31 تشرين1/أكتوير 2008

الولايات المتحدة الأمريكية: اعتقال ثلاث رعايا سودانيين تعسفا في معتقل غوانتانامو

توجهت الكرامة لحقوق الإنسان في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2008  بشكوى إلى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي تحيطه علما بشأن اعتقال ثلاثة رعايا سودانيين تعسفا في القاعدة العسكرية الأمريكية في خليج غوانتانامو، كان قد أفرج عنهم في وقت لاحق.

وكان السيد عادل حمّاد المطلّب يعمل منذ عام 1999 لحساب منظمة خيرية إسلامية، تعني خاصة بشؤون اللاجئين الأفغان في باكستان. ألقي عليه القبض في 18 تموز / جويلية 2002، من قبل أفراد من الجيش الباكستاني، وظل معتقلا في مقرات مصالح الاستخبارات الباكستانية إلى غاية تشرين الأول / أكتوبر 2002، حيث تم نقله إلى مركز اعتقال مجهول. وتم تسليمه في كانون الثاني / جانفي 2003 إلى الجيش الأمريكي  الذي قام بنقله إلى القاعدة الجوية العسكرية في باغرام، أين خضع للاستجواب وتعرض لأصناف التعذيب، منها على وجه الخصوص الترهيب عن طريق استخدام الكلاب والحرمان من النوم والحبس الانفرادي في عزلة تامة.

وفي آذار / مارس 2003، نُقِل علن طريق الجو إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في خليج غوانتانامو، رفقة عشرات من المعتقلين الآخرين. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن ظروف النقل تميزت بدرجة كبيرة من اللا إنسانية والمهانة. أما فيما يتعلق بظروف الاحتجاز في المعتقل، فقد كانت جد قاسية، إذ تعرض السيد المطلب للعديد من أصناف التعذيب خلال استجوابه، منها الحرمان من النوم ومن الرعاية الصحية، فضلا عن مختلف أنواع التعذيب النفسي. وهو الآن يعاني من قصور في الرؤية والسماع من جراء سوء المعاملة. وقد أفرج عنه من معتقل غوانتانامو في 11 كانون الأول / ديسمبر 2007.

وقد صنفت "محكمة مراجعة وضع المقاتلين" السيد المطلب في عام 2004 بأنه "مقاتل عدو"، رغم كونه لم توجه إليه أبدا أي تهمة بشكل رسمي، ولم يمكَّن من حقه في الطعن في شرعية احتجازه أمام هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة.

وقد عمل السيد سالم محمود آدم منذ عام 1994 في باكستان لحساب منظمة خيرية إسلامية، وكان يقوم في إطار عمله هذا بتفقد المدارس التي تم إنشاءها بأموال التبرعات. وفي 25 أيار / ماي 2002، ألقي عليه القبض في منزله على يد أفراد من الجيش الباكستاني وسُجِن لمدة 12 يوما سرا في مقرات مصالح الاستخبارات الباكستانية. وفي 7 حزيران/ جوان 2002، تم تسليمه إلى القوات العسكرية الأمريكية، التي قامت بنقله إلى قاعدة باغرام حيث استُجْوِبَ وتعرَّضَ للتعذيب، خاصة عن طريق إجباره على المكوث في وضعيات مجهدة ومؤلمة، بالإضافة إلى حرمانه من أي شكل من أشكال الرعاية الطبية.

وفي 4 آب / أوت 2002، اقتيد رفقة عشرات من السجناء الآخرين عن طريق الجو إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في غوانتانامو. وهنا أيضا تميَّزت ظروف النقل بدرجة كبيرة من اللاإنسانية والمهانة. وفي غوانتانامو تعرَّض للتعذيب أثناء الاستجواب: إذ خضع لموسيقى صاخبة وأضواء شديدة والبرد الشديد إلى جانب الحرمان من النوم، مما نجم عن إصابته اليوم بضعف في البصر وآلام المفاصل إلى جانب انفجار طبلة الأذن. كما أنه يعاني من الصداع بشكل مستمر واضطراب في النوم ولسعات في نصف من جسمه، تشبه وخز الإبر والدبابيس.

وقد أفرج عنه من معتقل غوانتانامو في 11 كانون الأول / ديسمبر 2007، وهو الآخر صنفته "محكمة مراجعة وضع المقاتلين" في عام 2004 "مقاتلا عدوا" مع أنه لم توجه إليه أبدا أي تهمة بشكل رسمي، ولم يمكَّن من حقِّه في الطَّعن في شرعيَّة احتجازه أمام هيئة قضائية مختصَّة ومستقلَّة ونزيهة.

وعمِل  السيد حمّاد علي أمنو غاد الله في الفترة ما بين كانون الثاني/ جانفي 2001 حتى غاية 27  أيار/ ماي 2002، تاريخ إيقافه، محاسبا لدى جمعية خيرية إسلامية. وألقي عليه القبض في منزله في باكستان من قبل عناصر من الجيش الباكستاني واحْتُجِزَ في مقر مصالح الاستخبارات الباكستانية لمدة 6 أيام، ثم في أحد السجون في بيشاور لمدة 11 يوما قبل نقله في 6 حزيران / جوان 2000 إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في باغرام. وقد تعرض خلال شهرين من الاحتجاز في هذا المركز، لأعمال عنف على أيدي الحراس.

