07 شباط/فبراير 2011

ليبيا: قضى السيد حميد 23 عاما من حياته رهن الاعتقال بسبب جريمة لم يرتكبها

وجهت الكرامة في 3 شباط/ فبراير 2011 شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان تلتمس منها النظر في قضية السيد صالح سالم حميد، الذي تعرض لتعذيب جسيم بعد أن ألقي عليه القبض في عام 1986 و وجهت له تهمة ارتكاب جريمة دون تقديم أي دليل يثبت ذلك، ثم اعتقل بصورة تعسفية في أعقاب محاكمة جائرة، وعندما أراد أبناؤه نشر القضية في الساحة العامة في 2007، تم القبض عليهم وتعرضوا لأشنع أنواع التعذيب.

وللتذكير بحيثيات القضية، فقد تم العثور على جثة للمدعو حسن محمد أبو نعامة في 1986/3/11، داخل بئر يقع على الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها إلى السيد صالح سالم حميد، فقام هذا الأخير بإبلاغ الشرطة بهذا الشأن. وفور قيام السلطات المعنية بفتح التحقيق الذي أمر به الادعاء العام، ألقي القبض على السيد صالح سالم حميد وتم حبسه على ذمة التحقيق. فوضع السيد صالح سالم حميد على إثر ذلك رهن الاعتقال في زنزانة صغيرة، معزولة تماما عن العالم الخارجي، لمدة شهر واحد، في انتهاك للقانون الداخلي الذي ينص على أن الحجز التحفظي يجب أن لا تتجاوز 48 ساعة؛ وقد تعرض خلال هذه الفترة لأعمال التعذيب، ولانتهاكات خطيرة على أيدي موظفي الدولة الذين أرادوا منه أن يعترف بارتكابه الجريمة التي كان هو أصلا من ساهم في اكتشفها، والتي أرادت السلطات تحميله إياها.
وقد تأثر المتهم تأثيرا بالغا من جراء هذه الاتهامات ومن المعاملة القاسية التي تعرض لها خلال هذه الفترة، والتي نجمت عن إصابته بحالة اكتئاب، لا يزال يعاني من مخلفاتها النفسية إلى يومنا هذا، ورغم وضعه الحرج لم يستفيد يوما من معالجة طبية مناسبة.

وقد تم إحالة السيد صالح سالم حميد بموجب قرار صادر عن غرفة الاتهام بتاريخ 28/01/1987 أمام المحكمة الجنائية في طرابلس، استنادا إلى التهم التالية:
1. جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار.
2. ارتكاب الزنا مع زوجة الضحية.
3. حفر بئر داخل ممتلكاته دون إذن من الإدارة.
وقد عقدت المحكمة الجنائية جلستها على وجه السرعة في 1988/02/04، فأدانت خلالها السيد صالح سالم حميد بارتكاب جريمة الاغتصاب والقتل، وأصدرت على إثرها حكمها عليه بالسجن مدى الحياة.
وقد استند هذا الحكم فقط إلى شهادة زوجة الضحية، وهي متهمة أيضا ومتابعة قضائيا بموجب الإجراء نفسه، المتمثل في التواطؤ في جريمة القتل وإلى شهادة شقيقها المطلوب من قبل المحكمة للإدلاء بشهادته.

ورغم تقدم السيد صالح سالم حميد باستئناف هذا الحكم، لم يتم محاكمته من جديد بحجة عدم اكتمال الإجراءات المتبعة، ومن ثم أصبح الحكم الصادر ضده نهائيا وليس ثمة سبيل قانوني آخر للطعن فيه.

وفي ضوء ذلك قامت أسرة السيد صالح سالم حميد بعدة مساعي غير رسمية لدى السلطات السياسية والقضائية لكي يتم إعادة النظر في قضيته، كما أنها اعترضت على مجريات عملية التحقيق التي قامت بها مصالح التحقيق الجنائي على نحو منحاز، منها على وجه خاص، عدم استماع المحكمة إلى إفادة العديد من الشهود.

وفي نهاية المطاف، طلب وزير العدل، في عام 1994 من مصالح التحقيقات الجنائية إعادة فتح التحقيق في اغتيال السيد أبو النعامة، لكن سرعان ما تم غلق الملف مجددا وبسرعة، بناء على تدخل من كبار المسؤولين في الدولة وخصوصا من عقيد في جهاز المخابرات.

وتمكنت أسرة المتهم في النهاية من توكيل محامي في 1997 غير أن جميع مساعيه الرامية إلى إعادة فتح التحقيق باءت بالفشل، هذا في الوقت الذي رفض مكتب المدعي العام في طرابلس بشكل قاطع، طلب المحامي المؤرخ 15 / 03/1997، مقترحا عليه أن يتقدم بالتماس العفو ليتم إطلاق سراح موكله. ونظرا لاعتبار السيد صالح سالم حميد نفسه ضحية إجحاف، رفض تقديم التماس، واستمر في المطالبة بحقه في محاكمة عادلة.

