18 آذار/مارس 2010

لبنان: ماهر سكر يتعرض للاعتقال السري والتعذيب - ويواجه خطر عقوبة الإعدام في محاكمة غير عادلة

في طريقه إلى منزله قادما من المدرسة، ألقي القبض في 18 نيسان/ أبريل 2009، على ماهر سكر وهو لاجئ فلسطيني يبلغ 29 سنة من العمر، على أيدي عناصر من فرع الاستعلامات التابع لقوى الأمن الداخلي في صبرا في بيروت. واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لما مجموعه 18 يوما حتى غاية 6 أيار/ مايو 2009. وبعد اعتقاله في مقر لمديرية قوى الأمن الداخلي، نُقِل لاحقا إلى عدد من مراكز الاعتقال، إلى أن تم مثوله أمام وزارة الدفاع في اليرزة في 28 نيسان/ أبريل 2009، حيث تعرض هناك طيلة يومين كاملين إلى تعذيب وحشي بهدف انتزاع منه اعترافات كاذبة، ثم ظل رهن الاحتجاز حتى تاريخ 6 أيار/ مايو 2009، في ثكنة للشرطة العسكرية في بعبدا، بهدف تمكين آثار التعذيب البادية على جسمه من التلاشي مع مرور الأيام. وأخيرا، اقتيد إلى سجن رومية المركزي، حيث لا يزال إلى يومنا هذا، علما أنه يجري حاليا محاكمته أمام المحكمة العسكرية في بيروت.

وعلى الرغم من إبلاغ قاضي التحقيق خلال جلسة المحاكمة بموضوع التعذيب الذي تعرض له الضحية، لم يوجه القاضي حتى الآن أوامره لإجراء تحقيق بهذا الشأن، أو بإجراء فحص طبي للضحية. وأمام خطورة الوضعية التي يعيشها السيد ماهر سكر، والإهمال الفاضح من جانب السلطات اللبنانية، وخطورة مثوله أمام محاكمة غير عادلة، قدمت الكرامة قضيته إلى المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والتمست منه التدخل لدى السلطات اللبنانية لضمان عدم استخدام الأدلة المنتزعة منه تحت التعذيب خلال محاكمة السيد سكر القادمة. وقد طلبت الكرامة أيضا بإجراء تحقيق مستقل للبحث في مزاعم التعذيب.

التعذيب الوحشي

خلال اليومين اللذان قضاهما ماهر سكر في مقر وزارة الدفاع في اليرزة، عمد عناصر من المخابرات العسكرية على تركه معلقا في وضعية البلانكو (طريقة في التعذيب تلجأ إليها هذه المصالح، بحيث يتم خلالها تعليق الضحية من المعصمين، بينما تقيد يداه خلف ظهره)، مع قيامهم في الوقت ذاته بضربه بانتظام مستخدمين في ذلك أدوات حادة، ثم أجبر على التوقيع على اعترافات أعدها المحققون، دون السماح له بقراءتها قبل التوقيع.

وفي 30 نيسان/ أبريل 2009 تم نقله إلى ثكنة الريحانة للشرطة العسكرية في بعبدا، حيث احتجز إلى 6 أيار/ مايو 2009.
وطيلة مدة اعتقاله وحتى تاريخ نقله إلى سجن رومية في 6 أيار/ مايو 2009، ظل السيد ماهر سكر رهن الاعتقال السري: ومُنِع منعا باتا من الاتصال بالعالم الخارجي، أو بعائلته، او أصدقائه، بل ولم يسمح له حتى الاتصال بمحام.

الاتهام بـ "تشكيل عصابة مسلحة"

بعد انتظار طويل، في 17 شباط/ فبراير 2010، وجه قاضي التحقيق العسكري، سميح الحاج إلى السيد ماهر سكر، بالإضافة إلى 10 أشخاص آخرين، تهمة "تشكيل عصابة مسلحة لارتكاب جرائم ضد الأشخاص والممتلكات" و " تقويض سلطة الدولة" و " رصد حركات القوات العسكرية من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل" و "تزوير جوازات سفر وبطاقات للاجئين الفلسطينيين". وهذه التهم، التي تستند جميعها إلى اعترافات كاذبة انتزعت تحت التعذيب، يواجه صاحبها عقوبة الإعدام.

وخلال المحاكمة لم يقدم ضد السيد سكر ماهر أي دليل يثبت وقائع محددة أو أعمال يفترض أنه شارك فيها، كل ما تم عرضه لا يعدو كونه اتهامات غامضة لا تستند سوى على اعترافات كاذبة.

ولم تقدم المحاكم العسكرية الضمانات الكفيلة بإجراء محاكمة عادلة، وتميل هذه المحاكم عادة إلى إصدار أحكام قاسية، بما في ذلك عقوبة الإعدام. وإن الواقع المحير هو أن ماهر سكر لا يحمل أي صفة عسكرية، كما أن جوهر الحقيقة، المتمثلة في كون أن محاكمته تستند إلى الأدلة المنتزعة تحت التعذيب، يشكل انتهاكا للمادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي كان لبنان طرفا فيها منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2000.