طباعة
30 تموز/يوليو 2015

اليمن: لجنة مناهضة التعذيب تتبنى قائمة المسائل استعدادا للاستعراض الثالث لليمن

تبنى خبراء لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، خلال دورتها 54 المعقودة في 6 مايو 2015، قائمة المسائل المتضمنة لـ 34 قضية من المزمع مناقشتها مع اليمن خلال مراجعتها الثالثة المقبلة، بعد تقديمها لتقريرها الوطني.

وتتطرق أسئلة الخبراء الأمميين إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية لتعزيز الحظر التام للتعذيب، وتبني تعريفاً للتعذيب يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ومتابعة المتورطين في هذه الممارسة، وضمان الحقوق الأساسية للمعتقلين. وكانت الكرامة قد رفعت في فبراير 2015 إلى لجنة مناهضة التعذيب قائمة بـ 56 مسألة تتضمن كل هذه القضايا لطرحها من قبل الخبراء على الحكومة اليمنية.

وتوضح خديجة نمار، المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج بمؤسسة الكرامة، "من المهم جدا بالنسبة لنا المساهمة في قائمة المسائل، لأنها فرصة لوضع الدول الأطراف في الاتفاقية أمام مسؤولياتها ومحاسبتها من قبل اللجنة، وضمان عدم ممارسة التعذيب في أقاليمها"، وتضيف "يمكن للمجتمع المدني المحلي اتباع هذا الإجراء لإطلاع خبراء الأمم المتحدة على المواضيع التي تهمهم بشأن سياسات بلدهم وممارساتها، لكي يطلبوا بدورهم من الحكومة معالجتها. وتكمن أهمية هذا الإجراء خاصة في مخاطبة الحكومات التي تصعب محاسبتها من قبل شعوبها بشأن انتهاكاتها حقوق الإنسان، نظرا لغياب مؤسسات مستقلة في البلاد التي يمكنها رصد تجاوزات السلطات". وقد رفعت الكرامة إلى الأمم المتحدة معلومات عن الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومة والجهات غير الحكومية في اليمن، وأيضا عن القوانين والسياسات التي تسمح بهذه الممارسات.

تعريف التعذيب طبقا للفقرة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب

نبهت الكرامة في تقريرها إلى أن تعريف التعذيب في الدستور اليمني لا يلتزم بمعايير الاتفاقية. علما بأن إدراج تعريف للتعذيب في القانون المحلي طبقا لما جاء في الاتفاقية ليس مسألة ضرورية فقط، بل وسيلة لضمان تجريم كل الأفعال التي يشملها هذا التعريف. وفي هذا الصدد طرح خبراء الأمم المتحدة في قائمة المسائل الأربعة والثلاثين سؤالا عن الإجراءات التي تقوم بها لإدراج جريمة التعذيب في قوانينها المحلية وتبنيها لتعريف يتماشى مع ما ورد في الفقرة الأولى من الاتفاقية التي وقعتها في نوفمبر 1991.

الحظر المطلق للتعذيب

طرح الخبراء أسئلة بشأن تنفيذ مبدأ الحظر المطلق للتعذيب. وبالفعل فإن مبدأ عدم التعرض للتعذيب حق مطلق غير قابل للانتقاص. ويعني ذلك أنه "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلى أو اية حالة من حالات الطوارئ العامة الاخرى كمبرر للتعذيب". وبالتالي يجب على اليمن تعزيز هذا الحظر في قوانينها وسياساتها.
وطالب الخبراء باحترام هذا المبدأ في "النزاع المسلح الجاري" من قبل جميع الأطراف المشاركة فيه، سواء القوات الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي الذي تدعمه قوات التحالف بقيادة السعودية، أو الحوثيين المدعومين من قبل إيران.

