 2011 بشكوى لدى وزارة العدل. و في تشرين الثاني/ نوفمبر  2011،  توجه من جديد إلى المدعي العام لتذكيره  بالخطوات التي اتخذت منذ شهر كانون الثاني، فما كان من هذا الأخير إلا أن قال له  حرفيا "إنني أنصحك، انس الأمر، اعتبر وكأنه مجرد حلما، لا أستطيع أن أفعل لك أي شيء، لأن الأمر يتعلق بالأمن العسكري. "

في كانون الأول/ ديسمبر 2011، قام السيد  بوخالفة، من خلال شريط فيديو بث على موقع يوتيوب بالتنديد بأصناف الظلم الذي تعرض له، كما أدان رفض النظام القضائي الجزائري النظر في شكواه. شريط  الفيديو متوفر على العنوان التالي:

 

وبعد أن أدرك أن المساعي المتخذة في هذا الشأن لدى  السلطات القضائية الجزائرية ظلت دون أدنى نتيجة ودون بصيص من الأمل في أن تسفر عن شيء يذكر، لم يجد السيد بوخالفة إمكانية أخرى للحصول على حقوقه، سوى التوجه إلى لجنة مناهضة التعذيب من خلال إيداع شكوى فردية حسبما تسمح به المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها الجزائر.

وبذلك تكشف هذه القضية  مرة أخرى أوجه القصور الخطيرة التي تعاني منها العدالة الجزائرية، وتؤكد من جهة ثانية أن التعذيب لا يزال يمارس بشكل اعتيادي  في الجزائر. ورغم الالتزامات المتعددة التي تعهدت بها السلطات،  يبدو واضحا أن مناخ الإفلات من العقاب لا يزال سائدا مما يسمح لعناصر أجهزة الأمنية من مواصلة ممارسة التعذيب دون الخوف من التعرض للملاحقة القضائية، كما أن هذه الحالة الجديدة،  تكشف إضافة إلى ذلك، الغياب التام والفاضح لاستقلال القضاء الجزائري  الذي يظل خاضعا للسلطة التنفيذية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات ضد  مديرية الاستعلام والأمن.

ومن خلال هذه الشكوى الفردية،  ُيلتمس من لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أن تسجل بأن الجزائر قد انتهكت اتفاقية صدقت عليها في 12 أيلول 1989، وبأن تأمر اللجنة الأممية السلطات الجزائرية بإجراء تحقيق كامل وشامل للانتهاكات التي تعرض لها الهاشمي  بوخالفة وأن ترفع إليها تقريرا عن نتائجها في أقصر وقت ممكن. ويلتمس أيضا من اللجنة الأممية دعوة السلطات إلى متابعة قضائيا   الأشخاص المسؤولين عن أعمال التعذيب التي تعرض لها السيد الهاشمي بوخالفة، ومحاكمتهم ومعاقبتهم بما يناسب خطورة الجريمة المرتكبة وأخيرا تقديم إلى الضحية التعويض المناسب.
آخر تعديل على الإثنين, 09 تشرين2/نوفمبر 2015 11:10

الجزائر - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 12 سبتمبر 1998

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: 12 سبتمبر 1998
التقرير الحكومي مرتقب منذ 1 نوفمبر 2011 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية 12 ديسمبر 2007
قدمت الكرامة تقرير متابعة في 5 نوفمبر 2011 (PDF)

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 12سبتمبر 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 شكاوى فردية): نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 20 يونيو 2008 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 16 مايو 2008

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: 6 فبراير 2007

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: مايو 2012 (الدورة الثانية)
الاستعراض المقبل: لم يعلن عنه بعد

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها (CNCPPDH) تصنيف ب