14 آذار/مارس 2011

لبنان: عشر منظمات حقوقية تطرح قضية التعذيب أمام رئيس الوزراء المكلّف

وجّهت عشر منظمات حقوقية لبنانية ودولية اليوم خطاباً مفتوحاً إلى رئيس الوزراء المكلف السيد نجيب ميقاتي على أعتاب تشكيل الحكومة وقبل البدء بإعداد بيانها الوزاري، وقبل أيام أيضاً على تصديق توصيات مجلس حقوق الإنسان الخاصة بلبنان الصادرة ضمن عملية الإستعراض الدوري الشامل في تشرين الثاني الماضي، وذلك لطرح قضية مناهضة التعذيب في لبنان وتطبيق الإتفاقيات الدولية المتعلقة بذلك.

ودعت المنظمات الموقعة على الخطاب، السلطات اللبنانية إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة بوضع حد لممارسة التعذيب وإساءة المعاملة في مراكز الاحتجاز والسجون، والالتزام بكافة تعهداتها الدولية في هذا الصدد.

وطالبت هذه المنظمات بالإسراع في مناقشة مسودة قانون لإنشاء آلية وقائية وطنية مستقلة لمنع التعذيب، كانت قدمتها لجنة مكلفة من وزارة العدل، بموجب قرار أصدرته الوزارة برقم (2036)، وتاريخ 20 حزيران 2009، وقضى آنذاك بتشكيل لجنة تضم رسميين وخبراء مستقلين وأعضاء من منظماتٍ غير حكومية، لإعداد مشروع القانون.

وكانت اللجنة المكلفة بهذه المهمة عقدت العديد من اجتماعاتها التشاورية، وقدمت مسودة القانون إلى وزير العدل د. إبراهيم نجار في 30 أيلول 2009، غير أنه حتى اللحظة لم تتخذ أي إجراءات قانونية من طرف الحكومة اللبنانية لوضع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب حيز التنفيذ، عملاً بأحكام البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي انضم إليه لبنان بتاريخ 22 كانون الأول 2008. وطبقاً للعديد من الحالات الموثقة وما تؤكده الهيئات الاممية المعنية منها ما ورد في تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في 25 شباط 2010، لا تزال العناصر الأمنية الرسمية تمارس التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة.

وعلى الرغم من أنّ لبنان طرف في معاهدات دوليّة ذات صلة وعضو مؤسس وعامل في منظومة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما ينص على ذلك في مقدمة الدستور ، فإن القوانين اللبنانيّة فشلت في حظر التعذيب صراحة، حيث أنّ مفهوم التعذيب المتعارف عليه دولياً لا يزال مفقوداً في أيٍّ من التشريعات اللبنانية، وهو ما يتعارض مع نص المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب.

وفي هذا السياق، شددت المنظمات الموقعة على الخطاب الموجه لرئيس الوزراء المكلف، على العمل من أجل مواءمة القانون المحلي وتضمينه أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب استناداً للمادة الرابعة من الاتفاقية، وبالتالي تعديل قانون العقوبات ليجرّم جميع أشكال التعذيب صراحة، وليس فقط التعذيب الجسدي، وتشديد عقوبة جريمة التعذيب التي تعاقب حالياً كحد أقصى بثلاث سنوات حبس.

وفي حين طالبت هذه المنظمات أيضاً بضرورة تقديم تقاريرها الدورية إلى الأمم المتحدة، خاصة تقريرها الأولي استناداً للمادة 19 من اتفاقية مناهضة التعذيب وهو غير مقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب حتى الآن، علماً بأن هذا التقرير تأخّرَ عن موعده بمدة تزيد على السبع سنوات.

ودخلت اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب حيّز التنفيذ في السادس والعشرين من حزيران 1987، وصدّق عليها لبنان بموجب القانون رقم 185 بتاريخ 5 تشرين الأول 2000، غير أنه حتى اللحظة لم يتم تفعيل أحكام هذه الاتفاقية، رغم تعهّد لبنان باحترام بنودها التي أصبحت تعلو على القانون الداخلي بموجب المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني.

وأخيراً أوصت المنظمات الموقعة على إجراء تحقيقات مستقلة في القضايا التي أثيرت فيها مزاعم التعرض للتعذيب من قبل المدعى عليهم استناداً للمواد 12 و 15 من الاتفاقية، وضمان عدم الإعادة القسرية للأجانب إلى بلدانهم أو لأي دولة من الممكن أن يكونوا فيها عرضة للتعذيب وذلك إستناداً إلى المادة 3 من إتفاقية مناهضة التعذيب.

