08 حزيران/يونيو 2010

اليمن: أسرة الحدّاد الفلسطينية تتعرض للتعذيب والاعتقال التعسفي على أيدي عناصر البحث الجنائي

تتابع الكرامة بقلق شديد الأوضاع اللاإنسانية التي تعيشها أسرة الحدّاد الفلسطينية اللاجئة في اليمن، بعد سلسلة من الانتهاكات طالت أفرادها بدءاً بالاعتقال التعسفي مروراً بالتعذيب على أيدي عناصر تابعة لشعبة مكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية اليمنية.

وتوصلت الكرامة بمعلومات تفيد أن عدداً من رجال الأمن يتبعون شعبة مكافحة الإرهاب التابعة لإدارة البحث الجنائي بوزارة الداخلية اليمنية كانوا بلباس مدني عندما اقتحموا منزل عائلة الحداد في حي القادسية بالعاصمة اليمنية صنعاء يوم الأربعاء 2 حزيران/يونيو2010، عند الساعة الثانية عشر ليلاً، وقاموا باختطاف 3 من أفراد الأسرة، هم:

1- الأب عُمَر عِيْد نَمِر الحدّاد (54 عاماً)

2- الطفل أشرف عُمَر عِيْد نَمِر الحدّاد (14 عاماً)

3- الطفل مصطفى عُمَر عِيْد نَمِر الحدّاد (9 سنوات).

في البداية قال المهاجمون إن الأب مطلوب إلى مركز شرطة "عُلاية" الواقع في نفس الحي والتابع لمنطقة السبعين، من دون أن يظهروا أي إذن أو توجيه من سلطة قضائية بالقبض، ومع ذلك أبدى الأب استعداده للحضور طالباً منهم منْحَهُ مهلة حتى الصباح، على اعتبار أن الوقت ليلاً وخارج الدوام الرسمي، لكن المهاجمين لم يمهلوه، فقد ألقوا عليه القبض واثنين من أولاده هما (أشرف، ومصطفى)، كانوا إلى جواره تلك اللحظة..

اقتيد الثلاثة من عائلة الحدّاد إلى خارج المنزل وأخذوا بالقوة على متن سيارة مرسيدس، وفي أثناء الطريق أُنزلوا من السيارة وسط أحد الشوارع الضيقة والمظلمة، وانهال عليهم الخاطفون بالضرب المبرح، قبل أن يسلموا الطفلين إلى مركز شرطة "عُلاية" القريب من المكان، وينطلقوا بالأب إلى جهة مجهولة.

من حسن الحظ أنه كان لدى الطفلين الشقيقين أبناء الحدّاد هاتفاً خليوياً تمكنا من الاتصال على أسرتهما.

في اليوم التالي (الخميس 3 حزيران/يونيو)، ذهب أحد أفراد الأسرة لرؤية شقيقيه في مركز شرطة "عُلاية"، لكن مسؤولي الأمن هناك أخبروه أنهما نقلا إلى شعبة مكافحة الإرهاب بالبحث الجنائي، وأن الثلاثة محتجزون هناك.

توجه أحد أفراد الأسرة إلى عين المكان، وهناك مُنع بدابة الأمر من رؤية أبيه وشقيقيه الاثنين، ولكن بعد محاولات حثيثة سمح له برؤيتهم.. كان الأب غير قادر على المشي من شدة الضرب الذي تعرض له، يدُه اليمين ورجله اليمين مكسورتان وفكه مكسور أيضاً ووجهه مشوه جدا وعليه آثار الضرب والجروح وقال إنه يتبول دماً في ما يبدو أنه يعاني من نزيف داخلي، حسب إفادة الأسرة.

الطفلان (مصطفى، وأشرف) هما الآخران كانت تظهر عليهما آثار الضرب وخدوش في أجسادهما، بينما كان أشرف مضروباً على فكّه.

كان الطفلان محتجزان بمعزل عن الأب، ووضعا مع سجناء آخرين أكبر منهما سناً في نفس المكان، وهو ما عرضهما للإهانة والمضايقة من قبل السجناء.

طلب الضحايا وأسرتهم من السلطات نقلهم إلى المستشفى لكنها رفضت.

الأب قال إن المحققين أخبروه أثناء الاستجواب أن عليه بلاغاً من السفارة السعودية، يزعم أنه اتصل هاتفياً على زوجة السفير السعودي في اليمن، وهو الأمر الذي ينكره تماماً.

مع الدقائق الأولى من بداية اليوم التالي (الجمعة 4حزيران/يونيو) عند الساعة 12,30 ليلاً حضر مجموعة من أفراد الأمن يقدر عددهم بحوالي عشرين شخصاً بلباس مدني، حضروا إلى منزل العائلة مجدداً، كسروا الباب بالقوة، واقتحموا المنزل بصورة أفزعت الأطفال والنساء، لم يكن مع أفراد الأمن أي أوامر بالتفتيش، لكنهم أظهروا بطاقات تؤكد بأنهم من عناصر البحث الجنائي، قاموا بتفتيش المنزل، ثم ذهبوا.

