26 كانون1/ديسمبر 2014

ليبيا: لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة تدين ليبيا في قضية عائلة حميد

أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خلال جلستها الـ112 المنعقدة في جنيف في الفترة ما بين 07-31 أكتوبر 2014، قرارها حول قضية صالح سالم حميد وعدد من أفراد أسرته، الذين تم القبض عليهم واحتجازهم وتعذيبهم من قبل الأجهزة الأمنية للنظام السابق في عهد القذافي.

تذكير بالقضية

عقب إبلاغ الشرطة عن اكتشافه يوم 3 نوفمبر 1986 جثة أحد جيرانه في بئر تقع على أراضيه الزراعية، ألقي القبض على السيد صالح حميد بتهمة ارتكابه جريمة، فضلا عن تعرضه للتعذيب الجسيم من قبل عناصر الشرطة لإجباره على الاعتراف بأنه هو مرتكب الجريمة.

وفور فتح التحقيق في القضية بأمر من المدعي العام، تم توقيف السيد صالح ووضعه رهن الاعتقال السري، دون أدنى إمكانية اتصال بالعالم الخارجي طيلة ما يقرب ثلاثة أشهر، تعرض خلالها لتعذيب شديد، ولا يزال إلى يومنا هذا يحمل آثار تلك المعاملة اللا إنسانية.

وظل السيد صالح رهن الاعتقال إلى غاية 28 يناير 1987 تاريخ مثوله أمام المدعي العام لمحكمة طرابلس، أي بعد قضائه 86 يوما في الاحتجاز السري، وقد وجهت إليه تهمة القتل، بالإضافة إلى تهمة أخرى غريبة، نصها "حفر بئر داخل أرضيه دون إذن من الإدارة". وبعد محاكمة صورية عقدت في 2 أبريل 1988 تم خلالها تعيين محام من قبل المدعي العام لتولي الدفاع عنه، حُكِم على صالح سالم حميد، بالسجن مدى الحياة، وإدانته من قبل المحكمة التي استندت في قرارها فقط على شهادة زوجة الضحية – المتهمة أيضا مع شقيقها في نفس القضية -.

وتعبيرا عن رفضه لهذا القرار المتعسف، طعن الضحية في قرار المدعي العام، غير أن إدارة المحكمة رغم استحضار خطأها، المتمثل في عدم توثيقها الطعن في سجل الاستئناف، رفضت قبول الطعن، ليصير الحكم نهائيا. ونظرا لاستنفاد جميع سبل الطعن المتاحة، قامت أسرة الضحية بالعديد من المساعي لدى السلطات للمطالبة بإعادة النظر في الحكم، وفي 1994، أمر وزير العدل بإعادة فتح التحقيق في ضوء اكتشاف عناصر جديدة حاسمة؛ وكان قد ألقي القبض على عدة أشخاص مشتبه بهم، تم إطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم، على إثر تدخل أحد أقاربهم، برتبة عقيد في أجهزة الاستخبارات.

وفي 1997 رفض المدعي العام طلب إعادة فتح التحقيق الذي تقدم به المحامي الموّكل من طرف أبناء الضحية لهذا لغرض، واقترح عليهم المدعي العام بدل ذلك تقديم بالتماس عفو عن والدهم، الأمر الذي يشكل اعترافا ضمنا بأن السيد حميد قد أدين بغير وجه حق، وقد رفض صالح سالم حميد هذا المسعى معتبرا نفسه ضحية ظلم، وأصر على مطالبته بمحاكمة جديدة ونزيهة.

وأمام صمت السلطات وتدهور ظروف احتجاز الضحية، خاصة في ظل تقدمه في السن وما كان يعانيه من أمراض، قررت زوجته وأبنائه التعبير عن احتجاجهم علنا للتنديد بالانتهاكات الصارخة لحقوق والدهم في مطالبته بمحاكمة عادلة، الأمر الذي تسبب للأسرة في معاناة إضافية، منها التهديدات والترهيب والانتهاكات التي تعرض لها البيت العائلي وغيرها من المآسي. وفي 15 فبراير 2007، اقتحم حوالي خمسون فردا من الأمن منزل العائلة، وهشموا الأبواب والنوافذ ونهبوا جميع ممتلكاتهم، اعتدوا على جميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الأم، ثم أضرموا النار في البيت قبل مغادرته.

وعلى خلفية هذه الأحداث، قدم السيد حميد شكوى لدى النائب العام ضد موظفي الدولة، تخص انتهاكات جمة اقترفوها بحق أفراد أسرته، من ضرب مبرح وسرقة، فضلا عن إضرام النار في البيت العائلي دون أن يتخذ النائب العام أي إجراء عقابي بهذا الشأن، وبدلا من ذلك، عاد نفس العناصر في اليوم التالي، إلى مساكن أبنائه للقبض عليهم. وأثناء حجزهم لعدة أسابيع في مقر المديرية العامة للتحقيقات الجنائية، تعرضوا لشتى ضروب التعذيب، قبل نقلهم إلى السجن، حيث تم حرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية، منها على وجه الخصوص الرعاية الطبية اللازمة رغم وضعهم الصحي المثير للقلق.

