29 كانون2/يناير 2009

الكرامة تنتقد توصية تعليق الصفة الاستشارية للجنة العربية لحقوق الإنسان

أعلنت لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (الإيكوسوك) عقب اجتماعها اليوم في نيويورك عن توصية بتعليق اللجنة العربية لحقوق الإنسان لمدة سنة واحدة، بناء على طلب من البعثة الجزائرية الدائمة لدى الأمم المتحدة. وأساس الشكوى الجزائرية يقوم على مثول ممثل اللجنة العربية الدائم لحقوق الإنسان في جينيف، السيد رشيد مصلي، أمام مجلس حقوق الإنسان في دورة 10 يونيو 2008. والسيد مصلي يشغل أيضا منصب المدير القانوني لمنظمة الكرامة، وهي منظمة حقوقية غير حكومية مقرها جنيف.

وتدّعي الجزائر أنّ السيد مصلي له علاقة بجماعة إرهابية (الجماعة السلفية للدعوة والقتال) وهو ادعاء كاذب، وأنّ مذكرة توقيف قُدمت في حقه من طرف الحكومة الجزائرية عبر الإنتربول، ومن المفترض أن لا يُسمح له بالمداخلة أمام مجلس حقوق الإنسان.

والسيد مصلي الذي تحصل على اللجوء السياسي في سويسرا عام 2000 لم يتوقف إلى يومنا هذا عن الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر وفي العالم العربي. وكل الانشغالات التي طرحتها الجزائر يعود تاريخها إلى ما بعد لجوئه إلى سويسرا التي لم يتعرض لأي إزعاج من طرف سلطاتها، رغم المزاعم الخطيرة التي أثارتها الحكومة الجزائرية، مما يؤكد ضعف مصداقية هذه الادعاءات. 

إنّ الكرامة تعرب عن بالغ قلقها إزاء القرار الذي اتخذته اللجنة، والذي يشكل سابقة خطيرة لأنه يعني أن المدافعين عن حقوق الإنسان، أفرادا كانوا أو منظمات غير الحكومية، يمكن استهدافهم من قِبل الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان (كما حدث في هذه الحالة)، وأنه بإمكان الحكومات تقويض عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية التي يعملون لديها، بتقديم معلومات مزورة و / أو مضللة إلى لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

وبناء عليه فإنّ هذا القرار يتعارض مع الهدف المعلن للجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو ضمان استفادة المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئاته الفرعية ومجلس حقوق الإنسان من خبرة المنظمات غير الحكومية. إنّ مساهمة المنظمات غير الحكومية عنصر أساسي في العمليات بين الحكومية. وبنص صريح للجمعية العامة للأمم المتحدة يُعترف بالدور الهام الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان. لذلك فإنّ هذا القرار يؤثر على قدرة المجتمع المدني في المشاركة في أعمال مجلس حقوق الإنسان، وعلى مصداقية جميع نشاطات حقوق الإنسان التي يقوم بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس حقوق الإنسان.

لقد أثارت الجزائر هذه الشكوى لدى اللجنة في أجل قصير، ويتضح من محضر الجلسة أنه لم يكن هناك وقت كاف للجنة لتلقي كافة المعلومات والنظر في الشكوى. ونحن نشعر بقلق لكون اللجنة استندت في قرارها بشكل أساسي على المعلومات التي وردت من الجزائر، ونعتبر أن الإجراءات التي اعتمدتها اللجنة معيبة، وأنّ اللجنة وصلت إلى استنتاج غير صحيح لأنها لم تكن على علم بجميع المعلومات ذات الصلة.

إنّ الكرامة تعرب عن قلقها الشديد إزاء التضليل المتعمد من طرف البعثة الجزائرية الدائمة لدى الأمم المتحدة في حق السيد مصلي، الذي له تداعيات ليس فقط على زميلنا، وإنما أيضا على جميع المنظمات غير الحكومية التي تتعامل مع الأمم المتحدة.

والملاحظ أيضا أن الجزائر لم تثر مخاوف بشأن مضمون البيان الشفوي الذي ألقاه السيد مصلي أمام مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 10 يونيو 2008، والذي وردت فيه انشغالات موثقة جيدا بخصوص انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الجزائر، وإنما بشأن الشخص الذي قام بتقديم العرض، مما يدل على أنّ الدوافع الحقيقية لهذه الشكوى لا علاقة لها مع سلوك المنظمات غير الحكومية اللائقة في مجلس حقوق الإنسان.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الجزائر تكميم أفواه منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان. ففي عام 1997، طالب السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة بجنيف بسحب الصفة الاستشارية لدى "الاكوسوك" من منظمة العفو الدولية التي كانت قد نشرت تقريرا يدين الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في الجزائر. وهو نفس الأسلوب الذي تستعمله مجددا التمثيلية الجزائرية لإسكات المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان المعروف رشيد مصلي لا لذنب اقترفه إلا أنه فضح السجل القاتم لحالة حقوق الإنسان في الجزائر.

وفي حالة قبول الشكوى الجزائرية من طرف اللجنة فإنّ ذلك سيشكل سابقة خطيرة من شأنها أن تؤثر تأثيرا خطيرا على مصداقية اللجنة واعتماد المنظمات غير الحكومية. وهذه الشكوى لا تؤثر فقط على زميلنا، السيد مصلي، وعلى اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ولكن على جميع المنظمات غير الحكومية الأخرى، وخاصة المنظمات غير الحكومية الوطنية التي لا تلقى ترحيبا من حكومات معروفة بسجلات انتهاكات جسيمة حقوق الإنسان.

إنّ الكرامة بصدد رفع انشغالاتها إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وكذا إلى لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

عن الكرامة

الكرامة منظمة غير حكومية تهتم بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم العربي، وهي مؤسسة سويسرية مقرها جينيف ولها مكاتب فرعية وممثلين في بيروت والدوحة وصنعاء. تتعامل الكرامة مع مختلف آليات حقوق الإنسان الأممية بما فيها رفع شكاوى وتقديم تقارير للإجراءات الخاصة والهيئات التعاهدية وكذا الآلية الجديدة المتمثلة في الاستعراض الدوري الشامل. وتهدف الكرامة إلى العمل في إطار حوار بناء مع جميع الأطراف، بما فيها الدول، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وجميع أعضاء المجتمع المدني. وتركز الكرامة على المجالات الأربعة التالية ذات الأولوية: الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء. وقامت الكرامة برفع الآلاف من الشكاوى إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما فيها أكثر من 1000 قضية عن المسألة الحساسة المتعلقة بالمختفين في الجزائر. وعلى سبيل المثال، في عام 2007 قدمت الكرامة أكثر من 90٪ من الحالات التي تم فحصها من قبل فريق العمل المعني بمسألة الاعتقال التعسفي في العالم العربي.

آخر تعديل على الجمعة, 30 كانون2/يناير 2009 18:58