13 نيسان/أبريل 2008

ليبيا: الإفراج عن القاضي ونيس شارف العباني، بعد 18 سنة من الاعتقال، منها 11 عاما من الاختفاء القسري

تلقت الكرامة ببالغ الارتياح نبأ الإفراج عن السيد القاضي الليبي ونيس شارف العباني يوم  9 نيسان/ أبريل 2008 بعد اعتقال دام 18 سنة، منها  11سنة رهن الاختفاء القسري في ظروف لا إنسانية في زنزانة انفرادية. وكانت منظمتنا تقدمت بشكوى ضد الحكومة الليبية أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بشأن السيد العباني باعتباره في عداد المفقودين، يوم 15 تشرين الأول / أكتوبر 2007.

يبلغ السيد القاضي ونيس شارف العباني ( الورفلي) اليوم ستين عاما من العمر بعد أن كان اعتقل في سن 42 سنة. وكان قد شغل منصب قاض بالمحكمة الابتدائية لبن غازي عدة سنوات، وجهت له وزارة العدل خلالها العديد من الإنذارات، تلتها التهديدات بالفصل من العمل نظرا لرفضه الامتثال لاملاءات السلطة التنفيذية وتدخلها السافر في القضايا العدلية التي كانت من مشمولاته وتعليماتها القاضية بفرض الأحكام القضائية التي كان عليه أن يصدرها.

وفي 19 نيسان/ أبريل 1990 استدعي السيد القاضي العباني إلى مقر وزارة العدل بطرابلس لأسباب تأديبية، حيث استقبله الوزير شخصيا، السيد عز الدين الحنشري، في مكتبه. وبعد توبيخه على المناقض للتعليمات، أخبره الوزير بأنه رهن الاعتقال: وفعلا، ألقى عليه القبض أفراد من الأمن الداخل كانوا بانتظاره في مكتب الوزير، دون أمر قضائي ودون أن يبلغ بالأسباب القانونية لتوقيفه. ثم سيق بعدها السيد القاضي العباني إلى مكان سري حيث تعرض لتعذيب بالغ القسوة طيلة ثلاثة أشهر قبل نقله إلى سجن أبو سليم بطرابلس.

وقد باءت كل المساعي التي بذلتها أسرته لمعرفة مصيره ومكان اعتقاله بالفشل، وتطلب الأمر الانتظار إلى غاية شهر حزيران / يونيو 1996 لتتوصل زوجته بخبر اعتقاله في سجن أبو سليم، غير أنها لم تحصل على تأكيد رسمي للخبر، وبعد طلبها إذنا لزيارته على عين المكان، ردت عليها سلطات السجن بأنه غير معتقل لديها.

 ووضع السيد العباني في الحبس الانفرادي في جناح خاص من السجن خلال السنوات الست الأولى من اعتقاله، لم يتمكن خلالها من الاتصال إلا بسجّانيه. وما لبث أن نُقِل إلى زنزانة جماعية أياما قليلة قبل اندلاع أحداث 28 و 29 حزيران / يونيو 1996 التي لقي خلالها مئات المعتقلين ( ما يربو على ألف معتقل حسب بعض المصادر) مصرعهم على يد مصالح الأمن الداخلي داخل السجن.

وبعد معجزة نجاته من هذه المجزرة تم وضعه من جديد في عزلة تامة خلال عدة سنوات، في زنزانة انفرادية،  دون أي اتصال بالعالم الخارجي أو بالسجناء الآخرين ودون أن يسمح لأفراد أسرته أو محاميه من زيارته.

وفي تاريخ 19 نيسان /ابريل 2001، أي بعد مرور 11 سنة من اعتقاله، أبلغه المدعي العام العسكري رسميا ولأول مرة، بفحوى الاتهام الذي ينص على: " إقامته اتصالات هاتفية مع معارضين في الخارج" و "عدم إبلاغ السلطات بذلك".

وتطلب الأمر الانتظار حتى تاريخ 15 كانون الأول / ديسمبر 2001، بمناسبة مثوله أمام قاضي التحقيق العسكري، ليتمكن، ولأول مرة بعد 11 سنة من الاعتقال، من التحدث مع زوجته، وذلك بعد أن أذن لها القاضي بشكل استثنائي، لمدة ربع ساعة قبل تسجيل أقواله.

وبعد إحالته على المحكمة العسكرية بتاريخ 01 /01 / 2002، تمت إدانته، في محاكمة جائرة لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، بعقوبة سجن مدتها الإجمالية 13 سنة حبسا نافذة: 10 سنوات على " عدم الإبلاغ" و3 سنوات أخرى على " حيازة متفجرات"، علما وأن هذه التهمة الأخيرة لم يتم الإفصاح عنها إلا أثناء النطق بالحكم ولأوّل مرّة.

