26 تشرين2/نوفمبر 2015

الأردن: تقرير الكرامة يكشف عن ممارسة التعذيب من قبل أجهزة الاستخبارات

الأردن: تقرير الكرامة يكشف عن ممارسة التعذيب من قبل أجهزة الاستخبارات كلاوديو غروسمان، رئيس لجنة مناهضة التعذيب

 أحالت الكرامة، في 23 أكتوبر 2015، تقريرها (تقرير الظل) عن ممارسة التعذيب في الأردن إلى لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، وذلك في إطار التحضير لاستعراض البلاد من قبل اللجنة خلال دورتها السادسة والخمسون. وأشارت الكرامة إلى أنه على الرغم من بعض الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة الأردنية منذ استعراضها الأخير سنة 2010،

لازال التعذيب وممارسات أخرى مستمرة في الأردن لا سيما من قبل المخابرات الأردنية التي تقوم بصورة منهجية بإلقاء القبض واحتجاز وتعذيب المعارضين والمتظاهرين السلميين والعاملين في وسائل الإعلام استنادا لقانون مكافحة الإرهاب، بهدف تزويد محكمة أمن الدولة "بالاعترافات" التي سيتم استخدامها بعد ذلك كدليل.

ويرمي تقرير الكرامة إلى تقديم معلومات بديلة إلى خبراء اللجنة المستقلين لكي تساعدهم على تقييم"التقرير الوطني" بشأن تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب ، وتوصيات لجنة مناهضة التعذيب السابقة. كما يعطي أيضا عدة توصيات إلى السلطات الأردنية لمعالجة هذه القضايا.

جوانب القصور في حظر وتجريم التعذيب

عمدت الأردن منذ استعراضها الأخير من قبل لجنة مناهضة التعذيب، على إدراج حظر التعذيب في دستورها. وقامت في يناير عام 2014 بتعديل المادة 208 من قانون العقوبات الأردني، الذي يعرف ويجرم التعذيب، وأزالت جملة "التعذيب غير القانوني"، كما أوصت بذلك اللجنة في 2010. وبينما تدعو المادة 4 من اتفاقية مناهضة التعذيب إلى أن "تجعل كل دولة طرف هذه الجرائم مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تاخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة"، إلا أن المادة 208 من قانون العقوبات الأردني اكتفت بالنص على معاقبة مرتكبي هذه الجريمة بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وهي عقوبات عادة ما تكون لمعاقبة جنحة، ولا يمكن اعتبارها مناسبة لجريمة التعذيب أو وسيلة للردع عن ذلك.

الانتهاكات المرتكبة في إطار مكافحة الإرهاب

وما يثير القلق بوجه خاص هو قانون منع الإرهاب رقم 55 لعام 2006، المعدل في يونيو 2014، الذي وسع تعريف الإرهاب ليشمل أفعالا غير عنيفة لا يجب توصيفها على هذا النحو، كما أعرب عن ذلك المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة في تقريره لسنة 2009: "تعريف الجرائم الإرهابية ينبغي أن يقتصر حصرياً على الأنشطة التي تنطوي على استخدام العنف المميت أو الخطير ضد المدنيين أو تتعلق به مباشرة".

إلا أن تهمة الإرهاب غالباً ما تلجأ لها مديرية الاستخبارات العامة الواقعة تحت السلطة المباشرة للملك والمكلفة بالتحقيق في تهديدات الأمن القومي. وتقوم في هذا السياق بالقبض على الأشخاص واعتقالهم بسبب ممارسة حقوقهم الأساسية في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، قبل تقديمهم إلى محكمة "أمن الدولة" بزعم "الإخلال بالنظام العام" أو " الإضرار بالعلاقات مع بلد أجنبي" أو " ترويج أفكارهم [الإرهابية] ".

كما هو الشأن بالنسبة لعامر جميل جبران أحد المدافعين عن القضية الفلسطينية، الذي كان يعبر عبر عن آرائه على مواقع التواصل الاجتماعي. ألقي عليه القبض في مايو عام 2014، ثم احتجز بمعزل عن العالم الخارجي وتعرض للتعذيب في مقر دائرة المخابرات العامة التي وجهت له سلسلة اتهامات تتعلق بجرائم إرهابية تتضمن "أفعال من شأنها الأضرار بالعلاقات مع حكومة أجنبية" وحكم عليه في 29 يوليو 2015 بالسجن 10 سنوات مع الأشغال الشاقة.