بالإضافة إلى ذلك يشكل قانون مكافحة الإرهاب أرضية خصبة لانتهاك حقوق الإنسان، خصوصا ممارسة التعذيب قصد تلفيق التهم وانتزاع اعترافات من أشخاص متهمين بالإرهاب بذريعة أن هؤلاء الأشخاص يهددون أمن الدولة. ويأخذ هذا الخطر بعدا أكبر حين يكون تعريف الإرهاب الذي تبنته الدولة فضفاضا يمكنه أن يشمل حتى المتظاهرين السلميين. وأشارت الكرامة في تقريرها إلى أن تعريف الإرهاب المبهم، أدى إلى انتشار التعذيب على نطاق واسع بهدف الحصول على اعترافات. وفي هذا الصدد طالبت اللجنة الحكومة اليمنية تزويدها بالبيانات بشأن الخطوات التي اتخذتها لضمان "عدم الأخذ بالاعترافات المنتزعة تحت التعذيب في جميع الحالات، بما يتفق مع التشريعات المحلية وأحكام المادة 15 من الاتفاقية".

إجراءات فعلية للوقاية من التعذيب ومعاقبة مرتكبيه

طلب الخبراء معلومات بشأن التزام اليمن باتخاذ جميع التدابير الضرورية للوقاية من التعذيب في جميع أقاليمه، وتشمل هذه التدابير "إدراج التعليم والاعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب على الوجه الكامل في برامج تدريب الموظفين المكلفين بانفاذ القوانين سواء أكانوا من المدنيين أو العسكريين ، والعاملين في ميدان الطب ، والموظفين العموميين أو غيرهم ممن تكون لهم علاقة باحتجاز أى فرد معرض لأى شكل من أشكال التوقيف أو اعتقال أو سجن" بهدف إخطارهم جميعا بالحظر المطلق للتعذيب". وفي هذا الصدد تساءلت الكرامة عن "البرامج التدريبية" التي خصصتها اليمن لكل موظفي الدولة والأطباء الشرعيين والعاملين في المجال الطبي الذين يتعاملون مع الأشخاص المعتقلين لتمكينهم من "كشف وتوثيق الآثار الجسدية والنفسية الناجمة عن التعرض للتعذيب وسوء المعاملة.

التزم اليمن كطرف في الاتفاقية باتخاذ تدابير فعالة للوقاية من التعذيب ولكن أيضا بمعاقبة المتورطين فيه. وفي هذا الشأن طالبت اللجنة من الدولة الطرف تزويدها بمعلومات عن الإجراءات التي اتخذتها للتحقيق الفوري والمحايد في ادعاءات تورط موظفي الدولة المكلفين بالأمن وإنفاذ القانون "في حالات القتل خارج نطاق القضاء، والانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان" وخاصة بشأن "التقارير المتعلقة بالتعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري وتهديد المدنيين المشاركين في المظاهرات"

الإجراءات الوقائية لحماية حقوق المعتقلين الأساسية

يكتسي احترام السلطات لحقوق المعتقلين الأساسية أهمية قصوى في وقايتهم من التعذيب. وفي هذا طلب خبراء الأمم المتحدة من اليمن تقديم معلومات عن جميع الضمانات الأساسية، منذ بداية احتجازهم، بما في ذلك: الوصول الفوري إلى محام والخضوع لفحص طبي مستقل من قبل طبيب من اختيارهم، وإخطار أحد الأقارب أو شخص آخر يختارونه وإطلاعهم على حقوقهم في وقت الاحتجاز والتهم الموجهة إليهم، و المثول أمام قاض في غضون فترة زمنية وفقا للمعايير الدولية؛ وكل التدابير المتخذة لإنشاء آلية مراقبة فعالة لضمان تمتعهم بكل هذه الحقوق.

وقد طرحت الكرامة كل هذه المسائل في مساهمتها، بعد توثيقها للعديد من حالات الاعتقال بمعزل عن العالم والاعتقال في السر من قبل السلطات، لم يتم فيها أبدا إبلاغ الضحايا بطبيعة الاتهامات الموجهة إليهم، وحرموا من زيارات أسرهم ومحامييهم ومن الوصول إلى فحص طبي مستقل، كما هو الشأن في القضايا التي رفعتها في 14 مايو 2014، و 30 يونيو 2014 التي تظهر أن الضحايا احتجزوا خارج حماية القانون، معرضين للتعذيب وسوء المعاملة من قبل السلطات.