يشار إلى أنّ الجمعيات التي وقعت على الخطاب المفتوح إلى رئيس الوزراء المكلف هي: منظمة الكرامة، مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب (ألف)، مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق)، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، جمعية عدل ورحمة، مجلس الكنائس في الشرق الأوسط- وحدة دياكونيا والعدالة الاجتماعية، جمعية رواد فرونتيرز.



كتاب مفتوح مقدم من مجموعة من المنظمات الحقوقية اللبنانية والدولية
إلى رئيس مجلس الوزراء اللبناني المكلف السيد نجيب ميقاتي المحترم

الموضوع: مناهضة التعذيب وإنشاء الآلية الوقائية الوطنية لمنع التعذيب.

*** *** *** ***

حضرة رئيس الوزراء اللبناني السيد نجيب ميقاتي،
حضرة السادة في لجنة حقوق الانسان في البرلمان اللبناني،

نحن مجموعة من المنظمات الحقوقية اللبنانية والدولية التي تعنى بحقوق الانسان ومناهضة التعذيب، نتوجه إلى حضرتكم على أعتاب تشكيل الحكومة وقبل البدء بإعداد بيانها الوزاري لطرح قضية مناهضة التعذيب في لبنان وتطبيق الإتفاقيات الدولية المتعلقة بذلك .

كما تعلمون، فإن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة هو إنتهاك لحقوق الإنسان، وهو مُدان من المجتمع الدولي على أنّه إهانة لكرامة الإنسان ومحظور في كل الظروف وذلك بموجب القانون الدولي التعاهدي والعرفي.

بتاريخ 5 تشرين الأول 2000، صادقت الدولة اللبنانية بموجب القانون رقم 185 على إتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسيّة أو اللاإنسانيّة أو المهينة ، التي دخلت حيّز التنفيذ في السادس والعشرين من شهر حزيران 1987، وتعهّدت باحترام بنودها التي أصبحت تعلو على القانون الداخلي بموجب المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني. إلا أنه للأسف لم يتم تفعيل أحكام هذه الاتفاقية حتى يومنا هذا او مواءمة

التشريع اللبناني معها، ولم يتم تقديم التقرير الأوّلي إلى لجنة مناهضة التعذيب فيما يتعلق بالخطوات المتخذة لتنفيذ الإتفاقية علماً بأن هذا التقرير الدوري متأخر عن موعده بما يتجاوز السبع سنوات.

بالاضافة الى ذلك، بتاريخ 22 كانون الاول 2008 صادقت الدولة اللبنانية على البروتوكول الاختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب، إلا أنّه لم يتم حتى تاريخه إنشاء آلية وقائية وطنية لمنع التعذيب كما تقتضيه أحكام هذا البرتوكول الذي فرض على الحكومة أن تنشئ، في غضون عام من إنضمامها الى البروتوكول، آلية لمنع التعذيب بشكل يسمح في القيام بزيارات منتظمة إلى مراكز الإحتجاز والأماكن التي من الممكن أن يحرم فيها الأشخاص من حريتهم.

حضرة الرئيس،

للأسف، لا تزال العناصر الأمنية الرسمية تلجأ إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة، وهو ما تؤكده الهيئات الاممية المعنية منها ما ورد في تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في 25 شباط 2010. ولا يزال الاجانب ولا سيما اللاجئون وطالبو اللجوء منهم يتعرضون للترحيل القسري بغض النظر عن اوضاعهم او خطر تعرضهم للتعذيب في حال اعادتهم في مخالفة للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحظر اعادة اي شخص الى اي بلد قد يتعرض فيه للتعذيب.

وعلى الرغم من أنّ لبنان عضو مؤسس وعامل في منظومة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما ينص على ذلك في مقدمة الدستور، إلا أنّ القوانين اللبنانيّة لم تعدّل لتتواءم وهذه الاتفاقيات لجهة حظر التعذيب صراحة حيث أنّ مفهوم التعذيب المتعارف عليه دولياً لا سيما التعريف الوارد في المادة الأولى من إتفاقية مناهضة التعذيب ليس موجوداً في أي من التشريعات اللبنانية وهذا ما يتعارض مع التزامات لبنان الدولية بموجب الاتفاقية عينها.