ولم ينجو أفراد الأسرة من التعرض لمضايقات جمة في عام 2007 عندما قرروا عرض قضية السيد صالح سالم حميد خلال مظاهرة سلمية كان من المقرر تنظيمها في 17 شباط/ فبراير 2007 للتنديد بانعدام الحريات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان في البلد:
وبعد تلقيهم سلسلة من التهديدات وعمليات التخويف، قدِم قرابة خمسين فردا من عناصر الأمن يرتدون ملابس مدنية ومدججين بالاسلحة، على متن عدد من السيارات الرسمية، فقاموا بمداهمة منزل العائلة، حيث هشموا الأبواب وكسروا النوافذ، وقاموا بعملية نهب شاملة، استولوا خلالها على جميع المقتنيات الثمينة.
ثم قاموا بإجلاء أفراد الأسرة الموجودين بالبيت، بما في ذلك والدة السيد صالح سالم حميد، ورغم كبر سنها وما تعانيه من أمراض، تعرضت هي أيضا على أيدهم للضرب الوحشي، قبل أن يضرموا النار في البيت عن طريق صفائح بنزين أتوا بها لهذا الغرض.

من جانبه، تعرض فرج صالح حميد هو الآخر للضرب المبرح قبل أن يتم القبض عليه واقتياده من قبل رجال الأمن دون إظهار أمر قضائي بهذا الخصوص.

وتقدمت والدة الضحية في اليوم التالي مباشرة بشكوى جنائية لدى المدعي العام ضد عناصر أجهزة الأمن، على ما تعرضت له من اعتداء وضرب وسرقة، بالإضافة إلى حرق البيت، غير أنه لم تسفر هذه الشكوى عن أية إجراءات حتى الآن.

بل ما حدث كان عكس ذلك تماما، حيث أنه في اليوم التالي، أي في 16 شباط/ فبراير 2007، توجه عناصر ينتمون إلى مصالح الأمن نفسها إلى بيوت الأبناء الآخرين، وقاموا بإلقاء القبض عليهم واقتيادهم إلى مقر المديرية العامة للمباحث الجنائية، فتم اعتقالهم بشكل منفصل، وفي عزلة تامة في زنزانات لا تتجاوز مساحتها بعض الأمتار المربعة، دون أي اتصال مع العالم الخارجي. وتعرضوا جميعهم طوال هذه الفترة من الاعتقال، لشتى أصناف التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة على أيدي موظفي الدولة. ويفيد جميعهم أنهم تعرضوا على وجه الخصوص للضرب المبرح على جميع أجزاء الجسم، بالإضافة إلى تكبيل اليدين والتعليق من معاصمهم، كما اضطروا خلال هذه الفترة كلها إلى تناول الطعام وهم مقيدي اليدين.
بعد مضي ستة أيام، تم نقل الإخوة الستة إلى سجن الجديدة، حيث تم وضعهم من جديد في زنزانات فردية مع حرمانهم من جميع أشكال الرعاية طبية اللازمة لمعالجة الإصابات الناجمة عن أعمال التعذيب التي تعرضوا لها علي يدي عناصر الأمن، كما أبلغهم مدير السجن شخصيا "أنهم محرمون من الرعاية الطبية بأمر من النائب العام".

وفي يوم 25 تموز/ يوليو 2007 فقط، أي بعد مضي خمسة أشهر على بدء احتجازهم وفي أعقاب الشكوى التي تقدموا بها أمام محكمة أمن الدولة، تم رفع حالة المنع التي فرضت عليهم للحصول على الرعاية الطبية الواجبة. ورغم انقضاء أكثر من خمسة أشهر بعد إلقاء القبض عليهم، لاحظ طبيب السجن الذي فحصهم آثار التعذيب التي ظلت بادية على جسمي السيدين صالح حميد وفرج صالح حميد كما سجل الطبيب خطورة حالتهما الصحية، الأمر الذي استدعى فحصهما على سبيل الاستعجال وإحالتهما على طبيب أخصائي في المستشفى لأغراض المتابعة الدقيقة.

كما أمر طبيب السجن بإدخال السيد الصادق صالح حميد، إحدى المصحات المتخصصة في الأمراض العقلية، بسبب ما كان يعانيه من أثار صدمة شديدة، نظرا لتدهور حالته النفسية. لكن
ورغم ذلك كله، رفض المدعي العام لمحكمة أمن الدولة أخذ هذه القرارات الطبية في الاعتبار، بحيث بقي الإخوة دون إشراف طبي طوال فترة احتجازهم.
وفي 20 نيسان/ أبريل 2007، أي بعد مضي شهرين وأربعة أيام من إلقاء القبض عليهم، مثُل الإخوة حميد إلى جانب أشخاص آخرين ألقي عليهم القبض في ظروف مماثلة، بسبب مشاركتهم في التظاهرة السلمية نفسها، أمام المحكمة الخاصة في تاجورا، طرابلس، بتهمة "التخطيط لقلب نظام الحكم وحيازة أسلحة".

