طباعة
10 شباط/فبراير 2008

مصر: فريق العمل يوصي بالإفراج عن عبد الجواد العبادي، المعتقل تعسفا منذ أكثر من ثلاث عشرة سنة

لاحظ فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في قراره يوم 22 تشرين الثاني ( نوفمبر)  2007  بأن الدولة المصرية تنتهك المبادئ الأساسية من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبأنها تعتقل السيد العبادي اعتقالا تعسفيا، وبناء عليه، يوصي فريق العمل بإطلاق سراحه.

الحيثيات

و كانت الكرامة قد طلبت في بلاغ لها بتاريخ 28 كانون الثاني ( يناير) 2007، من فريق العمل التدخل لدى السلطات المصرية، وأوضحت المنظمة في بلاغها ذلك، قضية السيد عبد الجواد محمود عامر العبادي، البالغ من العمر حاليا 53 سنة، والمعتقل منذ تاريخ 6 شباط (فبراير)  1994، عقابا له على تجرؤه توجيه علانية، وفي مناسبات عديدة، انتقادات لرئيس الدولة المصرية، السيد حسني مبارك.

وللعلم فإن السيد العبادي، موظف لدى شركة كهرباء بمنطقة أجهور الكبرى ( القليوبية) حيث يقيم مع أفراد أسرته، وقد تم توقيفه ليلا بمقر سكناه من قبل مصالح أمن الدولة دون أمر قضائي. وبعد اقتياده إلى المقر المركزي بالقليوبية، تم اعتقاله لمدة شهر واحد في سرية تامة، تعرض خلالها للتعذيب مرات عدة، منها على وجه التحديد تعليق جسده مرارا لفترات طويلة في وضعيات مختلفة، كما أنه تعرض للجلد ثم لصدمات كهربائية على أجزاء مختلفة من الجسم، علاوة على ممارسة شتى أصناف التعذيب النفسي عليه، من جملتها، الحرمان من النوم، والتهديد بالقتل وبتعريض أفراد أسرته للاعتداء الجنسي.

ثم ضل معتقلا دون أن توجه إليه أي تهمة ودون أن يقدم أمام هيئة قضائية، واستمر ذلك إلى غاية شهر آذار ( مارس) 1997، أي طيلة 13 سنة في سجن أبي زعبل. وفي غضون السنوات الثلاث الأولى من اعتقاله، قدم أمام الهيئات القضائية المختصة، طلبات عديدة للإفراج عنه، وبعد أن لاحظت هذه الأخيرة غياب متابعات قضائية ضده، استجبت لكافة طلباته وأصدرت أمرا بالإفراج عنه. ورغم إصدار هذا القرار، رفضت السلطات التابعة للوزارة الداخلية الاستجابة لها وإطلاق سراحه، لا بل ووجهت له تهديدات مفادها أنه "في حالة استمراره في تقديم الطعون لدى المجالس القضائية قصد الإفراج عنه، بأنه سوف يصدر في حقه بكل بساطة إدانة حسب الأصول".

وتم ذلك بالفعل، فبعد مضي ثلاث سنوات من الاعتقال الإداري، نفذت السلطات المسؤولة تهديداتها، فأحالته على القضاء العسكري الذي أدانه بعقوبة سجن نافذة مدتها عشر سنوات، في محاكمة جاءرة بشكل صارخ، لم تحترم فيها أي حق من حقوقه الأساسية. كما أنه حُرِم، خلال السنوات الأولى من اعتقاله، من حقه في الزيارة العائلية، ولم يسمح له إلى يومنا هذا بتوكيل محام من اختياره للدفاع عنه.

وأخيرا، ورغم قضاءه فترة عقوبة السجن بالكامل، وذلك في شهر شباط ( فبراير) 2008، رفضت السلطات مرة أخرى الإفراج عنه بناء على إجراءات جديدة في إطار الاعتقال الإداري.

