04 شباط/فبراير 2015

الجزائر: الأمم المتحدة تدين إعدام السيدة نجمة بوزعوط خارج نطاق القضاء من قبل الحرس البلدي لوجانة (جيجل) في 26 يناير 1996

أثبتت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في دورتها 111، مسؤولية سلطات الجزائر في جريمة اغتيال السيدة نجمة بوزعوط، زوجة السعيد بوصلوب، بتاريخ 26 يناير 1996 ببلدية وجانة قرب الطاهير بولاية جيجل.

إعدام خارج القضاء لأُمَّين وطفلة في السادسة
رافق أفراد الحرس البلدي لوجانة المتورطين في هذه الجريمة أفراد من الجيش الوطني الشعبي المتمركزين بهذه القرية. وفي حدود الساعة السابعة صباحا، حاصر أفراد الحرس البلدي بيتي أسرتي بوصلوب ويسعد، وبدأوا في إطلاق النار على واجهات البيتين. في تلك الأثناء فتحت نجمة بوزعوط باب بيتها لتجد نفسها وجها لوجه مع المسمى الربيع صلوبي الذي لم يتردد في إطلاق النار عليها عن قرب ليرديها قتيلة في الحين.

بعد ذلك دخل عبد الحميد صلوبي أحد رجال المليشات إلى البيت وهدد كل من كان هناك، وضرب السعيد بوصلوب زوج الضحية بعنف تسبب في جرحه، ثم جره خارج البيت وأجبره على امتطاء إحدى المركبات العسكرية المدرعة، التي انطلقت بهم إلى مقر فرقة الدرك الوطني لبوشرقة بالطاهير مع أشخاص آخرين من القرية، وهناك تعرض للتعذيب عدة أيام قبل أن يفرج عنه.

في نفس الآن هاجم رجال المليشيات بيت جاره يسعد، وقاموا بتصفية زهرة يسعد المولودة قناط البالغة من العمر 40 سنة، وابنتها الصغيرة سمية البالغة من العمر ستة سنوات بعد أن أطلقوا عليهم عدة أعيرة نارية بكل برودة.

وحسب الشهود، والناجين من الأسرتين، شارك العديد من رجال المليشيات بشكل مباشر في الجريمة، تم التعرف عليهم وتحديد هويات بعضهم، ويتعلق الأمر بكل من الربيع صلوبي وعبد الحميد صلوبي، المدعو محمد  إضافة إلى الربيع وكمال كعيكع.

هؤلاء الرجال برروا هذه العملية التي غطاها الجيش الجزائري على أنها كانت انتقاما لمقتل ثلاثة زوجات لعناصر من المليشيا المحلية قرب قرية وجانة من قبل جماعة مسلحة مجهولة الهوية.

وفي نفس اليوم أعلنت قناة التلفزيون الرسمية في نشرتها للساعة 8 مساءا عن مقتل سبعة نساء بقرية وجانة، وحملت جميع الجرائم "للجماعات الإرهابية". وجاء في محضر الدرك في قضية نجمة بوزعوط أن جماعة مسلحة مجهولة الهوية هي المسؤولة عن الجريمة. ويجب التذكير أن وسائل الإعلام الرسمية درجت خلال سنوات الحرب الأهلية على تحميل مسؤولية المجازر والجرائم المرتكبة من قبل القوات المسلحة والمليشيات التابعة لها ومختلف مصالح الأمن للجماعة الإسلامية المسلحة أو "لجماعات إرهابية مجهولة الهوية".
مساعي أسرة الضحية
بعد وقوع هذه الجريمة، استدعى قاضي التحقيق بمحكمة الطاهير السعيد بوصلوب، زوج الضحية ، الذي صرح بما عاينه ذاكرا أسماء عناصر حرس بلدية وجانة المشاركين في العملية الانتقامية. فلامه القاضي على "الاتهام الباطل لقوات الأمن" ورفض إدراج أقواله في المحضر. ولم يتوصل السعيد بأية معلومات عن الإجراءات التي اتخذها قاضي التحقيق أو نيابة المحكمة.

ونظرا لمناخ الرعب الذي كان سائدا في المنطقة، أحجم السعيد بوصلوب عن تقديم أية شكوى ضد عناصر الحرس البلدي الذين كانت لهم سلطة الحياة أو الموت على المواطنين في إفلات تام من العقاب. كما أن عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية، رغم ممارستها على نطاق واسع في تسعينيات القرن الماضي، وخاصة في المناطق النائية، لم تؤد إلى تعبئة كبيرة لأقارب الضحايا الذين يعدون بعشرات الآلاف في ربوع البلاد.

ولم يجرؤ السعيد بوصلوب على رفع شكوى ضد المتورطين في قتل زوجته إلى النيابة العامة بجيجل إلا سنة 2001، بعدما خفت حدة التجاوزات في حق المدنيين. ولم تر النيابة ضرورة في فتح تحقيق في هذه الجريمة، أو إطلاع ذوي الحق على الإجراءات التي قام بها قاضي التحقيق بعد الواقعة.

وبعد أن يأس السيد بوصلوب من الحصول على العدالة في بلده، قام بتوكيل الكرامة لتقدم شكوى نيابة عنه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي أدانت في السنوات الأخيرة الحكومة الجزائرية أكثر من عشرين مرة لمسؤوليتها في حالات الاختفاء القسري، وكانت هذه المرة أمام قضية تتعلق بالحرمان من الحق في الحياة ممثلة في إعدام خارج نطاق القضاء لربة بيت جزائرية من قبل موظفين حكوميين.

التحديد المباشر لهوية المسؤولين عن الجريمة
تشكل قضية نجمة بوزعوط سابقة لكون المسؤولين المباشرين عن الجريمة أفراد من الحرس البلدي، حددت هويتهم بدقة، وكانوا يتصرفون بشكل رسمي بتواطؤ مع الجيش. وبالتالي لايمكن للسلطات أن تلجأ إلى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أو إلى ذرائعها المعتادة من قبيل أن "الوضع الأمني خارج عن سيطرتها" أو أن "التجاوزات فردية" أو أنها "أفعال معزولة" للتهرب من مسؤوليتها في اتخاذ التدابير الفعلية الواردة في قرار اللجنة الأممية.

قرار لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان
رفضت اللجنة الأممية كل الحجج والتبريرات المقدمة من قبل السلطات الجزائرية، واعتبرت أن هذه الأخيرة انتهكت التزاماتها بشأن الحق في الحياة المنصوص عليه في الفقرة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وطالبت السلطات بفتح تحقيق معمق ودقيق في إعدام السيدة نجمة بوزعوط ، وتقديم المسؤولين للعدالة وتعويض ذوي الحقوق عن الأضرار التي لحقتهم.

تحيي الكرامة هذا القرار الجديد، وتنادي السلطات الجزائرية بالامتثال لالتزاماتها الدولية، بإنصاف الضحية وأقاربها، ووضع حد نهائي للإفلات من العقاب الذي يحمي كل المتورطين في هذه الجرائم.

وأعطت اللجنة الأممية مهلة ستة أشهر للسلطات الجزائرية لإطلاعها عن التدابير التي اتخذتها بشأن هذا القرار الذي ستدرجه في تقريرها السنوي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك خلال دورتها القادمة.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم 0041227341007 ـ تحويلة 810

آخر تعديل على الثلاثاء, 24 شباط/فبراير 2015 13:55