وفي 4 آب / أوت 2002، تم نقله رفقة  العشرات من السجناء في ظروف لا إنسانية وقاسية إلى القاعدة العسكرية في خليج غوانتانامو. وهناك تعرض السيد غاد الله للتعذيب أثناء استجوابه. وقد عانى الكثير من جراء الاعتقال السري والتعرض إلى البرد الشديد وإلى الحرمان من النوم ومن مخلفات الاستجوابات الطويلة والعنيفة، ومن التمييز الديني وإجباره على المكوث في وضعية مجهدة ومؤلمة لفترات طويلة. وأطلق سراحه في نهاية المطاف في 19 تموز / جويلية 2007.

وكانت " محكمة مراجعة وضع المقاتلين " وصفته في عام 2004 "مقاتلا عدوا"، رغم كونه لم توجه إليه أبدا أي تهمة بشكل رسمي، ولم يمَكَن من حقه في الطعن في شرعية احتجازه أمام هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة.

وعقب هجمات 11 أيلول / سبتمر 2001 في الولايات المتحدة، اشتبه في العديد من العاملين في الجمعيات الخيرية الإسلامية بمزاولة أنشطة إرهابية، مع العلم أن بعضهم جاء إلى أفغانستان قبل سنوات عديدة، وهو ما عرضهم للاعتقال من قبل عناصر من الجيش الباكستاني الذين سلموهم بدورهم إلى الجيش الأمريكي الذي قام بنقلهم إلى معتقل غوانتانامو.

وللإشارة، فالنظام القانوني المفروض على المعتقلين في المعتقل العسكري في خليج جوانتانامو هو نظام استثنائي، وقد أنشئ في واقع الأمر، بمقتضى مرسوم خاص بمسألة اعتقال ومعاملة ومحاكمة بعض الأجانب في إطار الحرب ضد الإرهاب، والمؤرخ في  13 تشرين الثاني / نوفمبر 2001.

هذا المرسوم العسكري الذي استصدرته السلطة التنفيذية يتيح يُخوِلها اعتقال المشتبه بهم لفترات غير محدودة دون توجيه تهمة إليهم أو محاكمتهم، كما يسمح لها بمحاكمتهم أمام لجنة عسكرية. فضلا عن ذلك، لا يسمح هذا النظام للمعتقلين في معسكر  غوانتانامو بالطعن في قانونية احتجازهم أمام المحاكم الاتحادية أو بتوكيل محام لتقديم المساعدة القانونية اللازمة.

وفي عام 2004، اعتبرت محكمة مراجعة وضع المقاتلين الأشخاص الثلاثة "مقاتلين أعداء" على أساس أنهم كانوا يعملون لحساب منظمات تدعم الإرهاب، وأنهم قدموا مساعدة لوجستية ومالية للمقاتلين في أفغانستان وباكستان و بسبب اتصالاتهم مع أعضاء من تنظيم القاعدة.

وييتضح من خلال شهادة كثير من الأشخاص الذين أطلق سراحهم من غوانتانامو لم يستجوبوا أبدا بخصوص الوقائع التي اتهموا بها وأن اعتقالهم جرى حصرا قصد انتزاع معلومات تساعد القوات الأمريكية في  حربها ضد الإرهاب.

لقد صادقت الولايات المتحدة الأمريكية على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة. وعلى هذا الأساس، يتعين عليها مراعاة مبدأ حماية حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب. غير أن الواقع بثبت أن ما تعرض له هؤلاء الأشخاص الثلاثة من احتجاز تعسفي في مراكز مختلفة وفي المعتقل العسكري في خليج غوانتانامو، فضلا عن  سوء المعاملة التي عانوا منها، يُعَد انتهاكا للمعايير الأساسية التي تعهَّدت الولايات المتحدة باحترامها.

وتعتبر الكرامة لحقوق الإنسان، أن اعتقال السادة المطلب وآدم وغاد الله،  اعتقالا تعسفيا، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد انتهكت عدة مواد من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وخاصة منها الحقوق الثابتة التالية:

  •   الحق في المثول فورا أمام قاض أو هيئة قضائية مختصة أخرى،
  •   الحق في الطعن في مشروعية الاحتجاز، أمام محكمة مختصة حقيقية،
  •   الحق في محاكمة عادلة، تجريها هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة،
  •   الحق في عدم التعرض للتعذيب أو أي معاملة مماثلة،
  •   الحق في التمتع بظروف الاحتجاز إنسانية.

وبهذا، تتوجه الكرامة إلى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي تلتمس منه النظر في هذه الاعتقالات وتصنيفها على النحو الذي يليق بها.

support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png