23 شباط/فبراير 2010

اليمن: الصحفي المقالح يواجه محاكمة غير عادلة ويكشف تعرضه للتعذيب أثناء إخفائه قسرياً

تواصل السلطات اليمنية إجراءات محاكمة غير عادلة ضد الصحفي والناشط السياسي محمد محمد المقالح، الذي كان تعرض للإخفاء القسري والتعذيب، وراسلت الكرامة بشأنه الآليات المعنية في الأمم المتحدة، كما حذرت مبكراً من بوادر محاكمة غير شفافة وغير عادلة بحقه.

وأحالت النيابة الجزائية بالعاصمة صنعاء قضية السيد المقالح إلى المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا "الإرهاب وأمن الدولة" مطلع فبراير الجاري، بتهمة التواصل مع جماعة "الحوثي" ونشر أخبار ومقالات في موقع "الإشتراكي نت" الذي يديره تتعلق بأحداث التمرد المسلح في شمال اليمن، غير أن النيابة لم تفتح إطلاقاً أي تحقيق في جرائم تعذيب وانتهاكات خطيرة أكد السيد المقالح أنه تعرض لها، بما في ذلك تهديده بالقتل أكثر من مرة من طرف ضباط التحقيق أثناء فترة إخفائه قسرياً لدى مصالح الأمن القومي والأمن السياسي.

وبناءً عليه طالبت منظمات حقوقية يمنية، منها منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، النائب العام في اليمن بالتحقيق مع الجهة التي قامت بتسليم السيد المقالح إلى النيابة بعد ارتكابها جريمة الإخفاء القسري بحقه منذ اختطافه بتاريخ 17 سبتمبر 2009 وتعريضه للتعذيب وفقا لإفاداته أمام النيابة وأثناء السماح له بمقابلة مندوب عن نقابة الصحفيين اليمنيين.

وكانت منظمة (هود), الحقوقية عبرت عن صدمتها وذهولها الشديدين لما تعرض له المقالح من تعذيب وحشي ومعاملة لا إنسانية وقاسية، حد تعبيرها، وذلك بعد أن كشف المقالح عن جانب مريع من تعذيب قال إنه تعرض له خلال فترة إخفائه.

وروى المقالح لأمين نقابة الصحفيين اليمنيين، على هامش إحدى جلسات التحقيق في النيابة، أن أساليب التعذيب تنوعت بين الضرب والترويع وتهديده بالإعدام مرتين فضلاً عن تصويب السلاح إلى رأسه لمدة 20 يوما، وأنه تعرض لضرب دام عقب خطفه وظلت آثار الدماء على ملابسه لثلاثة أشهر بينما أخضعه خاطفوه لعملية محاكاة للإعدام مرتين فكانوا يجلسونه على كرسي ويستحضرون أجواء الإعدام ثم يعودون ليسخروا منه حين يلحظون جفاف فمه، كما عزلت سلطات المخابرات المقالح في منزل قديم، رجح أن يكون في قرية خارج العاصمة صنعاء. وقال المقالح لأمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين إنه أضرب عن الطعام لمدة 16يوماً احتجاجاً على التعذيب الذي تعرض له.

وبرغم عدم اعتراف معظم المحامين اليمنيين ونشطاء حقوق الإنسان بشرعيتها، فقد كانت المحكمة الجزائية التي يمثل أمامها السيد المقالح رفضت في ثاني جلسة لمحاكمته يوم 10 فبراير 2010 تسليم كامل ملف القضية لمحاميه، من دون أن توضح الأسباب، كما منعت الصحفيين من حضور الجلسة.

وقبل ذلك، كان المقالح رفض في أول جلسة لمحاكمته، أن يتولى القاضي الذي مَثَل أمامه النظر في قضيته، بسبب خصومة سابقة، إذ سبق للقاضي نفسه أن أصدر حكما بالسجن ثلاثة أشهر على السيد المقالح لاعتراضه على سير محكمة الصحفي اليمني المعارض عبد الكريم الخيواني الذي حكم عليه بدوره بالسجن ست سنوات بتهمة الإساءة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وصدر لاحقاً قرار عفو رئاسي بحقه، أفرج عنه بموجبه.

وبدأت النيابة الجزائية المتخصصة في قضايا "أمن الدولة" في اليمن التحقيق مع الصحفي المقالح يوم 1 فبراير 2010، بعد 136 يوماً من خطفه من أمام منزله في العاصمة صنعاء وإخفائه قسرياً لدى أجهزة الأمن اليمنية، لكن النيابة حينها منعت المحامين المتطوعين من حضور أول جلسة معه، وسمحت بالدخول لمندوب عن نقابة الصحفيين اليمنيين فقط دون أن تسمح له برؤية الضحية أو الحديث معه.

وكانت الكرامة لحقوق الإنسان أخطرت المقرر الخاص المعني بالتعذيب في 25 أيلول/ سبتمبر 2009، تلتمس منه التدخل بشكل عاجل لدى السلطات اليمنية بشأن السيد محمد المقالح أحد ضحايا الاختفاء القسري في اليمن، كما التمست أيضا التدخل من فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، ومن السيد المقرر الخاص المعني بحرية التعبير، ومن الممثل المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

واختُطِف السيد محمد المقالح، البالغ من العمر 50 عاما، والمقيم في العاصمة صنعاء، يوم 17 أيلول/ سبتمبر 2009 من قبل عناصر من مصالح الأمن، ثم اختفت جميع آثاره لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر ونصف، حين جاء الاعتراف بوجوده في سجن حكومي على لسان الرئيس علي عبدالله صالح، ومن بعده الناطق الرسمي للحكومة اليمنية، فيما كانت الكرامة قد عبرت عن خشيتها من تعرض السيد المقالح للتعذيب وسوء المعاملة طيلة مدة الاختفاء.