وفي 20 نيسان 2007، شهرين بعد إلقاء القبض عليهم، تم مثولهم أمام المحكمة الخاصة لتاجورة، بتهمة "التخطيط لقلب نظام الحكم وحيازة أسلحة"، فقامت المحكمة بإحالة القضية إلى محكمة الأمن الثوري الذي أصدر في 13 مارس 2008 أحكاما تتراوح بين ست سنوات ونصف و15 عاما سجنا ضد الأشقاء الأربعة، وفي 7 ديسمبر 2008، أفرِج عنهم دون تقديم أي مبرر، "بناء على مبادرة من بعض السلطات السياسية"، أما والدهما، صالح سالم حميد، فقد أطلق سراحه هو الآخر، في 25 نوفمبر 2009، بعد قضائه 23 عاما رهن الاعتقال، بعد صدور عفو "لأسباب طبية"، دون أن يتقدم المعني بالأمر بطلب.

وبعد الإفراج عن الإخوة حميد واصلوا مساعيهم للمطالبة بفتح تحقيق نزيه حول الإجراءات الجائرة التي تعرض لها والدهم، وكذلك حول غيرها من الانتهاكات الخطيرة التي تعرضوا لها هم أيضا. ونظرا لعدم تلقيهم أي رد من السلطات، اتصلت أسرة حميد بالكرامة لمطالبتها بإحالة القضية على لجنة حقوق الإنسان حول الانتهاكات الخطيرة والمتعددة التي تعرضوا لها، والتي تتحمل مسؤوليتها السلطات الليبية، وبهذا الشأن وجهت منظمتنا شكوى بتاريخ 4 فبراير 2011.

ورغم واجب الدول الأطراف القاضي بتقديم تفسيراتها أو بياناتها كتابيا حول الشكاوى المقدمة، لم ترد الحكومة الليبية على تلك الشكوى ولم تقدم أي ملاحظات بشأنها. وهكذا بعد مضي 28 سنة من الظلم والحرمان حصلت أسرة حميد أخيرا على قرار ينصفها، صادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي اعترفت وأدانت ما تعرضت له الأسرة من معانات وانتهاكات لحقوقها.

قرار لجنة حقوق الإنسان

لم يكن بوسع اللجنة الأخذ بعين الاعتبار الانتهاكات المرتكبة قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، نظرا لعدم سريان العمل بالأثر الرجعي على العهد الدولي فيما يخص الوقائع السابقة لتصديق الدولة الطرف في 16 مايو 1989.

لكن مع ذلك، أخذت اللجنة في الاعتبار شهادة زوجة السيد صالح حميد، حول إقدام أفراد من أجهزة الأمن تحت قيادة مدير قسم التحقيقات الجنائية في طرابلس، بمداهمة منزل الأسرة والاعتداء على أفراد العائلة ونهب ممتلكاتها قبل إضرامهم النار في المنزل.

اعتبرت اللجنة أن هذه الوقائع بمثابة أعمال انتقام وترهيب كفيلة بأن تسبب معاناة نفسية شديدة للعائلة، وترقى إلى أعمال تعذيب، وأنها تشكل انتهاكا للقانون الدولي. و خلصت اللجنة إلى أن التدخل في الحياة الخاصة لعائلة حميد يُعَد انتهاكا للمادة 17 من العهد.

وإذ تذكر اللجنة بملاحظتها رقم 31 الخاصة بطبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد الدولي، والقاضي بإجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، تجدد اللجنة تأكيدها على أهمية وضع الدول للآليات القضائية والإدارية الملائمة للنظر في الشكاوى الفردية. ونظرا لغياب أي رد من طرف السلطات المعنية، على الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات التي اقترفها موظفو الدولة، تكون ليبيا قد انتهكت القانون الدولي.

وأمام ليبيا الآن مهلة 6 أشهر لإطلاع اللجنة على التدابير المتخذة لتنفيذ ملاحظاتها، كما وُجِهت دعوة إلى الدولة لحثها على نشر ملاحظات لجنة حقوق الإنسان. من جهتها ترحب الكرامة بهذا القرار الجديد، وتدعو السلطات الليبية لتنفيذه وفقا لالتزاماتها الدولية، على أمل أن يسهم هذا القرار في نهاية المطاف في إثبات الحقيقة وتحقيق العدالة ورد الاعتبار الذي تستحقه أسرة حميد لشدة ما قاسته جراء هذه المحنة.

 

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم 0041227341007 ـ تحويلة 810

 

آخر تعديل على الإثنين, 29 كانون1/ديسمبر 2014 11:34

ليبيا - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 15 مايو 1970

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ 30 أكتوبر 2010 (التقرير الخامس)
الملاحظات الختامية: 15 نوفمبر 2007

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 16 مايو 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 14 يونيو 2014، كان منتظرا مبدئيا منذ 2002 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 1 يناير 1999

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: نوفمبر 2010 (الدورة الأولى)
الاستعراض الأخير: مايو 2015

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

المجلس الوطني الليبي للحريات العامة وحقوق الإنسان (NCCLHR)

آخر استعراض: أكتوبر 2014 (تصنيف ب)