01 حزيران/يونيو 2012

لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تدين الجزائر من جديد

نشرت لجنة حقوق الإنسان مؤخرا ما توصلت إليه من نتائج بشأن الاختفاء القسري للسيد معمر أوغليسي، كما أنها أدانت الجزائر على انتهاكها العديد من الحقوق التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، منها على وجه الخصوص الحق في الحياة وحق الأشخاص في عدم التعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة. وكانت الكرامة سبق لها أن قدمت شكوى في 1 تموز/يوليو 2009 أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نيابة عن السيدة فريدة اوغليسي.

وللتذكير فإن السيد معمر أوغليسي الذي كان يبلغ 36 عاما من العمر، لحظة الواقعة هو من مواليد مدينة قسنطينة (شرق الجزائر)، متزوج وأب لطفلين، وكان يعمل حينذاك تقنيا ساميا لدى قسم البنية التحتية في الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، وقد ألقي عليه القبض في 27 أيلول/ سبتمبر 1994 في مكان عمله على يدي ثلاثة أشخاص يرتدون لباسا مدنيا عرفوا أنفسهم باعتبارهم من جهاز الأمن، دون ذكرهم سبب توقيفه، ومنذ ذلك الحين، اختفى السيد اوغليسي ولم يعثر له على أي أثر.

وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها الأسرة لمعرفة مصيره، تطلب الأمر انتظار ثمانية أشهر كاملة بعد اختطافه، لتتمكن زوجته، عن طريق أحد السجناء المفرج عنهم، من معرفة بأن زوجها يوجد رهن الاعتقال في ثكنة المنصورة، التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة، والخاضعة لإشراف مديرية الاستعلام والأمن. وإلى غاية أواخر عام 1995، أجمعت عدة شهادات توصلت بها أسرة السيد أوغليسي، بأنه محتجز في ثكنة عسكرية.

وتجدر الإشارة، أنه في الأيام التي سبقت اختطاف السيد أوغليسي وعلى مدار ذلك الشهر، وقعت في قسنطينة عدة عمليات اختطاف وتوقيف استهدفت على وجه الخصوص أعضاء المجالس البلدية، وأعضاء البرلمان المنتخبين، أو مجرد نشطاء ومناضلين بسطاء من المتعاطفين مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وتندرج على الأرجح، عملية إلقاء القبض على السيد معمر اوغليسي في إطار نفس العملية التي تم التخطيط لها والتنسيق على أعلى مستوى في الدولة، حيث أوكلت عملية التنفيذ إلى جهاز الشرطة القضائية ومصالح مديرية الاستعلام والأمن في قسنطينة.

بحسب العديد من الشهادات التي أفاد بها الناجون من هذه الحملة، فإن جميع الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة القضائية قضوا رهن الحجز السري فترات تتراوح بين أسابيع أو أشهر في محافظة الشرطة المركزية في مدينة قسنطينة حيث تعرضوا للتعذيب بشكل منتظم قبل نقلهم إلى المركز الإقليمي للبحث والتحقيق التابع للمنطقة العسكرية الخامسة تحت إشراف مديرية الاستعلام والأمن والتي كان يقودها في ذلك الوقت العقيد كمال حمود، أما الأشخاص الذين اختطفتهم مديرية الاستعلام والأمن، فقد تم اقتيادهم مباشرة إلى المركز الإقليمي للبحث والتحقيق، حيث انقطعت جميع أخبارهم واختفى معظمهم إلى يومنا هذا.

ومن الملفت للانتباه أن في ولاية قسنطينة وحدها، اختطِف أكثر من ألف شخص من قبل مصالح الشرطة والجيش الوطني الشعبي أو مديرية الاستعلام والأمن، وهم في عداد المفقودين إلى يومنا هذا، مع الإشارة أن الكرامة وجمعية أسر المختفين في قسنطينة، قدمت معظم هذه الحالات إلى فريق العمل الأممي المعني بحالات الاختفاء القسري، حيث لم يتم تسوية هذه الحالات من قبل السلطات الجزائرية حتى الآن.

ومن بين المساعي العديدة التي قامت بها السيدة أوغليسي، مراسلتها المدعي العام لمحكمة قسنطينة الذي سبق أن قدم له والد الضحية شكوى تتعلق بحالة اختفاء قسري واختطاف، غير أنه رغم ذلك رفض المدعي العام لدى محكمة قسنطينة فتح أي تحقيق أو الاستجابة لهذه الشكوى بما يضعه في مرتبة المتواطئ في هذه الجريمة.