وفي يوم 13 /05 /2002، وبطلب من النيابة العسكرية، بصفتها الهيئة القضائية للاستئناف، ألغت " المحكمة العليا للشعب المسلح" -وهي محكمة "ثورية" استثنائية- الحكم الأول وأحالت القضية إلى هيئة قضائية عسكرية مركبة على نحو مغاير، وأكدت هذه الأخيرة الحكم الأول في تاريخ 29 / 09 / 2002.

وبذلك يكون السيد القاضي العباني قضى مدة عقوبته كاملة بالسجن، وقد انتهت هذه العقوبة في تاريخ 19 /04 /2003، ومع ذلك لم يطلق سراحه، وبقي بعد هذا التاريخ معتقلا في نفس السجن وفي الظروف ذاتها بينما كانت أسرته تنتظر إطلاق سراحه.

 وفي ( غضون) سنة 2005، تقدمت أسرته بطلب أمام محكمة الشعب للإفراج عنه، غير أن هذه الأخيرة رفضت الطلب بدعوى أن المدعي العام العسكري لا يعترف بأن المعني محتجز في سجن أبو سليم. وبعد تلقي أسرته تأكيدا، من طرف عدة سجناء مفرج عنهم، يفيد بأن السيد القاضي العباني لا يزال معتقلا في نفس السجن، قامت بتوكيل محامين  اثنين لرفع دعوى ضد مسؤولي إدارة السجن.

ونظرا لاستحالة إقامة دعوى جنائية ضد موظفي الدولة أو أفراد مصالح الأمن على ارتكابهم عملية اختطاف وحجز، حاول محامو الدفاع القيام بإجراء مدني للتأكد من أن السيد العباني لا يزال معتقلا في سجن أبو سليم. وتباعا لذلك طالبوا بتعيين خبير توكل إليه مهمة القيام بزيارة إلى سجن أبو سليم للتأكد من وجود السيد القاضي العباني، لكن إدارة السجن، رفضت في شهر أيلول / سبتمبر 2006، دخول الخبير إلى السجن بالرغم من أنه خبير معين من قبل المحكمة.

ومع ذلك لم تتوقف أسرة السيد القاضي العباني من تلقي معلومات مفادها أنه لا يزال معتقلا في نفس السجن، واستمر ذلك حتى بداية شهر كانون الثاني / يناير 2007، إذ علمت حينها أن عناصر من مصالح الأمن الداخلي نقلته خارج السجن.

وبذلك يكون السيد القاضي العباني مرّة أخرى ضحية اختفاء قسري، منذ بداية كانون الثاني / يناير 2007 بما أن السلطات لم تعد تعترف باحتجازه لديها. وقد أعلنت النيابة العامة صراحة انه لم يعد محتجزا في سجن أبو سليم مع رفضها الكشف عن مكان وجوده.

وبعد انقطاع كل الأخبار عنه وخشية على حياته، قررت أسرته التوجه إلى لجنة حقوق الإنسان كي تقوم بمعاينة الانتهاكات الخطيرة لحقوقه الأساسية وتطلب منها اتخاذ تدابير عاجلة لحمايته.

ومن جهتها، تقدمت الكرامة بالتماس إلى لجنة حقوق الإنسان لكي تبلغ فورا إلى الحكومة الليبية هذه التدابير المؤقتة قصد حمايته، وطالبت بالإفراج عن السيد القاضي العباني أو وضعه تحت حماية القانون، مع إبلاغ أسرته بذلك.

كما طلبت الكرامة، من الناحية الجوهرية، بأن تقوم لجنة الأمم المتحدة، بمعاينة الانتهاكات العديدة للحقوق المكفولة للسيد القاضي العباني بموجب العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه الدولة الليبية، وهي الانتهاكات التي تعرض لها السيد العباني منذ تاريخ اعتقاله.كما طالبت الكرامة على وجه الخصوص بفتح تحقيق حول اختفائه قسرا، وكذلك منحه تعويضا مناسبا له ولزوجته وأبناءه، عن الأضرار النفسية والمادية التي تعرضوا لها جميعا.

وكانت هذه الطلبات أحيلت من طرف اللجنة الأممية لحقوق الإنسان إلى الحكومة الليبية التي قامت أخيرا بالإفراج عن السيد القاضي العباني يوم 9 نيسان / أبريل 2008، أي بعد مضي 18 سنة على اعتقاله.

الكرامة لحقوق الإنسان، 13 نيسان / أبريل 2008
آخر تعديل على الأربعاء, 16 نيسان/أبريل 2008 18:07

ليبيا - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 15 مايو 1970

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ 30 أكتوبر 2010 (التقرير الخامس)
الملاحظات الختامية: 15 نوفمبر 2007

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 16 مايو 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 14 يونيو 2014، كان منتظرا مبدئيا منذ 2002 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 1 يناير 1999

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: نوفمبر 2010 (الدورة الأولى)
الاستعراض الأخير: مايو 2015

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

المجلس الوطني الليبي للحريات العامة وحقوق الإنسان (NCCLHR)

آخر استعراض: أكتوبر 2014 (تصنيف ب)