وقد راسلت الكرامة يوم 29  آب /أغسطس 2008 المفوضة السامية لحقوق الإنسان، للاحتجاج على ترشيح السيد لزهري بوزيد عضو مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان)، تُعْرِبُ فيها عن مخاوفها بشأن احتمال انتخابه لعضوية لجنة حقوق الإنسان.

واستنادا إلى النظام الداخلي للجنة، ينبغي أن تتوفَّر في الخبراء المستقلين ثلاثة شروط لقبول ترشحهم: النزاهة، والكفاءة والاستقلالية. أما في حالة السيد لزهري بوزيد، عضو مجلس الأمة الجزائري، فإن هذه المعايير غير مستوفاة.

إن السيد لزهري بوزيد عضو مجلس الأمة الغير منتخب، حيث جرى تعيينه ضمن حصة "الثلث الرئاسي" المعيِّنِ من قبل رئيس الجمهورية، يحصُلُ على أجرته من السلطة التنفيذية. وهو في نفس الوقت مناضل سياسي نشط في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم. كما أنه يرأس لجنة مراجعة الدستور، وهي المراجعة التي تهدف بوجه خاص للسماح لرئيس الجمهورية الحالي المنتمي للحزب نفسه بالترشح لولاية رئاسية ثالثة. كما أن السيد بوزيد عضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الجزائري، حيث يضطلع بصفته هذه بدور نشط في مجال الدبلوماسية البرلمانية للبلاد. وتجدر الإشارة في هذا الباب، أن المواقف العلنية لعضو مجلس الأمة بوزيد بشأن مسألة احترام حقوق الإنسان في الجزائر تنفي بشكل منتظم حصول أي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلاد.

إنَّ الدَّور الذي يقوم به عضو مجلس الأمة بوزيد على الساحة السياسية الرسمية والمهام التي يتولاها داخل حزبه الذي يؤيد مبادرات السلطة التنفيذية، التي تتعارض في أحيان كثيرة مع المبادئ المنصوص عليها في العهد الدولي، كل ذلك يثير شكوكا حول استقلالية هذا المرشح الذي تقدمت به الجزائر، وهي (الاستقلالية) صفة رئيسية وضرورية لتحمُّل أعباء مهام الخبير المستقل داخل لجنة حقوق الإنسان.

ولذلك تعرب الكرامة عن مخاوفها المشروعة إزاء إستراتيجية بعض الدول في المنطقة، ومن بينها الجزائر على وجه التحديد، الرامية إلى إضعاف آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان. ويشهد على ذلك الدور الرائد الذي اضطلعت به البعثة الجزائرية في التضييق على مجال نشاط أصحاب ولايات الإجراءات الخاصة، وذلك من خلال مدونة قواعد السلوك.

وتخشى الكرامة من أن يندرج ترشيح عضو مجلس الأمة لزهري بوزيد ضمن هذا الخط التقييدي نفسه وهي تُعَبِّرُ تبعًا لذلك عن شديد احتجاجاتها بهذا الشأن، وتذكِّرُ بأنَّ مصداقية جهاز تنفيذ المعاهدة يتوقَّفُ بقدر كبير على طبيعة تشكيلته.