إلا أن هذه الهيئة القضائية أحالت القضية أمام محكمة الأمن الثورية في 24 حزيران/ يونيو 2007. وبعد عمليات إرجاء متتالية لجلسات المحكمة، غاب عنها الإخوة حميد والمتهمين معهم، بسبب رفضهم المثول أمام المحكمة في غياب الحد الأدنى من الضمانات للمحاكمة العادلة، أدينوا في نهاية المطاف، بموجب الحكم الصادر في 6 نيسان/ أبريل 2008، بعقوبات السجن التالية:
- الصادق صالح حميد، المهدي صالح حميد وفرج صالح حميد، 15 سنة سجنا.
- علي صالح حميد 06 سنة ونصف سجنا.
- أما عادل صالح حميد، فقد تم تبرئته.

مع ذلك تم الإفراج عنهم جميعا في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2008 بتدخل شخصي من نجل رئيس الدولة سيف الإسلام القذافي.
وفي 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، تم الإفراج أيضا عن السيد سالم صالح حميد بعد اعتقال دام 23 عاما في السجن اثر عفو "لأسباب طبية".

وفي غضون ذلك، لم يجري أي تحقيق لا في المعاملة التي تعرض لها السيد صالح سالم حميد والمحاكمة غير العادلة التي نجم عنها عملية احتجازه لفترة الطويلة، ولا في الاعتداء الجسدي على أفراد عائلته وما تعرضوا له من سوء معاملة، ولا حتى في الحريق الذي أضرم في المنزل العائلي وما لحق به من نهب لمقتنياته.

ورغم أن الأشخاص المسؤولين عن هذه الأعمال، معروفون لدى العام والخاص، إلا أنهم لم يتعرضوا لأي شكل من أشكال المسائلة، كما أنه لم يقترح على أي من الضحايا أي تعويضات على ما لحق بهم من أضرار معنوية ومادية جسيمة، بسبب انتهاكات حقوقهم الأساسية.
وبناء عليه طلبت الكرامة من لجنة حقوق الإنسان بحث هذه القضية وتوجيه إلى الحكومة الليبية عدد من التوصيات، منها على وجه الخصوص:
1. الاستجابة للطلب المقدم باتخاذ التدابير المؤقتة اللازمة، لحث الدولة على عدم التضييق وملاحقة مقدمي الشكوى أو أي فرد من أفراد أسرهم، بسبب الأعمال التي قاموا بها أمام لجنة حقوق الإنسان.

2. ضمان توفير سبل انتصاف فعالة لمقدمي هذه الشكوى، على أن يتم ذلك على الوجه الخصوص من خلال إجراء تحقيق شامل ومعمق فيما يتعلق بالتهمة التي نسبت إلى السيد صالح سالم حميد، والمعاملة القاسية التي تعرض لها أفراد أسرته، سواء كان ذلك أثناء فترة الاحتجاز أو أثناء اعتقالهم، فضلا عن الحريق الذي تسبب في تدمير منزل العائلة ونهبه بالكامل.

3. إحاطة أفراد الأسرة علما بما أسفر عنه التحقيق من نتائج وتعويضهم بصورة مناسبة عما تعرضوا له من انتهاكات.

4. الشروع في مقاضاة المسؤولين المزعومين عن الاحتجاز التعسفي للسيد صالح سالم حميد في عام 1988 ونجله في عام 2007 ، وكذلك متابعة قضائيا المسؤولين عن عمليات الحريق والسرقة والاعتداء الجسدي على أفراد أسرة السيد صالح سالم حميد، وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقا للالتزامات الدولية للدولة الطرف.

5. إبلاغ لجنة حقوق الإنسان أول بأول عن التدابير التي اتخذتها الحكومة بناء على ما توصلت إليه من نتائج واتخاذ التدابير المناسبة بحيث لا تتكرر مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.

6. رفع تقرير، في أجل تحدده اللجنة، عن مجموعة الإجراءات المتخذة من قبل الدول في ضوء ما توصلت إليه من نتائج.

 

ليبيا - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 15 مايو 1970

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ 30 أكتوبر 2010 (التقرير الخامس)
الملاحظات الختامية: 15 نوفمبر 2007

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 16 مايو 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 14 يونيو 2014، كان منتظرا مبدئيا منذ 2002 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 1 يناير 1999

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: نوفمبر 2010 (الدورة الأولى)
الاستعراض الأخير: مايو 2015

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

المجلس الوطني الليبي للحريات العامة وحقوق الإنسان (NCCLHR)

آخر استعراض: أكتوبر 2014 (تصنيف ب)