اليمن: الغولي والنجار ضحيتا اختفاء قسري ومحاكمة غير عادلة
وجرت محاكمة كلٍ من السيدين: الغولي، والنجار، ضمن مجموعة مكونة من سبعة أشخاص تتهمهم السلطات اليمنية بالانتماء إلى تنظيم "القاعدة"، وهي التهمة التي ينفيها هؤلاء، وجاءت محاكمتهم بعد فترات متفاوتة من الاحتجاز التعسفي، ومعظمهم جرى اعتقالهم بشكل تعسفي بدون أوامر من القضاء، فيما يشكك نشطاء حقوق الإنسان على الدوام في سلامة إجراءات المحاكمة أمام هذه المحكمة، ويعتبرون كل المحاكمات أمامها غير عادلة، لأنها محكمة استثناء وغير مستقلة ولا تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة.
وكانت هذه المحكمة دانت المتهمين السبعة، بمن فيهم السيدين الغولي والنجار، بـ"الانتماء إلى تنظيم القاعدة والاشتراك في عصابة مسلحة والاتفاق الجنائي للقيام بأعمال إجرامية تستهدف السياح الأجانب والمصالح الأجنبية في اليمن وجهات حكومية وأجنبية وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
وجاء في منطوق الحكم "يعاقب كل من (حسين ناصر على المرولة، ومحمد قاسم على الغولي، هاني محمد العليمي) بالسجن مدة عشر سنوات ويعاقب كل من ( يوسف محمد حسن الحجاجي، وعبد الله احمد رحاب على المطري ، وأمين عبد الله النجار) السجن مدة سبع سنوات أما المتهم السابع (متعب صالح عبد العزيز القاضي) فيعاقب بالسجن مدة خمس سنوات".
ووجه ممثل المدعي العام التهمة للمجموعة في أول جلسة محاكمة في 17 أكتوبر 2009 على أنهم "أعدوا العدة اللازمة من الأسلحة والمتفجرات وأجهزة التفجير عن بعد وتوزعوا الأدوار فيما بينهم لتنفيذ الجرائم واعتدوا بالقوة والتهديد على موظفين عموميين ومأموري الضبط القضائي أثناء ضبطهم".
ظروف اعتقال الغولي وشقيقه ووالدهما
وكان ألقي القبض على السيد محمد قاسم علي الغولي (23 عاماً) وشقيقه إبراهيم (17 عاماً)، ووالدهما السيد قاسم علي الغولي (50 عاماً) في 23 شباط/ فبراير 2009 من منزلهم بالعاصمة صنعاء، على أيدي عناصر من الأمن السياسي، وأسفر ذلك عن إصابة الابن محمد بطلقات رصاص. ورغم المساعي التي بذلت لمعرفة مصيرهم، ظلت السلطات اليمنية تنفي عملية الاعتقال من أصلها، وتنكر أيضا معرفتها بعملية اختفاء الأشخاص الثلاثة، وبناء عليه، فقد توجهت الكرامة حينها بنداء عاجل إلى فريق العمل المعني بالاختفاء القسري تلتمس منه التدخل لدى السلطات اليمنية بهذا الشأن.
وبعد 23 من الحادث، أفرج عن الأب السيد قاسم علي قاسم الغولي، من السجن التابع لمصالح الأمن السياسي (المخابرات) بصنعاء، وتالياً أفرج عن السيد إبراهيم الغولي في 29 يوليو شهر يوليو 2009، بينما قدّم شقيقه محمد الغولي إلى المحاكمة في تأريخ السبت 17 أكتوبر 2009، ضمن مجموعة مكونة من سبعة أشخاص، معظمهم قضوا أشهراً في الحجز التعسفي، من بينهم السيد أمين عبدالله النّجار.
ظروف اعتقال واختفاء السيد أمين النجار
بالنسبة للسيد أمين عبدالله النجار (18 عاماً) فقد اعتقل بتأريخ 23/4/2009م أثناء عودته من صلاة الظهر، واعتقل على أيدي عناصر من الأمن السياسي، يرتدون ملابس مدنية، واقتيد إلى جهة مجهولة، لا تعلم أسرته عنه شيئاً لمدة تزيد عن شهرين، قبل أن يظهر معتقلاً في الحبس الانفرادي في سجن الأمن السياسي بصنعاء، ثم سمح لأسرته بعد ذلك بزيارته.
ويقيم النجار في حي التحرير بالعاصمة صنعاء، ويعد العائل الوحيد لأسرته، وبسبب اعتقاله ما تزال أسرته تعاني صعوبات مالية كبرى، وكانت الكرامة قد رفعت قضيته إلى الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في 15 سبتمبر 2009 تطالب تدخلهم في هذه القضية.
إجراءات المحاكمة
وبالنظر إلى المحكمة التي يمثل أمامها كل من السيدين: الغولي والنجار، فهي تعد غير دستورية في نظر كثير من المحامين اليمنيين، الذين يرفضون المرافعة أمامها، لأنها محكمة استثناء، كما يقولون، ولا يمكن الاعتراف بها، ويقول أشخاص مثلوا أمامها إنها تصدر أحكاماً سياسية جاهزة ومعدة سلفاً، وأنها تخضع لسلطة أجهزة المخابرات والأمن، ولا تتوفر فيها معايير النزاهة والحياد والاستقلال.
ومن جهة ثانية فإن هذه المحكمة لم تسمح للسيد الغولي بتوكيل محامي خلال الثلاث الجلسات الأولى من المحاكمة، كما أن إجراءات التحقيق معه أمام الأمن وأمام النيابة الجزائية المتخصصة، تمت من دون حضور محامي الدفاع، حسب ما تقضي به القوانين اليمنية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إجراءات التحقيق مع السيد الغولي وبقية رفاقه الستة الآخرين أمام النيابة جرت في يوم واحد فقط، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول قدرة المدعي العام في النيابة على فهم القضية وتحديد الاتهامات بشكل دقيق في غضون هذه المدة الوجيزة لهذا العدد الكبير من "المتهمين".
وفضلاً عن ذلك فإن الكرامة ومن خلال متابعتها للقضية، تبدي قلقها الشديد على الوضع القانوني لكل من السيدين: الغولي والنجار، اللذين يقضيان مدة العقوبة في نفس المكان الذي خضعا فيه للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، ويحتمل تعرضهما فيه لسوء المعاملة.