مصر: السيد مجدي مرعي يتعرض للضرب حتى الموت على أيدي أفراد من الشرطة
وفي ضوء ذلك وجهت الكرامة في 7 آب/أغسطس 2009، شكوى إلى المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، وبطرق موجزة وعلى نحو تعسفي وطلبت منه التدخل لدى السلطات المصرية لكي تستجيب للشكوى المقدمة من طرف الأسرة، وبأن تأمر هذه السلطات بإجراء تحقيق في ظروف هذه الوفاة.
ويبلغ السيد مجدي أنور أبو نادر مرعي 43 سنة من العمر، وكان ويعمل مزارعا ويقيم في قرية آريمون، بالمحمودية، في محافظة البحيرة. وقد تقدم عدد من جيرانه بشكوى ضد عملية توسيع في منزل شقيقه المجاور. وفي 11 تموز / يوليو 2009، قام عدد كبير من عناصر الشرطة التابعين لمركزي فيشا والمحمودية بزيارة المنزل العائلي المذكور، مدججين بالهراوات والبنادق. ولدى وصولهم عين المكان، أمروا شقيق السيد مرعي بهدم الجزء من المنزل الذي تم توسيعه، فطلبهم هذا الأخير ما إذا كان لديهم تصريح بهذا الشأن أو قرار من المحكمة يأمر فيه بالهدم، فرد عليه ضابط الشرطة، قائد العملية، بأنهم ليسو في حاجة إلى ذلك، فرفض السيد سعيد مرعي هدم الجزء المذكور من المنزل، الأمر الذي جعل هذا الضابط يأمر رجاله بمباشرة عملية الهدم، وعندما حاول أفراد الأسرة الاعتراض على ذلك، تعرضوا لوابل من الضرب والتهديد، دون استثناء أحد منهم، ولا حتى النساء والأطفال.
وبعد الانتهاء من عملية الهدم، أراد عناصر الشرطة تفريق الحشود من الناس الذين كانوا شهودا على تلك الوقائع، ونظرا لرفض تلك الجماهير الامتثال لتلك الأوامر، تعرضوا بدورهم للضرب على أيدي قوات الشرطة. ثم أمسك عدد من عناصر الشرطة بابنة السيد مجدي مرعي وسحبوها عنوة على الأرض باتجاه سيارة الشرطة، وعندما حاول عمه، سعيد مرعي، التدخل لمنعهم من أخذ ابنة السيد مجدي مرعي، تم سحبه هو أيضا وألقوا به داخل نفس السيارة التي انطلقت فور ذلك بسرعة كبيرة، فقام السيد مجدي مرعي بالركض وراءها محاولة منه لإيقافها، غير أن عددا من أفراد الشرطة الذين كانوا لا يزالون بعين المكان اعترضوا طريقه فأوقفوه وانهالوا عليه بالضرب، قبل أن يلقوا به داخل سيارة أخرى، غادرت هي أيضا فور ذلك المكان بسرعة عالية.
وجاء وفقا لشهادات حشد من الحاضرين، أن السيارة التي كان بداخلها السيد مجدي مرعي توقفت فجأة، وفتحت أبوابها ليلقى بجثته خارجها، وكان حينها قد فارق الحياة، وبادية على جسده آثار الضرب المفضية إلى الموت. وأطلق سراح ابنته، في حين تم نقل شقيقه إلى مخفر الشرطة التابع لبلدة فيشا.
وخلصت نتائج عملية التشريح لجثة السيد مجدي مرعي إلى أن الوفاة وقعت إما نتيجة لتلقيه الضربات أو لارتطام رأسه بجسم صلب، وهو ما يؤكد أن سبب الوفاة يعود للضربات التي تلقاها قبل سحبه عنوة داخل السيارة.
وبعد إطلاق سراحه، تقدم السيد سعيد مرعي بشكوى إلى نائب العام المحمودية، غير أنه أتضح لاحقا أن الضابط المسؤول عن التحقيق هو نفسه ضابط في أجهزة الاستخبارات ومعروف عنه ممارسته للتعذيب وسوء المعاملة، ولا يزال إلى يومنا هذا، ينفى وقوع الحادث من أصله، في حين أن حتى عناصر الشرطة أنفسهم يؤكدون هذه الوقائع.
ومما يدعو للأسف الشديد أن هذه الحالة ليست معزولة، إذ تجري هذه الممارسة على نطاق واسع وهي مستمرة، نظرا للجو السائد في مصر، الذي يسمح لمرتكبيها بالإفلات من العقاب.
ونذكر في هذا الصدد أن مصر قد صدقت على اتفاقية مناهضة التعذيب في 25 حزيران/ يونيو 1986، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في 14 كانون الثاني/ يناير 1982، وتعهدت باحترام مبادئه، كما نشير إلى أن مصر سوف ينظر في ملفها في إطار الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في أوائل عام 2010، وقد تقدمت الكرامة بتقرير في هذا الإطار.