واستمراراً للجهود التي بُذلت سواء في الحكومة السابقة أو في البرلمان اللبناني لإقرار آلية وقائية لمنع التعذيب، وخاصةً إتجاه مناقشة واقرار مسودة القانون الذي وضعته لجنة تضم رسميين وخبراء مستقلين وأعضاء من منظماتٍ غير حكومية، أنشئت بموجب القرار رقم 2036 الصادر عن وزارة العدل في 20 حزيران 2009 لوضع مسودة قانون لإنشاء آلية وقائية وطنية مستقلة لمنع التعذيب بحسب البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. وقد قامت هذه اللجنة بوضع مسودة قانون بعد اجتماعاتها التشاورية وبتقديم هذه المسودة إلى وزير العدل د.إبراهيم نجار في 30 أيلول 2009 من أجل إتخاذ

الإجراءات القانونية لوضع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب حيز التنفيذ. ونحن نعتقد أن من شأن هذه الآلية أن تساهم في الحدّ من ممارسة التعذيب في أماكن الإحتجاز والسجون اللبنانية.

وعملا بتوصيات مجلس حقوق الإنسان التي صدرت ضمن عملية الإستعراض الدوري الشامل لدولة لبنان، الذي عُقد في جنيف خلال الدورة التاسعة للمجلس بتاريخ 10 تشرين الثاني 2010، نحثّ الحكومة اللبنانية بأن يتضمن البيان الوزاري المقبل توصيات من شأن تبنيها وإعمالها فيما بعد، أن تساهم في تحسين أوضاع حقوق الإنسان وخاصة مناهضة التعذيب على الشكل التالي:

1. الإسراع في مناقشة مقترح قانون إنشاء آلية وقائية وطنية مستقلة لمنع التعذيب المقدّم من قبل اللجنة المكلفة بذلك، وبالتالي تشكيل الآلية الوقائية الوطنية المستقلة لمنع التعذيب عملاً بأحكام البرتوكول الإختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب.

2. تقديم التقارير الدورية إلى الأمم المتحدة وخاصة تقريرها الأولي إلى لجنة مناهضة التعذيب استناداً للمادة 19 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

3. مواءمة القانون المحلي وتضمينه أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب استناداً للمادة الرابعة من الإتفاقية، وبالتالي تعديل قانون العقوبات ليجرّم جميع أشكال التعذيب صراحة، وليس فقط التعذيب الجسدي، وتشديد عقوبة جريمة التعذيب التي تعاقب حالياً كحد أقصى بثلاث سنوات حبس، وكذلك إدراج تعريف التعذيب كما هو منصوص عليه في المادة الأولى من إتفاقية مناهضة التعذيب في التشريعات اللبنانية.

4. المباشرة بتحقيقات مستقلة في القضايا التي أثيرت فيها مزاعم التعرض للتعذيب من قبل المدعى عليهم استناداً للمواد 12 و 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك بمفعول رجعي، الأمر الذي يجب ان يشمل أيضاً القضايا التي تم إغلاقها أو الحكم فيها، وإعادة محاكمة الأشخاص الذين تمت إدانتهم جراء اعترافات تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب.

5. ضمان توافق ظروف الاحتجاز في السجون مع المعايير التي سنتها مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 43/173 في كانون الأول 1988.

6. ضمان عدم الإعادة القسرية للأجانب المنتهية أحكامهم او المحكوم ببراءتهم او المخى سبيلهم إلى بلدانهم أو لأي دولة من الممكن أن يكونوا فيها عرضة للتعذيب وذلك إستناداً إلى المادة 3 من إتفاقية مناهضة التعذيب.

حضرة الرئيس،

إن اللبنانيين، إذ يتطلعون إلى بناء الدولة العصرية لكل أبنائها، دولة الحق والقانون والمؤسسات، يأملون من حضرتكم العمل على تطبيق الإتفاقيات الدولية وتفعيل آليات التشاور المستمر مع منظمات المجتمع المدني من خلال المؤسسات والمجالس واللجان الوطنية.

وإننا إذ نتمنى أن تحظى هذه المذكرة باهتمامكم وان تؤخذ بعين الاعتبار في البيان الوزاري الذي ستحصلون بموجبه على ثقة مجلس النواب.

نتقدم منكم بفائق الاحترام،

الموقعون:

- مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب (Restart Center)
- منظمة الكرامة (ALK)
- الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب (ALEF - Act for Human Rights)
- مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب (KRC)
- المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان- شاهد (Witness)
- المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان- حقوق (PHRO)
- المركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH)
- جمعية عدل و رحمة (AJEM)
- مجلس الكنائس في الشرق الأوسط- وحدة دياكونيا والعدالة الاجتماعية ( (MECC
- جمعية روّاد فرونتيرز (Frontiers Ruwad)

آخر تعديل على الإثنين, 14 آذار/مارس 2011 15:48