طباعة
06 شباط/فبراير 2013

العراق: تاجر عربي محتجز في سجن السوسة منذ عام 2006

 

غداة الغزو الأمريكي للعراق، ألقي القبض بشكل تعسفي على عدد كبير من المواطنين العرب من غير العراقيين، تعرضوا للاعتقال والتعذيب بين عامي 2003 و 2009 من قبل السلطات الأمريكية والعراقية للاشتباه في انتمائهم إلى "المقاومة المسلحة" ضد "قوات الاحتلال الأمريكي". وبعد الحكم عليهم بعقوبات سجن ثقيلة بشكل مفرط، أو بعقوبة الإعدام، في محاكمات تفتقر لأدنى الضمانات القانونية، أصبحت هذه المجموعة من المعتقلين غير العراقيين، تعرف باسم "الأسرى العرب"، ويعد رامي*، المعتقل منذ عام 2006 في سجن السوسة، أحد أفراد هذه المجموعة.


لقد ولت منذ فترة طويلة تلك الأيام التي كان فيها رامي *، وهو تاجر عمره 45 عاما، يسافر ذهابا وإيابا إلى العراق، لبيع بعض السلع البسيطة وسيلة لكسب العيش، حيث ألقي عليه القبض أيام عيد الأضحى المبارك، قبل حوالي سبع سنوات، بالقرب من بلدة حديثة، في محافظة الأنبار من قبل القوات المشتركة، الأمريكية والعراقية، وما كان يفترض أن يكون يوم احتفال، انقلب بالنسبة إليه، إلى كابوس هوى به إلى جرف سحيق.

في مقابلة مع الكرامة، يروي رامي أطوار محنته، التي بدأت بتعرضه للضرب والشتم من قبل القوات الأمريكية والعراقية، وذلك دون حتى استظهار مذكرة توقيف أو إبلاغه عن مبررات تصرفاتهم، حيث تم اقتياده إلى مطار المثنى، أين وضع رهن الحجز السري بمعزل عن العالم الخارجي في زنزانة لا يتجاوز قياسها 1.5 على 1.5 مترا، إلى غاية نقله إلى ما كان يعرف بسجن أبو غريب، سيء السمعة ( الذي أصبح يسمى سجن بغداد المركزي). وقد أفاد رامي، أنه إلى جانب تعرضه للضرب المبرح، تعرض لأساليب أخرى من التعذيب، مثل التعرض لدرجات حرارة منخفضة للغاية لعدة ساعات، فضلا عن حالة الاختناق التي كانت تتسبب في فقدانه الوعي.
وفي ذكر تفاصيل محنته، عند حديثه إلى الكرامة، قال رامي: "وفي نهاية المطاف، أجبرت على التوقيع على اعترافات كاذبة، تزعم أنني دخلت العراق بطريقة غير مشروعة، وقد وعدوني بإطلاق سراحي وإعادتي إلى بلدي".

لم تكن عملية إلقاء القبض على السيد رامي تعسفية فحسب، بل إن اعتقاله الحالي هو أيضا أجراء تعسفي، في غياب محاكمة تتوفر فيها الشروط اللازمة. وفي شهر آب/ أغسطس 2006، مثل أمام أحد القضاة في إطار الإجراءات القانونية، وفي وقت لاحق، في سبتمبر 2006، اقتيد إلى إحدى غرف المحكمة، حيث وجهت إليه تهمة دخول العراق بطريقة غير مشروعة. وقد أبلغ الكرامة قائلا: "لم أمنح الفرصة للرد على هذا الادعاء"، وفي ختام الجلسة، اقترب منه شخص قدم نفسه باعتباره المحامي المكلف بالدفاع عنه، وأبلغه بأنه قد صدر للتو حكما متهما إياه بالدخول غير المشروع إلى العراق، دون أن يقوم هذا المحامي المفترض بمناقشة قضيته أثناء الجلسة أو دراسة حيثيات الملف استعداد لتولي مهمة الدفاع عنه، ورغم أن ضرورة توفير محام يشكل ضمانة واضحة، ومحددة تشترط في كل محاكمة عادلة، لم يستفيد رامي من هذا الحق الأساسي. وفي نهاية المجلسة، حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما، حكم لم يستند فيه القاضي إلا إلى الاعترافات التي انتزعت من المتهم تحت وطأة التعذيب، ثم أضاف رامي قائلا "لم أمنح فرصة الطعن في الحكم الصادر ضدي"، وفي نوفمبر 2006، تم نقله أخيرا إلى سجن السوسة، حيث لا يزال حتى الآن.

وفي عام 2008، صدر عفو عام يشمل " جميع العراقيين المحكوم عليهم، وكل المقيمين في العراق الذين صدرت أحكام بحقهم" بموجب القانون رقم 19 لسنة 2008، غير أن رامي لم يستفيد من ذالك القانون، بما يجعل هذا العفو في واقع الأمر، بمثابة إجراء تمييزي، إذ يقصي من الاستفادة منه، هذه الفئة بعينها من السجناء التي ينتمي إليها رامي، رغم أنه من حق الأجانب التمتع بنفس الضمانات القانونية وكفالة حماية حقوقهم وحرياتهم الأساسية، مثلهم مثل المواطنين العراقيين، وفي هذا الصدد يتعين على السلطات العراقية أن تفي بالتزاماتها في هذا الشأن، وذلك عن طريق إصدار عفو عن رامي وعن جميع الأشخاص الذين يوجدون في نفس الوضع.
وشعورا منها ببالغ القلق بخصوص وضعية رامي، أبلغت الكرامة فريق العمل للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي وغيره من آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، بشأن هذه القضية ودعت السلطات العراقية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الإفراج عنه فورا.

* نظرا لخطر تعرضه للانتقام، آثرنا استخدام اسما مستعارا.

آخر تعديل على الخميس, 14 آذار/مارس 2013 16:38