11 حزيران/يونيو 2008

الجزائر أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: رفض التوصيات "المزعجة"

اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم 10 حزيران/ يونيو 2008 التقرير النهائي الخاص بالجزائر في إطار المراجعة الدورية الشاملة. وكانت الكرامة تقدَّمت في هذا الصدد بتقرير أعربت فيه عن انشغالاتها في مجال احترام حقوق الإنسان في هذا البلد.

كما أن الكرامة سبق وأن نشرت يوم 17 نيسان / ابريل 2008 بيانا للتعبير عن أسفها لقلة الاهتمام الذي أبداه غالبية أعضاء المجلس إزاء الانتهاكات الخطيرة المرتكبة في الجزائر، ومن ثم تقديم توصياتهم بطريقة جد محتشمة. وفي كلمة حُدِّدت بدقيقتين أمام المجلس المنعقد بكامل هيئته تدخل الأستاذ رشيد مسلي المحامي، نيابة عن اللجنة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة الكرامة، للتذكير بالتوصيات التي لم تدعمها تقبلها الجزائر.

ولتبرير هذا الرفض تَهَجَّمَ السيد إدريس الجزائري السفير والممثل الدائم للجزائر ورئيس وفدها الرسمي على المطالبين بتعديل مواد المرسوم المتعلق بالمصالحة الوطنية التي تُقَنِّنُ للإفلات من العقاب. "من أين تستمد هذه المنظمات غير الحكومية شرعيتها لتسمح لنفسها بالتشكيك في الخيار السِّيادي لملايين الجزائريين، الذين يُشَكِّلون مصدر الشَّرعيَّة الرَّئيس إن لم يكن المصدر الأوحد (...). وهل بعدَ كل هذه المحن والآلام والدموع، يصبِحُ الحق في السلم تهديدا؟".  ثم راح السفير الجزائري ،وفي حل تام مما تفرضه عليه اللياقة الدبلوماسية، يكرِّرُ دون انقطاع بأنَّ هذه الوضعيَّة لا يستفيد منها سوى "تجَّارُ الموت، وأنصارُ الجريمة، وعباقرةُ التَّخريب، أي بعبارة جامعة مُؤَيِّدي الإرهاب والذين يقتاتون على مائدة مأساة الآخرين". 

ونذكر في هذا الصدد أنَّ لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولجنة مناهضة التعذيب قد قدمتا توصيات إلى الدولة الجزائرية تضمَّنت تعديل مواد المرسوم التي تقضي على وجه الخصوص "لا يمكن إجراء أي متابعة قضائية، سواء بشكل فردي أو جماعي، ضد عناصر قوات الدفاع والأمن" ( المادة 45)، وأنَّ كل تشهير بالجرائم المرتكبة من قبل هؤلاء يُعاقبُ عليه قانونا بخمس سنوات سجنا ( المادة 46). 

تدخل الأستاذ السيد مسلي المحامي

سيدي الرَّئيس،

 لقد عرضنا، رفقة الكرامة لحقوق الإنسان، نفس المشاغل التي طرحناها مؤخرا أمام لجنتي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ولمناهضة التعذيب.

ويؤسفنا أن نُلاحِظَ أنَّ أهمَّ توصيات هذه الجمعيَّة الموقَّرة وتوصيات أجهزة مراقبة تنفيذ المعاهدات لم تحظَ بدعمِ الجزائر.

وبالرغم من هذه التوصيات، وخاصَّة تلك المتعلقة بزيارات أصحاب الولايات على سبيل المثال، فإنَّ الحكومة الجزائرية تعتقدُ أنَّ الأمر  يتعلَّقُ "بمشاكل خرافية -حْكايات-" (الفقرة 67 من التقرير).

سيدي الرئيس،

إن حالات الاختفاء القسري والتعذيب والإعدام خارج القضاء، ليست خرافية ولا هي عارضة، بل إنها جرائم ضد الإنسانية، لكونها ارْتُكِبَتْ على نطاق واسع وبصورة منهجية-آليَّة.

كما يكتسي التَّصديق على معاهدة روما أهميَّة خاصَّة من أجل وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، التي يكرسُّها المرسوم الصَّادر عن السلطة التنفيذية.

حيث تَجُبُّ المادَّتين 45 و46 من هذا المرسوم جرائم أجهزة الأمن بالعفو المسبق على مرتكبيها وتَحْظُرُ لجوءَ الضَّحايا إلى العدالة وتعاقبُ بخمس سنوات سجنا كل من يُبَلِّغ عن هذه الجرائم.

وبذلك يكون الضَّحايا وأُسَرُ المفقودينَ والصحفيونَ والمحامونَ عرضة للسجن.

ولم يُحْظَ مطلبُ إلغاء هذين الحكمين، اللذان ينتهكان القانون الدولي، بموافقة الجزائر.

وعلى صعيد آخر، لم يبقَ هناك ما يمكن أن يبرِّرَ الإبقاءَ على حالةِ الطَّوارئ، وعلى الصلاحيات المذهلة لأجهزة الاستخبارات العسكرية (مديرية الاستعلامات والأمن). علما وأنَّ هذه الحالة خلَّفت مائتي ألف (200.000) قتيل وأكثر من عشرة آلاف ( 10.000) مفقود منذ توقيف المسار الانتخابي عام 1992.

ولا ينبغي أن تكون آلية المراجعة الدورية الشاملة في تناقض مع حقيقة الواقع ومع ملاحظات أجهزة مراقبة تنفيذ المعاهدات والإجراءات الخاصة.  

إنّها ليست فقط مصداقيَّةُ المجلس بل وأيضا كُلُّ نِظَامِ الأُمَمِ المُتَّحدة لحماية حقوق الإنسان.
شكرا لكم
support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png