26 أيار 2011

الجزائر: مالك مجنون رهن اعتقال "مؤقت" منذ 12 عاما

بعد اتهامه دون تقديم أية أدلة تثبت تورطه في عملية اغتيال المغني معطوب لوناس، لا يزال مالك مجنون رهن الاعتقال التعسفي منذ عام 1999، ينتظر حتى يومنا هذا محاكمته دون جدوى. وفي هذا الإطار وجهت منظمة الكرامة رسالة إلى النائب العام لمحكمة تيزي وزو تذكره فيها بالتزاماته بصفته أعلى سلطة الادعاء.

والجدير بالتذكير أن مالك مجنون، البالغ حاليا 38 عاما من العمر، ما زال يقبع في الحبس الاحتياطي منذ ما يزيد عن اثني عشر عاما، في انتظار محاكمته. وكان بعد اختطافه في 28 أيلول/ سبتمبر 1999 في مدينة تيزي وزو على يدي عناصر من مديرية الاستعلامات والأمن (الدي ار اس)

، قد تعرض للتعذيب والتحقيق معه، في مركز "عنتر" ببن عكنون (الجزائر العاصمة). وفي رسالة وجهها إلى الأستاذ رشيد مسلي، الذي كان يتولى حينذاك مهمة الدفاع عنه، والمدير القانوني حاليا لمنظمة الكرامة، قدم مجنون شهادته بهذا الشأن قائلا: "تم استخدام كافة أصناف التعذيب بحقي، إذ تلقيت في بداية الأمر وابلا من الضربات بواسطة يد معول على جميع أجزاء الجسم (...) ثم (...) باشروا تعذيبي بالكهرباء."

وفي أعقاب مثوله أول مرة أمام النائب العام لمحكمة تيزي وزو، في شهر آذار/ مارس 2000، إلى جانب حكيم شنوي، أحد الأعضاء التائبين، في الجماعات المسلحة المحلية، رفض القاضي طلب فتح الإجراءات القضائية، وإحالة القضية أمام قاضي التحقيق بسبب هشاشة الملف المعروض أمامه، لكن الأخطر من ذلك، هو أن النائب العام قد طلب من عناصر مديرية الاستعلام والأمن "استعادته"، وهو ما يعني بعبارة أخرى، خاصة في سياق تلك الحقبة الدقيقة، إخفائه إلى الأبد.

فقط بعد مضي شهرين، في الوقت الذي أحيلت قضيته أمام فريق العمل المعني بحالات الاختفاء القسري للنظر فيها، وبعد إعراب منظمة العفو الدولية لدى زيارتها للجزائر، عن رغبتها في الاتصال بأسرته، حينها فقط تم عرضه من جديد أمام قاضي التحقيق، ليبلَغ يوم ذاك أنه متهم بقتل المغني القبائلي الشهير معطوب لوناس. وكانت مفاجأته كبيرة، لدى أخذه علما بهذه التهمة، إلى درجة عدم تصديق ما سمعته أذنيه، مما جعله يقول: "كنت اعتقد أنهم يمزحون، ويريدون فقط اختباري وتخويفي قبل إطلاق سراحي"، وكان ذلك في شهر أيار/مايو 2000، أي ثمانية أشهر منذ اعتقال مالك مجنون، في الحبس الانفرادي من دون أي إمكانية اتصال مع الخارج.

وفي عام 2002، سعيا منها وراء جمع الأدلة التي تمكنها من دعم الرواية الرسمية لعملية الاغتيال، أوقفت مديرية الاستعلام والأمن الشاب أحمد شربي، وأجبرته على الإدلاء بشهادته ضد مالك مجنون، رغم كونه لم يسبق أن تعرف عليه حتى. وفي رسالة بعث بها إلى الأستاذ رشيد مسلي، أوضح السيد شربي قائلا: "قلت أنني لا يمكنني أن أوشي بأشخاص لا أعرف عنهم شيئا، ولا يمكنني أن أدلي بشهادة كاذبة"، الأمر الذي كلفه 43 يوما من التعذيب، لكن انتهى به الأمر بعد حقنه بمواد مخدرة، إلى توجيه اتهامه إلى مالك مجنون، قبل أن يتراجع عنها.

بعد توجيه الأمم المتحدة إدانتها إلى النظام الجزائري، كانت حجته أن "القضية حساسة سياسيا".

وجهت منظمة الكرامة بين عامي 2004 و 2011، حوالي خمسة عشر شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان والمقرر الخاص للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ولا تزال المنظمة حتى الآن تعتني وتتابع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، وتبذل قصارى جهدها لكسر الجمود لمعالجة قضية مالك مجنون.

