المملكة العربية السعودية: مواطن بريطاني محتجز من دون تهمة، لأكثر من أربع سنوات
![]() |
قبل ثلاثة سنوات ونصف السنة، في 8 آب/ أغسطس 2007 ، تعرض السيد عبد الحكيم جيلاني، وهو مواطن بريطاني ورجل أعمال من أصل يمني، لعملية اختطاف من قبل أجهزة الاستخبارات السعودية من داخل فندق المرجان في مكة المكرمة، ثم اختفت آثاره منذ ذلك الحين. في 25 أيلول/ سبتمبر 2007، اعترفت السلطات السعودية بأنها ألقت عليه القبض، دون تحديد مكان وجوده. وفي شباط/ فبراير 2008، أصدرت الحكومة بيانا تتهمه فيه باقتراف جريمة تبييض الأموال. وفي آب/ أغسطس 2008، أعلنت السلطات السعودية بأنه "سوف يحال إلى القضاء"، ولا يزال رهن الاعتقال مند دون تهمة أو محاكمة في سجن أبها.
وقد دعت الكرامة نهار اليوم فريق العمل الأممي المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص حول حرية التعبير، لحثهما على تذكير الحكومة السعودية بأن استمرارها اعتقال السيد جيلاني يشكل انتهاكا للقانون السعودي والدولي.
خلفية القضية
ألقي القبض أول مرة على السيد جيلاني من قبل أجهزة الاستخبارات السعودية في احد الفنادق في مكة بعد انتهاء موسم الحج في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005. وبقي رهن الاعتقال لمدة ثمانية أشهر دون تهمة أو محاكمة، وقد تعرض خلالها لأصناف التعذيب الجسدي والنفسي الجسيم. وبعد أن أولت القنصلية البريطانية اهتمامها بالقضية، توقفت عنه أعمال التعذيب، ولكنه بقي مع ذلك في السجن. وفي أيار/ مايو 2006، دخل السيد جيلاني في إضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقاله غير القانوني، على أمل الإفراج عنه أو على الأقل، أملا في أن توجه إليه التهمة بصفة رسمية أو محاكمته. وقد أفرج عنه في 19 تموز/ يوليو 2006، دون أن يمثل قط أمام المحكمة.
وأطلق سراح السيد جيلاني بكفالة، لكن السلطات السعودية صادرت جواز سفره البريطاني، حيث لم يستطع مغادرة السعودية، مما حال دون إمكانية عودته إلى بيته بين أهله في المملكة المتحدة. كما أنه حصل على جواز سفر جديد من المملكة المتحدة، في جدة، وهو أيضا تم مصادرته من قبل السلطات السعودية. وشعورا منها بحالة الإحباط أمام انسداد الأفق، قررت زوجة السيد جيلاني، الانتقال لتعيش هي وأطفالها، لا يتجاوز أصغرهم بضعة أشهر، إلى الرياض، إلى حين تسوية وضعيتهم.
المقابلة مع قناة الجزيرة كانت وراء تسريع القبض عليه من جديد
في آب / أغسطس 2007 أجرت قناة الجزيرة القطرية مقابلة مع السيد جيلاني، ناقش خلالها تجربته الشخصية عن سوء الأوضاع في السجون وما تعرض له من تعذيب ومصادرة جواز سفره البريطاني. وبعد أيام قليلة، بينما كان السيد جيلاني يتحدث هاتفيا مع زوجته ليؤكد لها وصول الأسرة الوشيك إلى الرياض، عندما ألقت الأجهزة الأمنية عليه القبض من جديد وصادرت هاتفه واقتادوه إلى جهة مجهولة.
وفي هذه الأثناء نفت السلطات أي معرفة لها بالموضوع، معلنة أن السيد جيلاني "لم يتم القبض عليه ولا يوجد رهن الاعتقال لديها". وخلال الأشهر الثلاثة الأولى، في ما يبدو أنه عقاب له على ما أبداه من انتقادات في مقابلته الصحفية مع قناة الجزيرة، تم احتجازه في زنزانة ضيقة للغاية بحيث لم يستطيع حتى الوقوف داخلها.
ومنذ ذلك الحين، تم نقل السيد جيلاني على التوالي إلى ثلاثة سجون مختلفة، ولم توجه له أية تهمة، ولم يحاكم منذ أكثر من أربع سنوات.
آثار ذلك على الأسرة
تعرض أفراد أسرة جيلاني، وهم مواطنون بريطانيون يقيمون في المملكة المتحدة، إلى حالة انهيار تامة، ففي اليوم الذي القي القبض عليه، أصيبت والدته بجلطة في الدماغ من جراء الصدمة التي ألمت بها ولا تزال إلى يومنا هذا تعاني من مخلفات ذلك. وقد سمح للسيد جيلاني بالحديث هاتفيا مع زوجته وأطفاله الثلاثة بصفة غير منتظمة لمدة خمس دقائق في المرة الواحدة، غير أن المراقبة اللصيقة التي يفرضها عليه حراس السجن، تجعل من المستحيل عليه مخاطبتهم بشكل مفتوح.