02 كانون2/يناير 2015

تونس: خبيرة الأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة والمحامين تدعو تونس إلى ملاءمة تشريعاتها الداخلية مع التزاماتها الدولية

أجرت السيدة غابرييلا كنول، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، زيارة إلى تونس في الفترة ما بين 27 نوفمبر إلى 5 ديسمبر 2014، من أجل تقييم إنجازات تونس والتحديات التي تواجهها لضمان استقلال القضاء. قدمت السيدة كنول حصيلة متباينة حول وضعية استقلال العدالة بالبلاد رغم إقرارها بالجهود التي تبذلها الحكومة من أجل إرساء دعائم دولة القانون، دون أن تفوتها الإشارة إلى الفساد الذي لا زال ينخر النظام القضائي في البلاد.

يُعَد اعتماد دستور 26 يناير 2014 حسب المقررة الخاصة "منعطفا تاريخيا" مهمًا في عملية إصلاح العدالة التونسية، التي تعتبر بموجب مبدأ الفصل بين السلطات مؤسسة مستقلة عن السلطة التنفيذية.وترى أن الهيئة المؤقتة المنشأة في مايو 2013 مستقلة تحظى بإدارة وتمويل مستقلين. (أحدثت هذه الهيئة لتحل محل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة الرئيس السابق، إلى أن تصبح الهيئة الدائمة التي ينص عليها الدستور فعلية وعملية).

و ذكّرت المقررة الخاصة أن المراحل الانتقالية تأتي دائما بالجديد من التحديات، وأن تونس تواجه العديد منها، وبالتالي يتعين عليها الرقي بمنظومتها التشريعية لكي تنسجم مع معايير القانون الدولي. ولاحظت ميدانيا أن العديد من القواعد التي رسم لها الدستور تبدو نظرية فقط إذ لم تترجم على أرض الواقع، على غرار وضع حقوق الإنسان الذي أضحى مدعاة للقلق بشكل متزايد، مما جعل السيدة غابرييلا كنول تدعو الحكومة لتكييف تشريعاتها من أجل تنفيذ أحكام الدستور ذات الصلة بالنظام القضائي، في غضون الآجال المحددة، مؤكدة على ضرورة "ترجمة مبادئ الدستور التونسي إلى واقع ملموس ".

ونبهت المقررة الخاصة إلى ضرورة إعادة النظر بصورة عاجلة، على ضوء المعايير الدولية، في القوانين التي تحكم وضع القضاة والمدعين العامين. وأهمية سن قوانين "تكفل للقضاة والمدعين العامين أدوارا متميزة، تضمن استقلالهم التام عن باقي سلطات الدولة"، إذ يبدو أن القضاة يعتبرون أنفسهم موظفين تابعين لوزارة العدل، الأمر الذي من شأنه أن يعيق حسن أدائهم على النحو المفترض في القضاة المستقلين. وأوصت بإعادة النظر في عملية تعيين القضاة والمدعين العامين، وضرورة وضع إجراءات عادلة وشفافة لهذا الغرض مبنية على أساس كفاءة ونزاهة المرشحين.

وفي هذا الشأن، سجلت الكرامة، عدة حالات - مثل قضية السيد يونس رحيمي – التي لم يحقق فيها القضاة، رغم إحاطتهم علما بحالات تعذيب موثقة لأشخاص أثناء حجزهم التحفظي في مراكز الشرطة، ولم يلاحق فيها الجناة.

و أعربت السيدة كنول عن قلقها إزاء مسألة الاحتجاز التحفظي، فرغم أن المادة 29 من الدستور تنص على حق كل شخص يلقى عليه القبض، أن يبَلَغ على الفور بحقوقه والتهم الموجهة له، فضلا عن حقه في توكيل محام يتولى قضيته، إلا أنه يبدو واضحا أن قانون الإجراءات الجنائية لا يبيح الاستفادة من مساعدة محام إلا في نهاية فترة الحبس على ذمة التحقيق.

وللتذكير دعت الكرامة مؤخرا خبراء للجنة الفرعية المعنية بالوقاية من التعذيب لزيارة البلاد، بعد توثيقها للعديد من الحالات التي انتهكت فيها فيها الحقوق الأساسية للمتهمين خاصة في سياق مكافحة الإرهاب كقضية السيد غرسلاوي. وهي الحالات التي تظهر تساهل السلطات أكثر فأكثر مع ممارسات مقلقة ومثيرة للجدل. وفي هذا السياق يلاحظ أن قانون مكافحة الإرهاب، يجيز الحبس الاحتياطي لمدة ثلاثة أيام قابلة للتجديد، يتم تطبيقها بشكل منهجي، بحيث يعتقل المشتبه بهم دون إمكانية تلقيهم زيارات من قبل المحامين أو أفراد أسرهم، بما يفتح الباب واسعا أمام احتمال ارتكاب جميع أنواع سوء المعاملة في حقهم- لاسيما ممارسة التعذيب الذي كانت مسألة "القضاء عليه" غداة الثورة، مطلبا أجمعت عليه كل الطبقة السياسية.

تعرب الكرامة، التي تضم صوتها إلى صوت السيدة كنول عن بالغ قلقها بشأن ما يجري في البلاد، وتدعو السلطات التونسية إلى القيام فورا بملاءمة قانونها الداخلي مع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية، و ضمان فتح تحقيقات نزيهة ومستقلة في كل أشكال الانتهاكات، لوضع حد لإفلات الجناة من العقاب.

 

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم 0041227341007 ـ تحويلة 810

support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png