طباعة
21 تموز/يوليو 2015

تونس : على السلطات بذل مجهودات أكبر لتحقيق استقلال القضاء

تونس : على السلطات بذل مجهودات أكبر لتحقيق استقلال القضاء قاعة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف

في الـ 18 من يونيو 2015، قدمت السيدة غابرييلا كنول مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، قدمت تقريرا عن زيارتها لتونس في الفترة من 27 نوفمبر إلى 5 ديسمبر 2014. وتدخل هذه الزيارة في إطار سعيها لتقييم النظام القضائي التونسي منذ ثورة 2011. وعلى الرغم من تنويهها بالخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة لتوفير استقلالية القضاء، كإنشاء جهاز مؤقت بديلاً عن المجلس الأعلى للقضاء، الذي كان يتبع للسلطة التنفيذية خلافاً لهذه الهيئة، إلا أنها أشارت أن الطريق لازال طويلا أمام سلطات البلاد لتحقيق ذلك.

جهود من أجل تعزيز استقلالية القضاء، ولكن...
استهلت السيدة كنول تقريرها مذكرة بالوضع السياسي للسنوات الأخيرة الماضية، وحيّت الجهود المبذولة في الفترة الإنتقالية لِإعادة هيكلة النظام القضائي و تـثبيت إستقلاليته ليطابق المعايير الدولية، كإنشاء هيئة قضائية مؤقتة بديلاً عن المجلس الأعلى للقضاء السابق، الذي كان يرأسه رئيس الجمهورية ووزير العدل (نائب الرئيس). وأوضحت أن هذه الهيئة، المكونة في غالبيتها من أعضاء منـتَـخَبين، تشكل ً "خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز إستقلال القُضاة".

وتطرقت الخبيرة الأممية أيضاً إلى الضمانات العديدة الواردة في دستور 2014، وخصوصاً تِلك التي تضمن الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، لكنها أكدت على ضرورة تفعيل هذه القرارات، وهي المهمة التي ستعهد إلى المحكمة الدستورية المرتقب أن تكون فعالة نهاية أكتوبر 2015، المستـقلة عن الحكومة، للعمل على تمتين سيادة القانون في تونس.

... يجب الاستمرار في مكافحة الفساد في النظام القضائي
نبهت المقررة الخاصة إلى أن البلاد لا زالت تواجه العديد من التحديات على الرغم من هذه القوانين والأجهزة الجديدة. وذكرت السيدة كنول بالشكاوي العديدة التي تلقتها من قضاة ومحامين بشأن انتهاكات خطيرة لاستقلاليتهم بينما كانت أولويتهم هي مكافحة الفساد.

ورحّبت الخبيرة الأممية بإنشاء "هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد" واعتبرتها إجراء إيجابياً، ثم ذكّرت بِأهمية تفعيل الضمانات اللازمة لتصبح إستقلالية القضاة مسألة فعلية . واقترحت أن يلجأ القضاة عند تهديد استقلاليتهم لسلطة مستقلة (كالمجلس الأعلى للقضاء) ، وأن تُـحَدًّد عقوبات للذين يسعون للتأثير عليهم.

... لازالت الكثير من العوائق تقف في طريق إقامة دولة القانون.

بخصوص ملف الحريات الفردية، شددت المقررة الخاصة على أنّ "طول مدة الحراسة النظرية المفرط، التي يرافقها حرمان المتهم من لقاء محاميه، من شأنها أن تهيء الظروف لأعمال التعذيب وسوء المعاملة. وأعتبرت أن هذه المشكلة مزمنة في تونس، خصوصاً حينما تكون هذه الحراسة النظرية سرية، وهي المسألة التي وثقتها الكرامة في العديد من المرات، كقضية حنان الشاوش، الشابة المتطوعة في المجال الخيري، التي تعرضت للتعذيب طيلة ثلاث أيام أثناء الحراسة النظرية السرية في المركز الأمني بالمنستير بتهمة "عدم التبليغ عن أنشطة إرهابية"، حيث حرمت من النوم طيلة 72 ساعة وتعرضت للركل واللكم والصعق بالكهرباء والتهديد بالاغتصاب.

و أثارت السيدة كنول إلى ادعاءات تعرض المحامين الناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان للتهديد، خصوصاَ أولئك الذين يدافعون عن المُتّهَمين بالإرهاب. و ذكّرت الحكومة التونسية "بالتزاماتها الإيجابية في اتخاذ الإجراءات الفعالة لضمان سلامة القضاة والمحامين وسلامة أسرهم".

وعبّرَت الخبيرة عن قلقِها حيال تبعية القُضاة العسكريين لرؤسائهم منهم رتبة، موضحة بأنهم "يخضعون لسمو القانون وأنه يحميهم من التهديد او الاعتداء".

توصيات الخبيرة الأممية
حثت السيدة كنول الدولة التونسية على النظر بِجِدِّية إلى التوصيات التي قدمتها في تقريرها، وخصوصا:

• ضرورة تبني البرلمان في أسرع وقت، على اساس مشاورات شاملة، تشمل أيضا منظمات المجتمع المدني، التشريعات اللازمة الرامية بشكل خاص إلى تفعيل دور المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية.

• إلغاء الصلات الوثيقة التي تربط بين السلطات القضائية والتنفيذية، لكي تصبح السلطة القضائية مستقلة فعلاً.

• فتح تحقيقات فورية في حال تعرض أحد القضاة أو النواب أو المحامين لأيّة مضايقات أو تهديدات أو هجوم أو اعتداء جسدي، وتبني أحكام لمرتكِبيها إضافة إلى أحكام تضمن الحماية المناسِبة للعاملين في مجال القانون وأسرهم.

• ضمان استقلال وزارة العدل عن النيابة العامة

• تعديل قانون الإجراءات لجعل الحد الأقصى للحراسة النظرية هو 48 ساعة، ولِجيصبح الحق في الاستعانة بمحامٍ في أولى ساعات الحراسة المدنية أمر تلقائي، وإضافة إلى حق الأسر والمحامين في الاطلاع على الملفات والأسباب القانونية للإحتجاز.

بعد انتهاء الخبيرة الأممية من تقديم تقريرها، اكتفى ممثل الدولة التونسية بسرد قائمة الاحكام القانونية المتعلقة باستقلال القضاء، وأكّد أن "التقرير الأممي سيكون بمثابة خارطة طريق طيلة الاصلاح القضائي".
تدعم الكرامة توصيات المقررة الأممية، وبشكل خاص المتعلقة بمكافحة الفساد في النظام القضائي، والإصلاحات التي ستمكن من إنشاء دولة القانون.

وستستمر الكرامة في متابعتها لتفعيل توصيات الخبيرة الأممية، وخاصة المتعلقة بالمحكمة الدستورية التي من المنتظر أن تصبح فعالة بشكل كامل نهاية أكتوبر 2015، وأيضا بـ "هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد" التي من المرتقب أن تلعب دورا حقيقيا في التحقيق في التهديدات ضد القضاة ومحاولة التأثير عليهم ، لأنه من الضروري على سلطات البلاد حماية العاملين في القضاء وأسرهم.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم  08 10 734 22 41 00

آخر تعديل على الثلاثاء, 25 آب/أغسطس 2015 16:40