ورغم أن المدعي العام لمحكمة تيزي وزو هو صاحب الاختصاص، المخول بتقديم قضية مالك مجنون للمحاكمة، إلا أنه ما فتئ يرفض اتخاذ هذا القرار منذ اثني عشر عاما. وبمناسبة زيارة قام بها إلى السجن، ليطلب منه التوقف عن إضرابه عن الطعام، ضمن المرات العديدة التي لجأ فيها إلى هذا النوع من الاحتجاج، أسرّ المدعي العام إلى مالك مجنون قائلا أنه لا يمكنه تقديمه أمام المحكمة، باعتبار أن قضية معطوب "حساسة سياسيا".

بالفعل، غداة اغتيال المغني في 25 حزيران/ يونيو 1998، عمّت احتجاجات عارمة جميع أرجاء تيزي وزو، حيث وجه المحتجون التهمة بشكل علني إلى الحكومة الجزائرية. وبعد إصدار بيان "مفبرك" تتبنى فيه الجماعة السلفية للدعوة والقتال عملية الاغتيال، تم رفض فحوى البيان على الفور، واستمرت موجة الاحتجاج العنيف لعدة أيام.

وفي ضوء هذا الوضع الحساس كان لا بد من العثور على "جاني" مزعوم لغلق هذا الملف الذي يثير قدرا كبيرا من التوتر، في منطقة مشهورة بنزعتها المتمردة، فاهتدي إلى مالك مجنون، القابع المنسي منذ ثمانية أشهر طويلة، في زنزانة داخل ثكنة "عنتر"، باعتباره "المتهم" بامتياز.

وقد تم تأجيل المحاكمة التي كان مقررا إجراؤها في بداية الأمر في 5 أيار/ مايو 2001 إلى أجل غير مسمى، وقد حدث ذلك في ظروف دقيقة اشتعلت فيها منطقة القبائل برمتها، في أعقاب مقتل شاب داخل مقر فرقة الدرك. وإدراكا منها أن روايتها للحدث هشة ولن تقنع أحدا، فضلت السلطات الجزائرية عدم المضي قدما في هذا الاتجاه خشية تعزيز، أثناء مجريات المحاكمة، الأطروحة الراسخ لدى السكان، التي تشير إلى تورط السلطة المباشر في اغتيال المغني.

ولم تخفي هذه السلطات اعترافها أمام لجنة الأمم المتحدة، رفضها محاكمة مالك مجنون، حيث لم تردد في تبرير قرارها هذا بحجة حساسية ما "تشهده المنطقة من أحداث خطيرة، لا تسمح للعدالة بالمحاكمة في هذه القضية، نظرا لغياب الحد الأدنى من الظروف المواتية الواجب توفرها في مثل هذه الإجراءات. "

وبناء عليه يتبين بشكل جلي، أن المسألة تتعلق بحالة صارخة من حالات الحرمان من العدالة، تتحمل المسؤولية عنها السلطات العليا في البلاد، ويقرها جهاز عدالة يخضع لتعليمات السلطة التنفيذية، ودون أن تثير هذه الفضيحة القانونية أية ردود فعل من أي جهة، لاسيما من جانب الاتحاد الوطني للمحامين، الذي أضحى دوره اليوم يثير الكثير من التساؤلات .

يحدث هذا كله رغم أن اعتقال مالك مجنون من دون محاكمة منذ ما يقرب من 12 سنة يشكل في نظر القانون الجزائري جريمة يعاقَب عليها، كما أن النائب العام لتيزي وزو، الذي يعتبر مشارك في عملية الاختفاء القسري بعد أن أعاده إلى الاعتقال السري، يتحمل اليوم مسؤولية إضافية في احتجازه بشكل تعسفي.

وفي ضوء ذلك لم تتردد الكرامة، في رسالة مؤرخة في 9 أيار/ مايو 2011، في تذكير النائب العام أنه بموجب قانون العقوبات الجزائري، يتعرض المسؤولون الذين يرفضون أو يتهاونون في الاستجابة للشكوى التي تشير إلى وقوع حالة اعتقال تعسفي وغير قانوني، ولا يبررون موقفهم هذا من خلال رفع مذكرة بهذا الشأن إلى السلطة العليا، للعقاب بالسجن خمس إلى عشر سنوات.

وثمة سؤال ملح يفرض نفسه، هل من المقبول أن تستمر أعلى سلطة الادعاء، تنتهك القانون بهذا الشكل الشنيع وبداعي الحرص على المصلحة العليا للدولة؟
آخر تعديل على الجمعة, 27 أيار 2011 10:51

الجزائر - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 12 سبتمبر 1998

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: 12 سبتمبر 1998
التقرير الحكومي مرتقب منذ 1 نوفمبر 2011 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية 12 ديسمبر 2007
قدمت الكرامة تقرير متابعة في 5 نوفمبر 2011 (PDF)

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 12سبتمبر 1989
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 شكاوى فردية): نعم
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 20 يونيو 2008 (التقرير الرابع)
الملاحظات الختامية: 16 مايو 2008

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: 6 فبراير 2007

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض الأخير: مايو 2012 (الدورة الثانية)
الاستعراض المقبل: لم يعلن عنه بعد

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها (CNCPPDH) تصنيف ب