مصر: أحكام جائرة بحق 5 إصلاحيين بناءً على محاكمة غير عادلة
![]() الدكتور أسامة سليمان، واحد من خمسة مفكرين إسلاميينمتهمين بالانضمام لجماعة الإخوان |
تستنكر مؤسسة الكرامة في جنيف، الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة جنايات أمن الدولة العليا "طوارئ"، السبت 8 كانون الثاني/ يناير2011، بحق خمسة مفكرين إسلاميين من مصر والسعودية، في إطار القضية المعروفة باسم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.
وكانت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ أصدرت أحكامها على خلفية القضية رقم 404 لسنة 2009، والقضية الحالية 202 لسنة 2010، (حصر أمن دولة)، والمحصورتان في تهم الانضمام لجماعة الإخوان وجمع تبرعات لصالح الجماعة، بالإضافة إلى تهم غسيل الأموال التي برأ القضاء منها 28 من قيادات الجماعة في وقت سابق العام الماضي.
![]() الدكتور أشرف عبد الغفار |
وقضت المحكمة، المشكوك في شرعيتها، بحبس الدكتور أسامة سليمان، مصري، مقيم في مصر، والمعتقل الوحيد على ذمة القضية لمدة ثلاثة سنوات، وتغريمه ما يعادل خمسة ملايين و600 ألف يورو، ومصادرة المبالغ المضبوطة عند القبض عليه ومنعه من التصرف في أمواله العقارية والمنقولة والسندات والأسهم، كما ألزمته المحكمة بالمصاريف الجنائية.
وفي ما يخص بقية المتهمين، قضت المحكمة عليهم غيابياً بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، نظرا لوجودهم خارج البلاد، وطالت العقوبة كلاً من:
- الدكتور أشرف محمد عبد الحليم عبد الغفار - مصري ومقيم في تركيا
- الشيخ وجدي غينم - مصري، مقيم في اليمن
- الأستاذ إبراهيم منير - مصري، مقيم في لندن
- الشيخ عوض محمد القرني - سعودي، مقيم في السعودية
![]() الشيخ وجدي غينم |
وقالت المدير القانوني المساعد لمؤسسة الكرامة السيدة ديبورا مانينغ: "إن الحكم الصادر بحق هؤلاء يعد انتهاكا لأبسط حقوق الإنسان التي نادت بها الأعراف والمواثيق الدولية ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، لصدور الأحكام عبر قانون استثنائي يجعل من هذه المحكمة، نموذجا للتجني، والمراوغة والاستهداف السياسي تحت مسميات قانونية، أبعد ما تكون عن روح أي قانون بشري ينتمي لثقافة احترام حقوق الإنسان أو أي صورة من صور المحاكمة العادلة".
وأضافت: "إن أعداد المغيبين خلف الأسوار بسبب المحاكمات العسكرية غير الدستورية في ازدياد بما يؤكد استمرار نهج الحكومة المصرية في استخدامها للمحاكمات الإستثنائية في مصر والتي طالت في الفترة الأخيرة الشاب أحمد حسن بسيونى والصحفي المصري مجدي حسين أمين حزب العمل والمهندس خيرت الشاطر والمهندس حسن مالك القياديين البارزين بجماعة الإخوان المسلمين".
وتشير الكرامة إلى أن قضية الدكتور أسامة سليمان (58 عاما)، رجل الأعمال وصاحب شركات الصرافة، مثال صارخ على انتهاكات السلطات المصرية ضد قادة الرأي والمعارضين السياسيين.
![]() الأستاذ إبراهيم منير |
وقد اعتقل الدكتور سليمان من قبل قوات تابعة لمباحث أمن الدولة بتاريخ 13 أغسطس/ آب 2010، وتم تجديد قرار اعتقاله من طرف الداخلية المصرية لثلاث مرات متتالية، بالرغم من قرارات الإفراج العديدة التي قضت بها محكمة جنايات القاهرة، كان آخرها في 17مايو الماضي، استناداً إلى تقارير لجنة خبراء العدل التابعة لوزارة العدل.
وأكدت حينها المحكمة بأن الاتهامات الموجهة له من قبل نيابة أمن الدولة العليا ومباحث أمن الدولة، ليس لها أساس من الصحة ولا دليل عليها، وأن احتجازه من طرف وزارة الداخلية يعد اعتقالاً تعسفياً محضاً.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن وزير الداخلية رفض تنفيذ حكم محكمة الجنايات، وأمر طبقا للصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون الطوارئ باعتقال الدكتور أسامة سليمان حتى تاريخ إصدار الحكم، وذلك بالمخالفة للتعديلات الأخيرة الخاصة بقانون الطوارئ نفسه، والتي لا تجيز اعتقال الأشخاص إلا في حالات الإرهاب والمخدرات، وهو ما لا ينطبق بأي حال من الأحوال على السيد سليمان.
وعليه، تحمّل الكرامة الداخلية المصرية المسئولية الكاملة عن حياة السيد سليمان داخل محبسه بعد تدهور حالته الصحية، على إثر اعتقاله، حيث لم يستطع الضحية حضور جلسات المحكمة إلا على كرسي متحرك، نظرا لإجرائه عملية قسطرة بالقلب بعد إصابته بـ4 جلطات. و إصابته بجلطه قلبية اخيرة بعد صدور الحكم عليه و هو الأن نزيل مستشفى ليمان طره التابع لوزارة الداخلية.
كما نطالب الحكومة المصرية بمراجعة سجل محاكمها غير الدستورية التي تقام ضد الإصلاحيين وقادة الرأي من معارضي النظام الحاكم في البلد، مع ضرورة الإسراع بإطلاق سراح الدكتور أسامة سليمان، وإصدار عفو عن باقي المتهمين على ذمة القضية، سيما وأنه لا يسمح بالنقض أو الاستئناف لضحايا المحاكمات أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، كذلك يفترض أن تبادر السلطات إلى تعويض المحكوم عليهم ماديا ومعنويا جراء الأضرار التي لحقت بهم وبذويهم نتاج المحاكمة غير العادلة التي جرت بحقهم.
تجدر الإشارة إلى أن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ولدت من رحم قانون الطوارئ المصري، وهى محكمة غير دستورية، لأنها أنشئت وفقا للمواد 7، 8، 9، 10، 12، 13 من قانون الطوارئ، وهي مواد غير دستورية لتعارضها مع دستور البلاد، وبخاصة المواد 40، 41، 65، 66، 73، 137، 151، 152، 165، 166، 167، 195 من الدستور، والتي تكفل الحريات وتصونها، وبالتالي فلا صحة للأحكام الصادرة بحق المتهمين على اعتبار أن ما بني علي باطل فهو باطل.
وتشير الكرامة إلى أنها ستخاطب الأمم المتحدة بخصوص النهج الذي تتبعه الحكومة المصرية لقمع المعارضين وأصحاب الرأي من خلال محاكمات غير عادلة أمام محاكم استثنائية، بالمخالفة للمعاهدات والمواثيق التي تلتزم بها مصر.