تعاون المدافعين عن حقوق الإنسان مع آليات الأمم المتحدة يعرضهم للترهيب والانتقام
رفعت الكرامة اليوم تقريرها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن أعمال التخويف و الانتقام التي تمارسها الحكومات في العالم العربي ضد المتعاونين مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في ميدان حقوق الإنسان. وبين الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الذي قدمه في الدورة 24 لمجلس حقوق الإنسان أن الأعمال الانتقامية "تتخذ أشكالاً عدة، منها حملات تشويه السمعة، والتهديد، والمنع من السفر، والتحرش، وفرض غرامات، وإغلاق المنظمات، وممارسة العنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، والمحاكمات، والأحكام بالسجن لمدة طويلة، والتعذيب، وسوء المعاملة، بل وحتى القتل. ويظل الكثير من الحالات بلا حل لفترات طويلة".
يقدم الأمين العام للأمم المتحدة كل سنة تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان، يشير فيه إلى عدد من الحالات التي أفيد فيها بتعرض أشخاص للتخويف أو لعمليات انتقامية بسبب تعاونهم مع آليات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، عملا بقرار مجلس حقوق الإنسان 12/2 لسنة 2009 الذي عبر فيه المجلس عن قلقه بشأن العمليات الانتقامية التي تستهدف المتعاونين مع الأمم المتحدة.
مرت ثلاث سنوات على اندلاع الثورات العربية المطالبة بالحقوق الأساسية للأفراد، لكن العديد من الدول فشلت في تلبية تطلعات شعوبها. و لازال المدافعون عن حقوق الإنسان عرضة للمضايقات والترهيب، وأحيانا للاعتقال والتعذيب بسبب عملهم في إطلاع الأمم المتحدة، غالبا عبر الكرامة، بالانتهاكات التي تحدث في بلدانهم.
ففي الجزائر تقوم السلطات الأمنية بالتضييق على االمدافعين عن حقوق الإنسان كما هو اللحال بالنسبة للسيد إسماعيل غلاب، صحفي ورئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH)، الذي تعرض لتهديدات من مسؤول محلي من مديرية الاستخبارات والأمن (DRS) بسبب توثيقه لعدة حالات متعلقة بالانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت في المنطقة التي يقيم بها، وطلب منه المسؤول التوقف عن الاهتمام بما لا يعنه مضيفا أن "مكالماته الهاتفية مراقبة وأن جميع حركاته يتم رصدها عن كثب."
ولاتتوقف حملة السلطات العسكرية والأمنية بجيبوتي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث تعرض زكرياء عبد الله رئيس، رئيس رابطة جيبوتي للدفاع عن حقوق الإنسان، ومحامي العديد من الصحفيين والمعارضين، للترهيب والتهديد بالتصفية، ثم اعتقل في 23 يناير 2014 بتهم باطلة، ولبث في معتقل سري طيلة 3 أيام قبل أن يفرج عنه.
وعمدت السلطات المصرية بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، على كتم أصوت الناشطين الحقوقيين كأحمد مفرح ممثل الكرامة بالبلاد الذي كرس طاقاته لثوثيق الانتهاكات ورفعها للآليات الأممية. وأصدرت السلطات الأمنية بداية سبتمبر 2013 أمرا بالقبض عليه على أساس تهم وهمية كـ "الانتماء إلى منظمة إرهابية" ثم زارت مباحث أمن الدولة بيته عدة مرات ونهبت محتوياته.
أما في دول الخليج فإن السلطات الأمنية قادت حملة قمعية ضد كل الأصوات المطالبة باحترام حقوق المواطنين، وحاولت التصدي للوعي المتزايد بآليات حقوق الإنسان الأممية، وثني كل المتعاملين معها عن القيام بدورهم.
تفاقمت حالة حقوق الإنسان في الإمارات خلال السنتين الأخيرتين، وطاردت السلطات العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، كما هو الحال بالنسبة للشاب أسامة النجار، أحد النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين دافعوا عن مجموعة الإصلاحيين 94. وكان من الأوائل الذين عاينوا ونقلوا أخبارا المعتقلين في قضية الإماراتيين 94،حين عرضهم على المحكمة الاتحادية العليا في 6 سبتمبر 2012. اعتقلته السلطات أياما قلائل بعد زيارة مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، واتهمته بـ "التحريض على الدولة والإساءة إليها" و "نشر أخبار كاذبة على تويتر" و لازال إلى الآن بسجن الوثبة.
و لا يختلف الوضع في السعودية التي ضيقت بدورها على كل المدافعين عن حقوق الإنسان، كما هو الحال بالنسبة لوليد أبو الخير الذي تعرض لشتى أشكال الترهيب والتهديد بسبب تعاونه مع الأمم المتحدة. وافتعلت السلطات ضده عددا من القضايا، وتابعته أمام المحاكم بتهم متعددة كـ "تنظيم منتدى غير مرخص، واستضافة نشطاء لزعزعة أمن واستقرار البلاد" و "نشر معلومات كاذبة و تشويه سمعة المملكة بإعطاء معلومات مضللة للمنظمات الحقوقية الأجنبية". ويقبع وليد أبو الخير في سجن الملز بالرياض.
بينما اعتقل أحمد التويجري في ديسمبر 2013، بسبب مطالبته بالإفراج عن أخيه خالد التويجري الذي أصدر فريق الأمم المتحدة بشأنه قرارا يصف اعتقاله بالتعسفي، ويطالب السلطات بالإفراج عنه. ويوجد أحمد التويجري بسجن القسيم.
السلطات العمانية من جانبها تضطهد المدافعين عن حقوق الإنسان وتضايقهم، واعتقلت في 7 مايو 2014 كل من إبراهيم البلوشي، ناصر سليمان اليحيائي وطلال المعمري بسبب دفاعهم عن معتقلي الرأي بالبلاد.
هذه الحالات ليست إلا جزءا يسيرا ونماذج على سبيل المثال لا الحصر للمضايقات والعمليات الانتقامية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان. العديد من الناشطين الحقوقيين يرفعون حالات إلى الكرامة لإبلاغها إلى آليات الأمم المتحدة، ويطلبون من الكرامة التكتم على هويتهم وعدم إفشاء مصادر معلوماتها خوفا من الانتقام.
وتذكر الكرامة بما جاء في في توصية الأمين العام حين تقديمه لتقريره السنوي أثناء الدورة الرابعة والعشرون لمجلس حقوق الإنسان " ...على الدول، في المقام الأول، الالتزام بحماية المتعاونين مع الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان وضمان قيامهم بذلك بأمان ودون عوائق. وأكرر في هذا السياق توصياتي السابقة بالعمل على الصعيد الوطني، بما في ذلك باعتماد التشريعات المناسبة، وإدانة الأعمال الانتقامية والتخويف علناً، وضمان المساءلة في غالبية حالات الانتقام المبلَّغ عنها، وإجراء تحقيقات محايدة وفعالة، وتقديم الجناة إلى العدالة، وتوفير سبل الانتصاف للضحايا. وأشجع أيضاً الدول على الرد على ادعاءات التخويف والانتقام، والتعاون مع الأمم المتحدة بشأن هذه الأعمال".