وفقط في عام 1998، بعد عزم وإصرار من زوجة الضحية، قبل أخيرا المدعي العام في قسنطينة استقبالها والاستماع إليها من خلال فتح محضر بهذا الشأن، لكن دون فتح تحقيق في الموضوع، أو سماع الشهود للوقائع، خاصة زملاء زوجها في العمل، الذين لم يسبق أن وجه لهم استدعاء لأخذ شهاداتهم.

وقدمت السيدة فريدة أوغليسي مرة ثانية شكوى في 28 أيلول/ سبتمبر 1998 أمام اللجنة الولائية المنشأة لتلقي الشكاوى من عائلات ضحايا الاختفاء القسري، وبعد ذلك بعامين، استدعيت من قبل الدرك الوطني لإبلاغها بأن عمليات البحث المتعلقة باختفاء زوجها قسرا لم تسفر عن أية نتائج.

ونظرا، من جهة لفشل كافة سبل الانتصاف المحلية في التوّصل إلى أية نتائج، ومن جهة أخرى، للمرسوم رقم 1/6 القاضي بـ"تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" الصادر بتاريخ 27 شباط/ فبراير 2006 الذي يحظر بشكل نهائي تقديم أي شكوى فيما يخص الجرائم التي ارتكبتها أجهزة الأمن الجزائرية، لم تجد السيدة أوغليسي في نهاية المطاف سبيلا آخرا، سوى التوجه نحو لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة.

وفي مذكرة مطولة قدمتها الحكومة الجزائرية في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 ، بررت هذه الأخيرة في هذه المذكرة عدم مقبولية شكوى السيدة أوغليسي بحجة رفض تحميل الموظفين العموميين المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبت بين عامي 1993 و 1998، وباعتبار أن مسألة حالات الاختفاء القسري في الجزائر ينبغي معالجتها في إطار شامل، غير أن كل الحجج التي قدمت والدفاع عها من قبل الحكومة الجزائرية أمام هيئة الأمم المتحدة، تم رفضها.

وهكذا فقد أدانت لجنة حقوق الإنسان مرة أخرى الحكومة الجزائرية، مشيرة إلى أن اختفاء السيد أوغليسي يشكل في حد ذاته مجموعة من الانتهاكات لحقوق المحمية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تشكل الجزائر طرفا فيها منذ 1989.

وبناء عليه، تطلب لجنة الأمم المتحدة من الجزائر بضرورة "إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء" السيد معمر أوغليسي، وبضرورة " إمداد صاحبة الشكوى وبناتها معلومات مفصلة عن النتائج المتمخضة عن تحقيقاتها" و"الإفراج عنه على الفور في حالة ما إذا كان لا يزال محتجزا سرا" أو، في حالة وفاته"إعادة رفاته إلى أهله "و" متابعة ومقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات التي ارتكبت "و" تقديم تعويض مناسب للعائلات عما لحق بالضحايا من انتهاكات ". كما يتوقع من الحكومة الجزائرية أن تنشر هذا القرار في الوسائل العامة وأن تبلغ اللجنة عن التدابير المتخذة لتنفيذ ذلك في غضون ستة أشهر.

وهكذا تجدر الإشارة مرة أخرى، أن لجنة حقوق الإنسان قد سجلت ملاحظتها معتبرة أن المرسوم القاضي بتطبيق "ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" يشكل انتهاكا للعهد الذي صدقت عليه الجزائر، كون أن هذا المرسوم يشكل عائقا أمام وسائل انتصاف فعالة لتحقيق العدالة لضحايا جرائم مثل التعذيب وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري.

الجزائر - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 12 سبتمبر 1998

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: 12 سبتمبر 1998
التقرير الحكومي مرتقب منذ 1 نوفمبر 2011 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية 12 ديسمبر 2007
قدمت الكرامة تقرير متابعة في 5 نوفمبر 2011 (PDF)

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 12سبتمبر 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 شكاوى فردية): نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 20 يونيو 2008 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 16 مايو 2008

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: 6 فبراير 2007

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: مايو 2012 (الدورة الثانية)
الاستعراض المقبل: لم يعلن عنه بعد

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها (CNCPPDH) تصنيف ب