الجزائر أمام مجلس حقوق الإنسان، يوم الاثنين 14 نيسان/ أبريل 2008
وفي
إطار المراجعة الدورية الشاملة التي تنص على مشاركة المجتمع المدني في هذا الإجراء،
تقدمت الكرامة بتقرير إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكدت فيه على عدد من
الاهتمامات ذات الصلة بالالتزامات المترتبة على الجزائر في مجال حقوق الإنسان.
فابتداء
من شهر شباط / فبراير 1992، تم الإعلان عن العمل بحالة الطوارئ، ولا يقتصر الوضع
على استمرار العمل به إلى يومنا هذا فحسب، بل ثمة أحكام تخوّل مؤسسة الجيش سلطات
جد واسعة.
ويضع قانون
مكافحة الإرهاب الصادر في شهر أيلول / سبتمبر 1992، تعريفا جد واسع وغير دقيق وغير
واضح المعالم لمصطلح الإرهاب. كما تم إدراج عدد كبير من مواد هذا القانون في عام
1995 داخل قانون العقوبات الجزائية، وبذلك تم تعميم الإجراءات الاستثنائية بشكل
يسمح للمحاكم القيام بممارسات تتناقض مع الضمانات الأساسية التي تنص عليها
الاتفاقات الدولية.
وتحت
غطاء مكافحة الإرهاب، ارتكبت مختلف قوى الأمن والمليشيات التي أنشأها الجيش منذ
عام 1994، انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. حيث احتجز آلاف الأشخاص إداريا في
معسكرات الاعتقال في جنوب البلاد، بعضهم لفترة تقارب 4 سنوات (أغلقت هذه المعسكرات
رسميا في أواخر عام 1995). كما تعرض عشرات الآلاف من الأشخاص للتوقيف والاعتقال
التعسفيين، وجرت ممارسة التعذيب على نطاق واسع وتعرض عشرات الآلاف من المواطنين للإعدام
خارج إطار القانون أو للاختفاء القسري.
ولا تزال الأجهزة
القمعية والقضائية التي تم إنشاءها عقب صدور حالة الطوارئ قصد محاربة المعارضة،
سواء منها السلمية أو المسلحة، قائمة حتى الآن. ورغم أن عدد الضحايا قد انخفض بشكل
كبير خلال السنوات الأخيرة، فلا تزال ممارسة الإيقاف التعسفي والاعتقال السري
والتعذيب تجري على نطاق واسع، في إطار ما تبرره السلطات تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
ومع
تولي عبد العزيز بوتفليقة رئاسة الدولة، منذ أيار / أبريل 1999، أعلن النظام
تخطيه مرحلة جديدة: مرحلة الوئام المدني، والسلم والمصالحة الوطنية. لكن في واقع
الأمر ما تم هو أن أفراد الجماعات المسلحة الذين استسلموا للسلطة، وجزاءا على
تعاونهم مع السلطات، استفادوا من الإلغاء التام للمتابعات القضائية بغض النظر عن
طبيعة وحجم ما ارتكبوه من أفعال، فيما استفادت عناصر قوى الأمن من جهتها من إجراءات
العفو، بحيث أصبح من غير المسموح به قانونا التقدم بأي شكوى لمقاضاتهم على ما
اقترفوه من جرائمهم.
ورغم
اضطرار الدولة الجزائرية أخيرا إلى الاعتراف بحجم ظاهرة الاختفاء القسري، إلا أنها
تدعي تسوية هذه المسألة وبشكل نهائي عن طريق التعويضات.
وأخيرا وليس آخرا،
فإن قانون " المصالحة الوطنية" يحظر توجيه أي انتقاد للدولة، سواء جرى
ذلك من داخل البلد أو من خارجه، يعرّض صاحبه للإدانة الجنائية.
ونذكّر في هذا الصدد بأن لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة، التي نظرت في التقرير الدوري الثالث للجزائر في شهر أكتوبر / تشرين الأول 2007 ، قد نشرت توصياتها مؤخّرا، ومن هذه التوصيات على وجه الخصوص، ضرورة إجراء التحقيقات اللازمة قصد تحديد المسؤوليات بشأن الانتهاكات الخطيرة المرتكبة مثل المجازر وحالات الاختفاء القسري والاغتصاب والتعذيب وضرورة ملاحقة المسؤولين عنها قضائيا ومعاقبتهم.
الكرامة لحقوق الإنسان، 12 نيسان/ أبريل 2008