بعد ذلك طلبت اللجنة من الحكومة اليمنية إفادتها بمعلومات عن "الخطوات التي اتخذتها لحل المحكمة الجزائية المتخصصة، التي لا تحترم المواصفات الدولية للمحاكمة العادلة". وبالفعل فإن الكرامة كما أوضحت ذلك في قائمة المسائل التي عرضتها على اللجنة، أشارت إلى أن الأشخاص الذين يحالون على هذه المحكمة يتم احتجازهم قبل ذلك لمدد طويلة بمعزل عن العالم الخارجي، محرومين من الحق في توكيل محامين معرضين للتعذيب وسوء المعالمة.

كما أثارت الكرام في مساهمتها العديد من الحالات تعرض فيها الضحايا للتعذيب والاحتجاز التعسفي، ذكرت اللجنة من ضمنها في قائمة المسائل حالة طه العيساوي، عامل ميكانيكي أب لأربعة أختطفه البوليس السياسي من مقر عمله في 27 يونيو 2013 واختفى من سجن صنعاء منذ فبراير 2014. كما تطرقت إلى قضية طه العيساوي ومراد عايد الحاملين للجنسيتين الفرنسية والتونسية، الذين اختطفا على يد الشرطة السياسية في 7 و 8 مايو 2014 والمعتقلين في السر منذ ذلك الحين.

وفي نفس السياق شملت قائمة المسائل قضايا أخرى أثارتها الكرامة في مساهمتها، وانعكست في قائمة المسائل التي التي تبنتها اللجنة كالعدد الحقيقي لأماكن الاعتقال ومواقعها في البلاد، بالإضافة إلى عدد المعتقلين في هذه الأماكن. وتتجلى أهمية هذه المعلومات في كونها تساهم في حماية كل المحتجزين من الاعتقال السري ومن خطر التعرض للتعذيب. إضافة إلى هذه المعلومات يجب على الحكومة اليمنية القيام بإنشاء آلية لرصد وتفتيش هذه المراكز. وبما أن التعذيب أصبح محظورا على جميع أصحاب المصلحة باليمن طبقا لاتفاقية مناهضة التعذيب، يتوجب على السلطات اتخاذ إجراءات فعالة لوقف انتشار أماكن الاحتجاز الواقعة تحت سلطة رؤساء القبائل والجماعات المعارضة، وبشكل عام حظر جميع أماكن الاعتقال غير الخاضعة لمراقبة السلطات الرسمية للبلاد. وطالبت اللجنة من السلطات اليمنية بمعالجة طل هذه القضايا والتطرق إليها في تقريرها.

مدنيون تحت رحمة طائرات الدرونز

تنوه الكرامة بكل المسائل التي طرحتها اللجنة في قائمة المسائل، وتتوخى ردودا إيجابية من السلطات اليمنية، لكنها تأسف أن اللجنة لم تشر إلى القضية البشعة وغير الإنسانية والحاطة بالكرامة التي يعاني منها المدنيون الذين يعيشون في مناطق تنشط فيها طائرات الدرونز التابعة للجيش الأمريكي (بترخيص من السلطات اليمنية)، كما لم يتم التطرق إلى إجراءات الانتصاف الواجب اتباعها من قبل أسر ضحايا الدرونز وبشكل خاص فتح تحقيق مستقل وفوري في عمليات قتل المدنيين بطائرات الدرونز التي طالت الأطفال أيضا. وستطرح الكرامة من جديد هذا الموضوع في تقريرها الموازي لتقرير الحكومة وسيشمل معلومات يتضمنها تقرير أطلقته في يونيو 2015 خلال ندوة على الشبكة .

في انتظار استعراض اليمن

قبل أن يتم استعراض اليمن من قبل لجنة مناهضة التعذيب، يجب أن يقدم تقريرا يتضمن إجابات على قائمة المسائل، بهدف تقييم مدى احترامه لاتفاقية مناهضة التعذيب. وستساهم الكرامة بتقديم تقريرها الموازي وأيضا بالاجتماع مع خبراء اللجنة لإطلاعهم على القضايا التي تشغلها. وترحب الكرامة بالمعلومات التي يقدمها لها المجتمع المدني اليمني ومساهماته في إعداد تقريرها الموازي الذي سترفعه إلى اللجنة.

 

*تعريف التعذيب حسب الفقرة الأولى من الاتفاقية

"لأغراض هذه الاتفاقية،يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أوتخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها".

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أو مباشرة على الرقم 0041227341008

آخر تعديل على الجمعة, 31 تموز/يوليو 2015 11:08