في مساء ذات اليوم (الجمعة 4حزيران/ يونيو) أفرج عن الطفل الأصغر مصطفى، بينما لا يزال شقيقه أشرف وأبوه محتجزين في سجن البحث الجنائي الكائن خلف شارع العدل بالعاصمة صنعاء.

السبت (5 حزيران/ يونيو) توجه مندوبان من مكتب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بصنعاء إلى مكان الاحتجاز مع أحد أفراد الأسرة، إلا أن سلطات الاحتجاز منعتهم من رؤية الضحيتين، وهو ما استدعى قيام مكتب مفوضية شؤون اللاجئين في صنعاء بتحرير رسالة إلى وكيل نيابة البحث الجنائي يطلب منه التدخل.

حتى الآن لا يزال السيد الحدّاد ونجله قيد الاحتجاز في سجن شعبة مكافحة الإرهاب بإدارة البحث الجنائي التابعة لوزارة الداخلية اليمنية بالعاصمة صنعاء من دون أي حماية قانونية.

تجدر الإشارة إلى أن السيد عُمر الحدّاد كان قد تعرض وأفراد أسرته للسجن والاعتداء عليه عدة مرات منذ لجوئه إلى اليمن، وقد كان رُحّل إلى اليمن قسرا من السعودية على خلفية مطالبته بمستحقاته المالية لدى بعض الأمراء السعوديين، وهو يتهم السلطات السعودية بالوقوف وراء كل ما يحدث له.

وفي الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، توصلت الكرامة بمعلومات تفيد بتعرض الأب العائل الوحيد للأسرة السيد عمر عيد الحدّاد، ونجله محمود (28 عاما) للاعتداء بالضرب والاعتقال، بينما كانا في وزارة الخارجية اليمنية، للحصول على موافقة للسفر إلى خارج اليمن، وبحسب أحد أفراد العائلة فقد اختفى السيد الحداد ونجله من وزارة الخارجية على خلفية مشادة كلامية مع أحد ضباط الأمن، اعتقلا على إثرها وأودعا سجن تابع لمركز شرطة المعلمي بالعاصمة صنعاء، قبل أن يستقر بهما المقام في سجن الأمن السياسي بصنعاء، ثم أفرج عنهما بعد أسابيع.

أسرة السيد عُمر عيد نمر الحداد كانت تقيم في المملكة العربية السعودية منذ أربعين عاماً، وفي تشرين الأول أكتوبر العام 2006، سافر أفراد الأسرة بطريقة رسمية إلى السودان لزيارة شقيق رب الأسرة هناك، لكنهم أثناء عودتهم إلى مطار جدة فوجئوا بان الكفيل السعودي ألغى إقامتهم جميعا بمن فيهم رب الأسرة، وبالتالي حجزت السلطات السعودية جوازاتهم وأجبرتهم على العودة في نفس الرحلة إلى الخرطوم، ومن هناك بدأت مأساتهم الإنسانية، حيث رفضت السلطات السودانية دخولهم أراضيها لعدم وجود تأشيرة دخول لهم إلى السودان في تلك الرحلة الإجبارية، وبالتالي أجبرتهم على مغادرة مطار الخرطوم إلى صنعاء، وفيها رفضت السلطات اليمنية دخولهم لعدم حصولهم على تأشيرة الدخول واجبروا على مغادرتها إلى عمّان، وهناك واجهوا نفس المشكلة فأعادتهم إلى صنعاء ومن صنعاء مرة أخرى إلى بيروت ومنها اعيدوا إلى صنعاء ومنها طردوا إلى العاصمة الاريترية اسمرا، ومنها إلى جيبوتي وإلى العديد من المطارات الافريقية، قبل أن يعادوا إلى الخرطوم التي أعادتهم بدورها إلى مطار صنعاء، حيث بقوا فيه تحت الحراسة الامنية حتى ذاع خبرهم عبر وسائل الاعلام ووصل خبر مأساتهم إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فوجّه بالسماح لهم بدخول اليمن.

حالياً تقول أسرة الحداد إنها تعيش ظروفاً صعبة في ظل غياب الأب باعتباره عائلها الوحيد، ويزداد قلقها أكثر على وضع الصحي، حيث يعاني العديد من الأمراض ويخشى أن تتضاعف حالته المرضية داخل السجن، خصوصاً إذا لم يسمح له بمقابلة الطبيب وتلقي العلاج.

آخر تعديل على الإثنين, 05 أيلول/سبتمبر 2016 16:17
support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png