27 تموز/يوليو 2010

العراق: انتقال أحد ضحايا تعذيب سجن أبو غريب عبر ثمانية سجون في غضون خمس سنوات من الاعتقال

في حين أن أشباح أبو غريب لم يتم التخلص منها بعد، وفي الوقت الذي لا يزال موضوع الغلق غير المؤكد لمركز الاحتجاز الأمريكي في خليج غوانتانامو، يلوح بعيدا في الأفق، تتكشف باطراد المزيد من حالات التعذيب في العراق، ثبت تورط عدد من عناصر قوات الجيش الأمريكي في ارتكابها، مما ساهم في إماطة اللثام بشكل متزايد عن سجل الولايات المتحدة المتعلق بممارستها التعذيب.

وفي هذا الصدد، تلقت الكرامة مؤخرا قضية لاجئ فلسطيني في العراق، وهو السيد محمود الخياط، الذي قضى ما يقرب من خمس سنوات في الحجز، تم نقله خلالها بين ثمانية مراكز اعتقال وسجون منفصلة. وخلال فترة السنوات الخمس هذه، كان الجيش الأمريكي مسؤولا عن اثنين من بين تلك المراكز الخمسة، التي تعرض خلالها محمود الخياط للتعذيب لفترات مطولة.

وللتذكير، فالسيد محمود حكمت راشد الخياط ، البالغ حاليا 50 سنة من العمر، هو في الأصل من قاطني مخيم البدوي للاجئين في طرابلس، لبنان، لكنه يقيم ويعمل في الكرادة، في بغداد منذ أكثر من 20 سنة. وفي 15 شباط / فبراير 2005، ألقي عليه القبض دون أمر قضائي من قبل الكتيبة 101 التابعة للجيش الأمريكي المتمركزة في الكرادة، ثم اقتيد على إثرها إلى مطار صدام حسين الدولي (الذي كان يستخدم في واقع الأمر كمركز احتجاز في ذلك الوقت)، حيث أمضى أسبوعا قبل نقله إلى معتقل أبو غريب، المركز الذي اكتسب سمعة سيئة للغاية بسبب ما كان يمارس من أصناف التعذيب الشنيع خلف أسواره.

ادعاءات التعذيب

وقد أفادت مصادر الكرامة، أن السيد الخياط أمضى ما مجموعه خمسة أشهر في سجن أبو غريب، في الفترة ما بين 22 شباط/ فبراير 2005 وتموز / يوليو 2005. وقد تعرض على ما يبدو للتعذيب لمدة شهرين وبعد ذلك وضِع رهن الاعتقال السري لمدة ثلاثة أشهر، قصد التئام جراحه واختفاء آثار التعذيب. وتفيد التقارير أن "أساليب قسرية" استخدمت ضده لانتزاع منه الاعترافات، من قبيل الضرب المبرح والتعذيب بواسطة الصدمات الكهربائية، واستخدام رذاذ الفلفل في عينيه. وقد تُرِك يعاني دون علاج من كسور في أسنانه الأمامية، وانفجار أحد عروق ذراعه نتيجة إصابته بعيار ناري، هذا بالإضافة إلى جروح متعددة لم تستثني جزء من جسمه. وقد تم لاحقا استخدام الاعترافات التي انتزعت منه تحت التعذيب، لإدانته خلال محاكمته أمام محكمة عراقية في عام 2007.

ومنذ عام 2004، جرت مجموعة من التحقيقات وعمليات التفتيش خصت معتقل أبو غريب، وقد أجرت هذه التحقيقات بالتحديد، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك في أيار/ مايو 2004، وقد توصلت هذه التحقيقات إلى الدليل الذي يثبت "وجود نمط محدد ونظام ينتهج على نطاق واسع" في مجال ممارسة التعذيب. ومنذ ذلك الحين، قدم عدة مسؤولين في الجيش الأمريكي تصريحات علنية تؤكد أن الدور الرئيسي الذي كان يضطلع به سجن أبو غريب يتمثل في انتزاع "اكبر قدر ممكن من المعلومات من [المحتجزين]".
استمرار عمليات نقل المحتجزين عبر السجون المختلفة، والمحاكمات المجحفة

وفي تموز/ يوليو 2005، نقل الجيش الأمريكي السيد الخياط إلى سجن بوكا في البصرة. وبعد عام من ذلك، أي في يوليو / تموز 2006، تم نقله مرة أخرى إلى سجن أبو غريب، حيث قضي مدة شهرين قبل نقله من جديد إلى مطار صدام حسين الدولي. وبعد سبعة أشهر، تم تسليمه إلى السلطات العراقية، وكان ذلك في 24 نيسان/ أبريل 2007، ثم أمضي الأشهر الثمانية التالية في سجن بادوش في مدينة الموصل.

وأثناء احتجازه في سجن بادوش، قُدِم للمحاكمة على الرغم من عدم استطاعته توكيل محامي للدفاع عنه. وعندما أبلغ السيد الخياط قاضي المحكمة أن الاعترافات الواردة في المحضر فد انتزعت منه تحت وطأة التعذيب، تم تجاهل هذه المعلومات من قبل المحكمة، ثم أعقب ذلك إدانته بشكل سريع. وحكم بالفعل على السيد الخياط بعقوبة سجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة "مخالفة قانون الإقامة"، على الرغم من حيازته على تصريح إقامة منذ عام 1989.

وعقب الحكم الصادر بحقه، تم نقله إلى سجن قلعة سوسة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، ثم لاحقا إلى سجن الرصافة، وذلك في نيسان / أبريل 2009.

وبعد إتمامه مدة عقوبته بالكامل، أفرج أخيرا عن السيد محمود الخياط في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2009، ليتم ترحيله إلى سوريا، حيث يعيش الآن مع زوجته و أطفاله الثلاثة.
وخلال مقابلة صحفية في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2008 مع مراسل شبكة ايه بي سي نيوز العالمية، جوناثان كارل، صرح نائب الرئيس السابق ديك تشيني قائلا: "أما بشأن مسألة ما يسمى بالتعذيب، فإننا لا نمارس التعذيب، ولم نمارسه يوما قط. انه أسلوب لا تؤيده هذه الإدارة".

ومع ذلك فإن إفادات محمود الخياط تخالف ذلك.