انتزاع اعترافات تحت التعذيب واستخدامها كأدلة أثناء المحاكمات

غالبا ما يحتجز الأشخاص، في مقر دائرة المخابرات العامة بالجندويل في محافظة العاصمة عمان، بمعزل عن العالم الخارجي، وهي وضعية تسهل ممارسة التعذيب. وهناك يتعرضون لسوء المعاملة والتعذيب بهدف انتزاع اعترافاتهم لاستخدامها كأدلة أمام محكمة أمن الدولة. ولازالت هذه المحكمة الاستثنائية قائمة ولها صلاحية النظر في قضايا الإرهاب، رغم التوصيات السابقة للجنة المعنية بحقوق الإنسان المتحدة ولجنة مناهضة التعذيب، بإلغائها بسبب افتقارها للاستقلالية.

الإفلات من العقاب لمرتكبي جريمة التعذيب

وتبقى أفعال التعذيب هذه دون عقاب إلى حد كبير بسبب الثغرات القائمة في هيئات تقبل الشكاوى والآليات القضائية المكلفة بالفصل في ادعاءات التعذيب، وكلاهما يفتقر إلى الاستقلال عن الحكومة. على سبيل المثال تتألف محكمة الشرطة المختصة بمحاكمة موظفي الأمن العام وزارة الداخلية من قضاة يعينهم مدير الأمن العام نفسه. وعلاوة على ذلك فإن القانون المعقد وغير شفاف يجعل من الصعب تحديد المحكمة المختصة بالنظر في قضايا أعضاء دائرة المخابرات العامة. والواقع أنه لم تتم أبدا متابعة أو معاقبة أي عنصر من المخابرات العامة بشأن الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، ولم تتم أبدا إدانة أي ضابط شرطة لقيامة بأعمال التعذيب بموجب المادة 208 من قانون العقوبات.

الكرامة تدعو الأردن إلى وضع حد نهائي لممارسة التعذيب

توضح الكرامة أن القضايا المذكورة أعلاه ليست إلا عينة يسيرة للقضايا التي تشغلها بشأن ممارسة التعذيب في الأردن. وتوصي الحكومة الأردنية بإعطائها الأولوية من أجل وضع حد نهائي لممارسة التعذيب في البلاد. وإذا كانت السلطات تنوي فعلا القضاء نهائياعلى التعذيب، كما عبرت عن ذلك إبان مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب سنة 1991، يتوجب عليها ضمن أمور أخرى:

• تجريم التعذيب بشكل واضح، والنص على عقوبات ملائمة وفعالة لتلك الجريمة؛
• تعديل "قانون" مكافحة الإرهاب، وإلغاء محكمة "أمن الدولة"؛
• حظر استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، ومراجعة جميع حالات الإدانة استناداً إلى هذه الاعترافات؛
• وضع كافة أجهزة أمن الدولة، لا سيما دائرة المخابرات العامة، تحت سلطة المدعي العام؛
• مساءلة المتورطين في هذه الممارسة وتعويض الضحايا.

وترى الكرامة أن معالجة هذه القضايا أمر ضروري لضمان سيادة القانون البلاد وحظر التعذيب نهائيا في البلاد. وتوضح إيناس عصمان، المنسقة القانونية المسؤولة عن المشرق العربي بمؤسسة الكرامة "يجب تذكير السلطات بأن اعتبارات الأمن القومي لايمكنها ابدأ أن تبرر تهربها من المنع المطلق للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا يمكن استخدامها كأداة لقمع الذين يعبرون سلميا عن آرائهم.

وتأمل الكرامة أن تعالج سلطات البلاد القضايا التي أثيرت في تقرير الظل الذي رفعته الكرامة من خلال حوار بين لجنة مناهضة التعذيب وممثلي "الدولة الطرف" لوضع حد للتعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لكرامة الإنسان. يمكنكم الاطلاع على تقرير الكرامة كاملا بالنقر هنا

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي
عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 41 00

آخر تعديل على الثلاثاء, 01 آذار/مارس 2016 08:55