طباعة
01 تشرين2/نوفمبر 2016

الأردن: 10 سنوات على قانون مكافحة الإرهاب وحملة قمع المعارضين

عشر سنوات مضت على سن الأردن "قانون مكافحة الإرهاب"، في الأول من تشرين الثاني\نوفمبر 2006، رداً على تفجيرات الفنادق في عمان عام 2005 التي أسفرت عن مقتل 60 شخصاً. و مع ازدياد خطر تداعيات الحرب السورية، عام 2014، تم تعديل القانون وتوسيعه ليشمل الأفعال غير العنيفة، في محاولة لشرعنة قمع الحكومة للتعبير السلمي وحرية التجمع. ومنذ ذلك الحين بدأت ملاحقة الصحفيين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حرية التعبير وعن حقوق الإنسان قضائياً بحجة التعامل مع "الإرهاب".

أدى التعريف الفضفاض لقانون مكافحة الإرهاب إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إذ جرى بموجبه مقاضاة المتظاهرين السلميين والمعارضين السياسيين  بتهمة "الإخلال بالنظام العام"، أما غيرهم فقد اتهموا بـ "تعكير صفو العلاقات مع دول أجنبية"، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الاجتهادات وقطع الطريق على توجيه أي انتقاد لدولة أخرى.

وهذا ما حصل مع الدكتور أمجد قورشة الذي اعتقلته المخابرات العامة ثلاثة أشهر على ذمة التحقيق خلال العام 2016 ، بسبب نشره شريط فيديو انتقد فيه مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد داعش باعتباره جزءاً من جدول أعمال الولايات المتحدة، ورأى أنه يجرّ الدول العربية إلى خوض حرب ليست لهم. وفي تموز\يوليو 2015، حكم على أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان الداعمين للقضية الفلسطينية، بالسجن 10 سنوات استناداً إلى اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب بعدما نشر مقالات تنتقد السياسات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، يحد هذا القانون، من حرية الصحافة كونه يسمح بمحاكمة الصحفيين أو وسائل الإعلام بتهمة "الترويج لأفكار [إرهابية]" في حال نشر معلومات تتعلق بالهجمات الإرهابية. وفي تموز\يوليو 2015، استجوب أحد الصحفيين في جريدة الرّأي لانتهاكه قانون الرقابة على وسائل الإعلام من خلال نشره تفاصيل إحباط مخطط إرهابي لداعش كان يستهدف جنوداً أردنيين.

معظم "الجرائم" المذكورة كانت موجودة في قانون العقوبات الأردني، لكنها اليوم باتت تنطوي على عقوبات أقسى، أقلها السجن لمدة خمس سنوات. ويحق للمرء هنا أن يتساءل إذا ما كان ثمة أحكام قمعية أخرى، مثل المادة 149 من قانون العقوبات - التي تجرم "الاعتراض على النظام السياسي"، والتي أجازت محاكمة بعض المعارضين السياسيين وأحد الأستاذة الجامعيين بسبب منشور على الفيسبوك - ستُدرج قريباً ضمن الجرائم الإرهابية.

ومن المؤسف أن قانون مكافحة الإرهاب ليس إلا آلية أخرى لجهاز القمع المؤلف من وكالة الاستخبارات ومحكمة أمن الدولة لكتم أي صوت معارض، من خلال الاطضهاد القضائي الممنهج والتعذيب. حيث أن دائرة المخابرات العامة الموكلة بالتحقيق في "الجرائم الإرهابية"، والتي يعيّن رئيسها مباشرة من قبل الملك، تعمل دون رقيب: و تستخدم مقرّها الخاص كمركز احتجاز سري يمارس فيه التعذيب، لا سيما الضرب وإجبار المحتجزين على البقاء في وضعيات مجهدة، وحرمانهم من النوم وحبسهم في زنازين إنفرادية لفترات طويلة بمعزل تام عن العالم الخارجي. ثم يأخذ المدعي العام بمحكمة أمن الدولة، وهو ضابط عسكري يوجد مقره في دائرة المخابرات العامة، بالاعترافات المنتزعة بالإكراه من قبل لإدانة المشتبه بهم. أما محكمة أمن الدولة فتشكّل، بغطائها الشرعي، أداة قمع بيد السلطة التنفيذية: وهي تتألف من قاضيين عسكريين وآخر مدني يعينون مباشرة من قبل رئيس الوزراء، وقراراتهم غير قابلة للطعن، وتستند في معظمها إلى اعترافات تنتزع تحت التعذيب.

ترى إيناس عصمان، المنسقة القانونية في مؤسسة الكرامة أن "استخدام ذريعة 'الإرهاب' لإضفاء الشرعية على قمع حرية التعبير هو مسار خطير"، وتضيف "الأردن اليوم، حليف قوي للعديد من الدول الغربية، ويعتبره الكثيرون الطالب النجيب في المنطقة العربية؛ لدرجة أن ما تمارسه السلطة من قمع على الحريات يكاد لا يلحظه أحد. ففي كانون الثاني\يناير 2015، بالكاد سمعنا أصواتاً استنكرت اعتقال ناشطين بسبب مشاركتهما في مظاهرة سلمية احتجاجا على الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها مجلة شارلي إيبدو، بعد أقل من خمسة أيام على مشاركة الملك عبد الله في مسيرة باريس الداعمة لحرية التعبير والمناهضة للإرهاب. ومؤخراً، أكّد الملك عبد الله أنه لا بد من التمسك بسيادة القانون في كل مؤسسات الدولة التي ينبغي أن تعتمد هذا المبدأ "كنهج ثابت وركيزة أساسية في عملها". وقد حان الوقت لترجمة الكلمات الرنانة إلى أفعال وتوقف السلطات عن اتهام كل من يجرؤ على التعبير عن ما يدور في خلده بـ "الإرهابي".

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم
08 10 734 22 41+

آخر تعديل على الخميس, 10 تشرين2/نوفمبر 2016 13:12