واستمرت السلطات الأمنية في اعتقال الصحفي المقالح منذ اختطافه، كما رفضت الاعتراف بوجوده لديها لفترة ثلاثة أشهر ونصف، برغم توجيهات النائب العام في اليمن بإحالته إلى الإجراءات القضائية إن كان ثمة ما يتهم به، أو الإفراج عنه، وبعد اعتراف الرئيس صالح باحتجازه في سجن حكومي، استمرت سلطات الاحتجاز في إخفائه ولم تسمح بزيارته أو معرفة مكانه حتى يوم الأحد 31 يناير 2010 حين سمحت له بالحديث مع أسرته عبر الهاتف لمدة لا تتجاوز دقيقة ونصف.

وأكد المرصد اليمني لحقوق الإنسان وهو منظمة يمنية محلية بأنه لم يسمح لأحد بمقابلة المقالح أثناء التحقيق معه في النيابة أخيراً، وأن مندوب نقابة الصحفيين الذي سمح له بالدخول "تمكن من سماع صوت المقالح فقط ولم يتمكن من الاتصال معه بأي طريقة"، فيما قال ناشطون إن "السلطات اليمنية أحضرت المقالح إلى مقر النيابة التي خضع للتحقيق أمامها وهو معصوب العينين وبدا أن صحته سيئة".

وأكد بيان صادر عن المرصد اليمني لحقوق الإنسان بأن "كافة الإجراءات المتخذة بحق المقالح إجراءات غير قانونية أو دستورية وتمثل انتهاكات صارخة وخطيرة لحقوقه المدنية وحقه في السلامة البدنية والكرامة والحرية الشخصية مثلما تمثل انتهاكاً للدستور والقوانين النافذة واستهتاراً بالتزام اليمن بالصكوك والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان".

ويتولى السيد المقالح رئاسة تحرير صحيفة الكترونية، تابعة للحزب الإشتراكي اليمني "المعارض"، وعنوان موقعها على شبكة الانترنت: www.aleshteraki.net. وكان اختُطِف في 17 أيلول/ سبتمبر 2009 عند الساعة 11 ليلا خارج منزله، بينما كان يستعد لركوب سيارته، حيث لاحظ حينئذ أن إطارات سيارته قد تعرضت للفتق، وفي هذه اللحظة بالذات، توقفت حافلة صغيرة بالقرب منه، بدون لوحة تسجيل ولا تحمل علامات مميزة، وخرج منها عدة أشخاص مسلحين يرتدون ملابس مدنية، فأرغموه على الصعود معهم في سيارتهم تحت تهديد السلاح ثم غادروا المكان نحو وجهة مجهولة.

وللإشارة، فقد سبق أن القي القبض عدة مرات على السيد محمد المقالح، واعتقل سرا من قبل مصالح المخابرات (الأمن السياسي) دون إتباع الإجراءات القانونية، قبل أن يطلق سراحه من دون محاكمة، بعد قضائه عدة أشهر رهن الاعتقال.

وكان في كل مرة يعتقل فيها سرا لمدة طويلة، يتعرض خلالها للتعذيب، ويخضع لمعاملة لاإنسانية ومهينة، وكان يؤخذ عليه حينذاك مضمون مقالاته على شبكة الانترنت و فحوى تصريحاته العلنية.

وغداة اختطافه، حاولت أسرته معرفة مكان اعتقاله، إذ توجهت إلى مقرات مختلف الأجهزة الأمنية التي يرجح انه محتجز لديها (الأمن السياسي؛ الأمن القومي، الشرطة الخ.)، هذا بالإضافة إلى النائب العام في صنعاء، صاحب الولاية الإقليمية المخول للقيام بذلك، غير أن هذه الجهات نفت جميعها أن تكون لها أي صلة بعملية الاعتقال هذه. كما تدخلت النقابة الوطنية للصحفيين، بالإضافة إلى ممثل المنظمة من أجل التغيير والدفاع عن الحقوق والحرية، فضلا عن المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية، لدى مكتب المدعي العام في صنعاء ولكن دون جدوى.

وكانت أسرة السيد المقالح أبدت مخاوفها الحقيقية من إقدام السلطات اليمنية على محاولة تلفيق أي اتهامات سياسية له، بهدف تبرير الانتهاكات التي ارتكبتها بحقه بدءاً من جريمة الاختطاف والإخفاء القسري مروراً بالاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة.

يشار إلى أن اليمن صدّق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 09 شباط/ فبراير 1987، وعلى اتفاقية مناهضة التعذيب في 05 تشرين الأول/ أكتوبر 1991. ونظرت لجنة مناهضة التعذيب في التقرير الدوري المقدم من اليمن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، ولكن من دون حضور ممثل عن الحكومة اليمنية، كما قدمت الكرامة مساهمة لها في إطار عملية الاستعراض هذه.

آخر تعديل على الثلاثاء, 23 شباط/فبراير 2010 09:56

اليمن - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 9 فبراير 1987

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: لا
التقرير الحكومي مرتقب في 30 مارس 2015 (التقرير السادس)
الملاحظات الختامية: 23 أبريل 2012

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 5 نوفمبر 1991
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ 14 مايو 2014: 20 يونيو 2008 (التقرير الثالث)
الملاحظات الختامية: 17 ديسمبر 2009

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض السابق: يناير 2014 (الدورة الثانية)
الاستعراض القادم: لا

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

لا