وكانت الحكومة المصرية ادعت أمام فريق العمل التابع للأمم المتحدة، أن السيد العبادي قد أفرج عنه في عام 1994 وأنه سافر إلى المملكة السعودية حيث أقام بها إلى غاية عام 1998 وأنه تم إلقاء القبض عليه بعد ذلك في تاريخ 30 كانون الثاني ( يناير) 1998 بسبب أنشطته المتطرفة وتم الحكم عليه بعقوبة 5 سنوات سجن نافدة من قبل محكمة عسكرية قبل أن يطلق سراحه في يوم 24 أيلول ( سبتمبر) 2003، وتزعم السلطات المصرية  أنه اعتقل من جديد يوم 3 كانون الثاني ( يناير)  2007، لكن في حقيقة الأمر، فإن السيد العبادي لم يطلق سراحه بالمرة كما تدعي الحكومة المصرية، سواء كان ذلك بعد اعتقاله الأول، أي في عام   1994 أو بعد انتهاء فترة عقوبته يوم 24 أيلول ( سبتمبر) 2003 ، كما أنه من المعروف في مصر، أن الأشخاص الذين تصدر  العدالة قرارا بالإفراج عنهم، يتم تحويلهم تلقائيا من السجن إلى أماكن اعتقال تابعة للأمن أو لمصالح الاستخبارات قبل أن يودعوا السجن من جديد عن طريق إحدى إجراءات  الاعتقال الإداري.

وبذلك، فعقب كل قرار بالإفراج صادر عن هيئة قضائية مدنية، قامت مصالح الأمن بنقل السيد العبادي إما إلى إحدى مقراتها ليعاد نقله بعد أيام قليلة مجددا إلى نفس السجن، أو ليُحوّل إلى سجن آخر بعد مروره بمقرات المصالح هذه.

استنتاجات الفريق العامل المعني بالاعتقال لتعسفي

ويُذكِر فريق العمل أن لجنة حقوق الإنسان ما فتئت توصي بعدم تقديم المدنيين أمام المحاكم العسكرية، التي لا يمكن تبرير اللجوء إليها إلا في حالة عدم اختصاص المحاكم المدنية للبت في هذه القضايا.

ويلاحظ فريق العمل أيضا أن  الحكومة المصرية لم تنفي أي من التأكيدات الواردة المتعلقة بالطابع  الجائر لمحاكمة السيد العبادي، ولا بتوقيفه دون أمر قضائي، وما تعرض له من تعذيب بالإضافة إلى حرمانه من حقه في توكيل محام من اختياره للدفاع عنه.

وتسجل الهيئة الأممية أن السلطات المصرية التي  نسبت إلى السيد عبد الله عبادي تبني أفكار متطرفة، وبررت اعتقاله الإداري بحجة قيامه بنشاطات مفترضة للترويج لأفكاره، لم تحدد هذه السلطات طبيعة هذه النشاطات بصورة ملموسة.

كما يُذكِر فريق العمل بواجب الدولة القاضي باحترام المعايير القانونية الأساسية السائدة أثناء فترة العمل بحالة الطوارئ، وهو ما يحتم على الحكومة احترام قرارات الإفراج الصادرة عن المحاكم المختصة.

وبناء على ذلك، تعتبر الهيئة الأممية، أن الحكومة المصرية، قد قامت، فيما يخص حالة السيد العبادي، بانتهاك كل من المادة 9 ( الحق في الحرية والأمن) والمادة 14 ( الحق في العدالة) من الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، المصادق عليه من قبل دولة مصر في تاريخ 14 كانون الثاني ( يناير) 1982، وتخلص المؤسسة الأممية إلى أن الحرمان من الحرية يعد أمرا تعسفيا وتوصي بذلك الحكومة المصرية بالإفراج عن السيد العبادي.

الكرامة لحقوق الإنسان، 8 شباط ( فبراير) 2008
آخر تعديل على الخميس, 14 شباط/فبراير 2008 11:51