18 كانون2/يناير 2011

تونس: الثورة السلمية في مفترق الطرق...

بعد شهر واحد من انطلاقة الثورة التونسية التي أنهت 23 سنة من حكم الرئيس بن علي، وكلفت البلاد ثمنا باهظا راح ضحيته قرابة مئة قتيل، لا تزال مرحلة الانتقال الديمقراطي هشة. وتقوم الكرامة حاليا، استنادا إلى ما يردها من معلومات، بإحصاء حالات انتهاك حقوق الإنسان التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة، لتحيلها إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، كما أنها تدعو بهذه المناسبة السلطات التونسية إلى احترام حقوق الإنسان.

"لا أستطيع أن أصدق ما يحدث! للمرة الأولى منذ 23 سنة، لا تتصدر صورة الرئيس بن علي الصفحات الأولى من الصحف التونسية، وإنما تستأثر بالعناوين الأساسية على صدر صفحات وسائل الإعلام الدولية! "، هذا ما صرح به اليوم شاب تونسي مازحا، على الشبكات الاجتماعية على الانترنت. وهكذا، على غرار هذا الشاب، فإن الشعب التونسي برمته، يستنشق من جديد رائحة الحرية، التي كاد ينسى عذوبة نسيمها، التي تسببت 23 عاما من الديكتاتورية البوليسية في وأدها وكتم أنفاسها.

وفي جميع أنحاء العالم العربي، من صنعاء إلى الرباط، تابع "أشقاء" الشعب التونسي، أول بأول، تطورات هذا المشهد الفذ والمباشر، من خلال القنوات الفضائية والشبكات الاجتماعية، لسقوط احد دكتاتوري العالم العربي، لقد تابعوا فصول هذا المشهد ويحدوهم في ذلك شعور الغبطة والأمل والمفاجأة، إنه بحق مشهد فريد من نوعه، لأنه لأول مرة في التاريخ الحديث في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، يشهد المرء رئيس دولة يجبر على التنحي عن "العرش" والفرار خارج البلاد، تحت ضغط الإرادة الجماعية للشعب.

قبل شهر من ذلك، في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010، قام محمد بوعزيزي، وهو شاب جامعي، من شباب سيدي بوزيد، عاطل عن العمل وقد اضطر أمام شظف العيش إلى بيع الفواكه والخضروات لسد حاجيات أسرته، فقام بإضرام النار في نفسه في أعقاب مصادرة مبيعاته من قبل مسؤولي البلدية. وقد تسبب هذا التصرف اليائس منه، الذي يرمز إلى مدى عمق الشعور بالإحباط لدى جزء هام من السكان، الذين يعانون من سوء الظروف المعيشية والبطالة المستشرية، في انتشار الشعور بالسخط العارم بين مجموع السكان، الأمر الذي تمخض عنه موجة من الاحتجاجات على المستوى الوطني، لم تشهدها تونس من قبل، حيث أجبر الرئيس المخلوع على الفرار وسقوط النظام الديكتاتوري، في 14 كانون الثاني/ يناير 2010.

والملفت أن الأمر الذي كان في البداية مجرد ثورة شعبية ذات مطالب اقتصادية واجتماعية، لا تتجاوز المناطق المحرومة من البلاد، سرعان ما تحول إلى حركة سياسية أوسع نطاقا، عمّت كافة أرجاء البلاد، وكانت قد بدأت الانتفاضة في بلدة سيدي بوزيد عندما تجمع التجار والشباب للتعبير عن احتجاجهم تضامنا مع البوعزيزي.

