06 أيلول/سبتمبر 2010

إسرائيل: محاكمة غير عادلة للسيد حلابية، البالغ من العمر 16، أمام محكمة عسكرية

ألقي القبض في يوم 6 شباط/ فبراير 2010، على محمد حلابية وهو قاصر، من قبل عناصر من شرطة الحدود عندما كان يسير رفقة اثنين من أصدقائه على طول الجدار الفاصل بالقرب من بلدة أبو ديس. وقد أجبر في نهاية المطاف، بعد تعرضه للتعذيب والضغوط من جانب هؤلاء العناصر، على "الاعتراف" بإلقائه قنابل المولوتوف ضد الدوريات الإسرائيلية، مع الإشارة أن محاكمته قد جرت أمام محكمة عسكرية بعد قضائه أكثر من أربعة أشهر في احد السجون الخاصة بالبالغين. ويبدو بشكل لا يرقى إليه أدنى شك أن محاكمته غير عادلة، بحيث من المرجح جدا أن يصدر بحقه عقوبة سجن ثقيلة.

وفي هذا الصدد راسلت الكرامة فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، والتمست منه التدخل لدى السلطات الإسرائيلية، لحثها على معاملة السيد حلابية، وفقا لوضعه باعتباره قاصرا وبما يتفق وتوصيات لجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وحقوق الطفل.

وللتذكير، يبلغ السيد محمد محمود داود حلابية 16 عاما، ويقيم مع عائلته في أبو ديس، شرقي مدينة القدس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو طالب ويعمل في الوقت ذاته بأحد مطاعم أبو ديس.

وشعورا منه بالرعب بفعل مواجهته التهديد المباشر من قبل الجنود المدججين بالسلاح، أخذ محمد يركد باتجاه منزله بحثا عن ملجأ يؤوي إليه، وفي هذه الأثناء، سقط في حفرة يقارب عمقها خمسة أقدام مما تسبب له في كسر ساقه.

وعلى الرغم من جروحه البليغة، أمعن الجنود في توجيه سلسلة من الركلات القاسية والموجعة إلى ساقه المكسورة قبل نقله إلى القاعدة العسكرية في أبو ديس، حيث أجبر على الجلوس على الأرض مكبل اليدين، ليتم استجوابه عن أفراد أسرته وأصدقائه.

ولم يتم نقله إلى مستشفى هداسا الواقع على جبل المشارف (سكوبيس) إلا بعد نصف ساعة من ذلك، ولم يتلقى هناك الرعاية الطبية المناسبة بسبب وجود عناصر الشرطة في عين المكان. وقد تعرض للضرب المبرح حتى داخل مبنى المستشفى حيث لم يتوقف عنه الضرب والتهديد من قبل الجنود الذين حاولوا ثنيه عن تقديم شكوى حول ما تعرض له من عنف وسوء المعاملة. وقد مورست ضده سلسلة من ضروب المعاملة الوحشية، منها على وجه الخصوص: وخزه في يديه وساقيه عدة مرات عن طريق الحقن، وكُمِم فمه بواسطة لاصقة، بالإضافة إلى تلقيه ضربات عدة على أسفل البطن.

وبعد أن اتصلت إدارة المستشفة بوالد الضحية، لم يتمكن هذا الأخير من رؤية ابنه إلا لفترة وجيزة، ومُنِع من مرافقته أثناء نقله إلى مركز الشرطة لغرض الاستجواب.

واستمرت محنة السيد محمد حلابية خلال نقله إلى مركز الشرطة لمعاليه أدوميم لاستجوابه مرة أخرى لعدة ساعات على التوالي. وفي تلك اللحظة تحديدا وجهت إليه تهمة إلقاء زجاجات حارقة على دوريات إسرائيلية، وهي التهمة التي نفاها بشكل قاطع.

وفي ظل المعاناة التي تكبدها، وحرمانه من الرعاية المناسبة ومن الطعام والنوم، وخوفا من تعرضه مجددا للانتهاكات أخرى، صرح السيد محمد حلابية في نهاية المطاف، أنه يعترف بالوقائع المنسوبة إليه، فنُقِل على إثر ذلك إلى مركز الاحتجاز عتصيون حيث تلقى أخيرا قدرا من الرعاية الطبية قبل نقله في 9 شباط/ فبراير إلى سجن عوفر العسكري الواقع بين رام الله وجفعات زئيف، حيث يظل رهن الاعتقال إلى يومنا هذا، بجناح خاص للبالغين.

وإذا كان قد سمح له بتلقي زيارة محام (المعين من قبل المحكمة) في 7 شباط/ فبراير 2010 ليبلغه عن مختلف الانتهاكات التي تعرض لها، إلا أنه لا يزال محروما من أي اتصال مع عائلته، وذلك طيلة أربعة أشهر. وفي 16 شباط/ فبراير 2010، وجه إليه المدعي العام العسكري تهمة إلقاء زجاجات حارقة في بلدة أبو ديس. وقد انطلقت جلسات محاكمته أمام المحكمة العسكرية في عوفر يوم 12 نيسان/ أبريل 2010، حيث انعقدت سبع جلسات منذ ذلك الحين. وفي 26 آب/ أغسطس 2010، قدم محاميه طلبا لدى المحكمة العسكرية للإفراج عنه بكفالة لحين انتهاء المحاكمة. ومن المقرر عقد الجلسة المقبلة في 6 أيلول/ سبتمبر 2010.

وهكذا، يحاكم السيد محمد حلابية من قبل محكمة عسكرية بعد اعتقاله تعسفا واستجوابه وتعذيبه واحتجازه في ظروف غير إنسانية، استنادا إلى لائحة اتهام لا أساس لها، حيث أنها لا ترتكز سوى على محاولة فرار الضحية من وحشية القبضة العسكرية.

وقد سجلت لجنة حقوق الإنسان المخاطر التي تتهدد المدنين الذين يحاكمون أمام المحاكم العسكرية، حيث أن محاكمتهم لا تفي بجميع متطلبات المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والضمانات المنصوص عليها في هذه المادة لا يتم الوفاء بها.

أما اللجنة المعنية بحقوق الطفل، فقد أعربت عن قلقها إزاء التقارير التي بلغتها والتي تفيد بأنه في الفترة ما بين عامي 2005 و 2009، اتهم أكثر من 2000 طفل بالإخلال بالأمن، وظلوا رهن الحجز التحفظي لمدة تصل إلى ثمانية أيام، قبل أن توجه إليه التهم، وحوكموا من قبل محاكم عسكرية. كما أعربت اللجنة عن قلقها إزاء احتجاز الأطفال المتهمين بتقويض الأمن داخل زنزانات في ظروف غير إنسانية ومهينة، ويتعرضون لسوء المعاملة لفترات طويلة.

وفي ضوء ذلك، تشعر الكرامة ببالغ القلق إزاء مصير السيد محمد حلابية وإزاء خطر الحكم عليه بعقوبة سجن ثقيلة من قبل محكمة عسكرية على الرغم من كونه قاصرا.

آخر تعديل على الأربعاء, 18 تشرين2/نوفمبر 2015 14:19