مصر: مجلس الشعب يوافق على المقترحات المقدمة من الكرامة بخصوص التعذيب
![]() |
واعتبر المدير القانوني للكرامة في جنيف المحامي رشيد مصلي بأن "قبول لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب لهذا القانون يعد خطوة على الطريق الصحيح لسد الثغرات التي تعتري التشريع المصري في ما يخص هذا النوع من الجرائم الخطيرة التي تهدد السلامة الجسدية للمواطن المصري، كما تتسق هذه الخطوة مع التزامات الحكومة المصرية لجهة اتفاقية مناهضة التعذيب".
وأشار مصلي إلى أنه بالرغم من مرور قرابة عام ونصف على ثورة 25 يناير، إلا أنه يلاحظ عدم وجود حماية فعلية للمصريين من أشكال التعذيب، التي لا تزال تمارس بشكل منهجي وروتيني، سواءً في مراكز الشرطة أو أماكن الاحتجاز الخاصة بالجيش وغيرها من أماكن الاعتقال.
وتكشف مئات الشهادات الموثقة، بأن "التعذيب في مصر سياسة ممنهجة يمارسها ضباط الشرطة على نطاق واسع وفي كل أنحاء البلاد ضد المحتجزين، أكانوا من السياسيين أو الجنائيين، وسواءً متهمين أو مشتبهاً بهم، رجالاً أو نساء، بالغين أو قاصرين"، وفقاً للباحث القانوني في مؤسسة الكرامة - مكتب القاهرة المحامي أحمد مفرح.
ومن المتعارف عليه أن التشريعات القائمة والإجراءات المتخذة بشأن حماية الأشخاص من التعذيب تتسم بالقصور وتعجز عن توفير الحماية لضحايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، وذلك على الرغم من الحماية الواسعة التي أضفاها قانون العقوبات المصري على الحق في السلامة الجسدية بصفة عامة، بتجريمه جرائم الضرب والجرح من آحاد الناس وبتشديد العقوبات على هذه الجرائم، إلا أن ذات التشديد والحماية قد غابا عن جرائم الاعتداء على السلامة الجسدية من قبل الموظفين العموميين، وهم الأشخاص الأكثر توقعا قيامهم بالتعذيب، وبالأخص ضباط الشرطة بالنظر إلى السلطات الممنوحة لهم.
وقد قاوم نظام الحكم السابق في مصر دائماً كل محاولات تعديل التعريف القاصر لجريمة التعذيب في القانون المصري، حتى لا يتسق مع تعريف الأمم المتحدة؛ ولذلك لا يشمل القانون المصري سوى التعذيب الواقع ضد متهم بغرض حمله على الاعتراف بالتهمة، بينما تتجاهل الحكومة كافة التقارير والحالات الموثقة التي تشير إلى استمرار التعذيب.
وقد صادقت جمهورية مصر على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1982، كما صادقت على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب عام 1986. وتنصّ المادة 2 فقرة 1، والمادة 12 من الاتفاقية على التوالي على الآتي:
" تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي"، "تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بان عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية".
ورغم نشر الحكومة المصرية مرسوماً في الجريدة الرسمية بتاريخ 7 يناير 1988، إلا أنه لم يتم العمل على تطوير البنية التشريعية الخاصة بوضع التدابير والإجراءات الفعالة لحماية الأشخاص والمواطنين من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية، بينما بقيت مواد قانون العقوبات وكذا قانون الإجراءات الجنائية لا تراوح مكانها وتقف حجر عثرة في طريق رد الاعتبار للناجين من التعذيب ومعاقبة الفاعلين.
وقد أولى المجتمع الدولي قضية التعذيب أهمية قصوى، يظهر ذلك بوضوح من إضافته لجريمة التعذيب كجريمة ضد الإنسانية إلى المواد المنصوص عليها في اتفاقية روما الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الصادرة عام 1998 والتي دخلت حيز النفاذ في 11 ابريل عام 2002 المادة 5، بحيث أصبح هناك اختصاص جنائي دولي بهذه الجريمة.
ولما كانت مصر من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة ومن أوائل الدول التي شاركت فى وضع مسودة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن عليها واجب خاص في جعل نظامها القانوني في حالة توافق مع التزاماتها الدولية وفقا للمعاهدات التي وقعت عليها.