ثم تصاعدت وتيرة الاحتجاج وتفاقم الوضع بسرعة مذهلة، بعد أن حاولت الشرطة تفريق المتظاهرين، فوقعت أولى الاشتباكات بين قوات الأمن والمواطنين. وفي نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2010، ازدادت الحركة الشعبية زخما: فمن جهة أولى، امتدت الاحتجاجات لتشمل عدة مدن في مختلف أنحاء البلاد، مثل منزل، وبوزيان، والمنستير، والسبيخة، والشبة لتصل أخيرا إلى تونس العاصمة؛ ومن جهة ثانية، امتدت الحركة الشعبية، لتجد دعما واسع النطاق من جانب النقابات العمالية والأحزاب السياسية، دون أن ننسى مساهمة المدونين من الشباب التونسي الذي لم يتأخر في القيام بدور أساسي على المستوى الإعلامي، من خلال عرض حركة الاحتجاج عن طريق استخدام الشبكات الاجتماعية على الانترنت. ومما لا شك فيه أن هذه الثورة الشعبية قد جرت أطوارها في شوارع البلاد، لكن من المهم أيضا الإشارة إلى مساهمة شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى في تعبئة جزء كبير من السكان في المراحل اللاحقة. كما أن الإعلان عن وفاة محمد البوعزيزي، يوم 4 كانون الثاني/ يناير 2011، قد زاد من حنق الشعب التونسي وألهب مشاعره، حيث انتشرت الاحتجاجات لتشمل مدن أحرى، مثل تالة والقصرين ورقيب، لتصل في نهاية المطاف إلى معظم أحياء العاصمة وضواحيها.

ولا زالت إلى يومنا هذا، ثورة الشعب التونسي مستمرة منذ أكثر من شهر، حيث أسفرت حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن تسعين مدنيا، لقوا جميعهم مصرعهم خلال المظاهرات أو أثناء تشييع الجنازات، تحت رصاص الشرطة والقناصة، هذا إلى جانب الاعتقال التعسفي للعشرات من النشطاء والمدونين والمعارضين السياسيين والمواطنين العاديين الذين جاؤوا للمشاركة في المظاهرات.
وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2011، أعلن محمد الغنوشي، رئيس الوزراء التونسي تشكيل "حكومة وحدة وطنية" في انتظار إجراء انتخابات جديدة. ولم تمض سوى أربع وعشرين ساعة على تعيينهم، حتى تمت أولى الاستقالات من الوزراء المعينين، في الوقت الذي خرج فيه آلاف التونسيين يجوبون شوارع تونس العاصمة ومدن وسط البلاد، للتعبير عن استيائهم من نفوذ واستحكام أركان حزب التجمع الدستوري الديمقراطي التابع للرئيس السابق، داخل الحكومة "الجديدة".
وفي الوقت الذي لم تجر بعد آخر فصول الثورة التونسي على ما يبدو، ولا يزال الوضع السياسي في تونس غير مستقر، تدعو الكرامة السلطات التونسية إلى ما يلي:

- الامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة أثناء التظاهرات، واحترام الحقوق الأساسية لمواطنيها وفقا لالتزاماتها الدولية.

- إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، بما في ذلك الذين تمت إدانتهم تحت ذريعة الإرهاب.

- الشروع في التحقيق في ملابسات وفاة جميع الذين لقوا حتفهم خلال احتجاجات الأسابيع الأخيرة في أعقاب تدخل الأجهزة الأمنية وملاحقة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

- نشر قائمة تفصيلية بأسماء جميع الأشخاص الذين تم اعتقالهم تعسفا أو الذين لا يزالون رهن الاعتقال بصورة تعسفية، في أعقاب تلك الاحتجاجات.

 

آخر تعديل على الجمعة, 21 كانون2/يناير 2011 10:11

تونس - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 18 مارس 1969

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ: 31 مارس 2012 (التقرير السادس)
الملاحظات الختامية: 23 أبريل 2008

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 23 سبتمبر 1988
البروتوكول الاختياري (OPCAT) لاتفاقية مناهضة التعذيب: 29 يونيو 2011

المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): نعم
آخر تقرير حكومي: 13 أكتوبر 2014
الملاحظات الختامية: 1 يناير 1999

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: 29 يونيو 2011
المادة 33 (إجراءات التحقيق): نعم                                                                                                                                                          آخر تقرير حكومي: 25 سبتمبر 2014

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض السابق: مايو 2012 (الدورة الثانية)
الاستعراض القادم: لا

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (CSDHLF) تصنيف ب
المراجعة الأخيرة: نوفمبر 2009
المراجعة القادمة: لا