الأمم المتحدة تأمر ليبيا بضرورة التحقيق في جرائم الماضي
![]() |
لقد أدانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليبيا في أعقاب اختفاء شقيقين عامي 2006 و 2007 كانت قد تولت كل من منظمة ترايل (الجمعية السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)، والكرامة، الدفاع عنهما. ومن ثم يقع الآن على كاهل السلطات الليبية الجديدة واجب اللتحقيق في هذه الوقائع، ومعاقبة مرتكبي حالات الاختفاء القسري، وتعويض الضحايا، كما أن المنظمتين تدعوان ليبيا للامتثال لقرار لجنة حقوق الإنسان والعمل على إقامة دولة قانون حقيقية.
وكان ادريس أبوفايد، وهو طبيب يعمل في مجال حقوق الإنسان، لاجئا سياسيا في سويسرا، وعاد إلى ليبيا في أيلول/ سبتمبر 2006 بعد أن تلقى ضمانات من العقيد القذافي، أكد فيها إمكانية عودة اللاجئين إلى بلدهم دون خوف من الملاحقة والاضطهاد
بعد فترة وجيزة، ألقي عليه القبض بصورة تعسفية واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 54 يوما، تعرض خلالها لتعذيب جسيم مما استدعى نقله إلى المستشفى. وبعد الإفراج عنه في 29 كانون الأول/ديسمبر 2006، واصل مع ذلك نشاطه الداعي إلى ترسيخ الديمقراطية، وقد ألقي عليه القبض مرة أخرى يوم 16 فبراير 2007 رفقة 11 شخصا آخرا كانوا يستعدون لتنظيم مظاهرة سلمية ضد النظام، فتم اعتقاله سرا لمدة شهرين، وقد أفاد جميع المعتقلين انهم تعرضوا للتعذيب خلال الأشهر الخمسة لأولى من الاعتقال
وفي 20 نيسان/أبريل 2007، اتهم إدريس أبو فايد بارتكاب جرائم جنائية مختلفة، يعاقب عليها بالإعدام. ورغم إصابته بأمراض خطيرة، تم وضع ادريس أبو فايد في زنزانة مظلمة ودون أي اتصال مع العالم الخارجي طيلة شهور. وفي 10 حزيران/يونيو 2008، حكم عليه بالسجن لمدة 25 عاما، وأفرج عنه في نهاية المطاف في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2008 لأسباب صحية.
وبعد اعتقال إدريس أبو فايد يوم شباط/ 16 فبراير 2007، حاول شقيقه جمعة إبلاغ الكرامة عن طريق الهاتف، فألقي عليه القبض فور ذلك من قبل أجهزة الأمن الداخلي واقتيد الى جهة مجهولة، وأطلق سراحه في 27 أيار/ مايو 2008، بعد أن أمضى 15 شهرا في الحبس الانفرادي، دون أن يمثل أمام قاض.
وفي القرار الذي صدر مؤخرا عن لجنة حقوق الإنسان، تمت إدانة ليبيا لانتهاكاتها المتعددة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي واحدة من أهم اتفاقيات الأمم المتحدة. وتعترف اللجنة بأن الشقيقين أبو فايد كانا ضحايا اختفاء قسري ومعاملات قاسية و لاإنسانية و مهينة، بالإضافة إلى التعذيب بالنسبة لحالة إدريس ابو فايد
وفي ضوء ذلك تطلب اللجنة من ليبيا بأن تجري تحقيقا شاملا ودقيقا في اختفاء إدريس وجمعة أبو فايد وحول المعاملة التي تعرض لها الشفيقان، وبأن تزودهما بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقاتها. وتؤكد اللجنة أيضا على الالتزام الذي يقع على ليبيا لمتابعة ومحاكمة، ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات وتقديم تعويضات مناسبة للضحايا.
وقد أعربت كل من منظمتي ترايل والكرامة، اللذان دافعا عن الضحيتين أمام لجنة حقوق الإنسان، عن ارتياحهما الكبير بخصوص قرار إدانة ليبيا. ويرى فيليب غرانت، مدير ترايل، " حتى مع العلم أن هذه الجرائم قد ارتكبها النظام السابق، فإن السلطات الجديدة ملزمة بمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ذلك لأن بناء دولة قائمة على القانون يقتضي معرفة الحقيقة، وأن تتم مقاضاة المجرمين وإنصاف الشقيقين أبو فايد أمام العدالة، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من ضحايا الديكتاتورية ". أما بالنسبة لرشيد مسلي، المدير القانوني لمنظمة الكرامة، فـ" يتعين على ليبيا إعادة بناء الدولة وفقا للقانون، ومن الواجب، لتجنب حدوث انتهاكات في المستقبل، مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال، وفقا للمعايير الدولية ".