19 كانون1/ديسمبر 2008

تونس: اعتقال الدكتور شورو من جديد بعد شهر من الإفراج عنه، عقب اعتقال تعسفي دام 18 سنة

توجهت الكرامة  اليوم إلى فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي وإلى المقرر الخاص المعني بحرية التعبير تلتمس منهما التدخل بشأن الدكتور صادوق شورو، الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية الذي ألقي عليه القبض يوم 3 كانون الأول/ ديسمبر 2008 بعد أن كان أفرج عنه  يوم 5 تشرين الثاني بعد أن قضى  18 عاما رهن الاعتقال، وكان قبل أيام قلائل من استدعائه شارك في عدة مقابلات صحفية.

والدكتور صدوق شورو من مواليد 10 شباط/ فبراير 1948، متزوج، وأب لأربعة أطفال، حاصل على دكتوراه دولة في الكيمياء وأستاذ جامعي،  سبق وأن درس الطب بجامعة تونس.

 وبعد أن ألقي عليه القبض في المرة الأولى في 17 شباط / فبراير 1991 باعتباره رئيسا للحركة السياسية، النهضة، تم اعتقاله سرا لفترة طويلة، تعرض خلالها لتعذيب جسيم على أيدي أفراد من مصالح وزارة الداخلية.

ولدى مثوله أمام المحكمة العسكرية في تونس في عام 1992، حُكِم عليه بالسجن مدى الحياة، على إثر محاكمة وصفتها جميع المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان بأنها غير عادلة، واعتبرت هذه المنظمات بالإجماع أن الدكتور شورو سجين رأي.

وقد عاش الدكتور شورو ظروف اعتقال قاسية للغاية، خاصة وأنه وُضِع في زنزانة انفرادية، بمعزل تام عن العالم الخارجي لمدة 14 عاما. وقد خاض إضرابا عن الطعام أكثر من عشرة مرات احتجاجا على ظروف الاحتجاز اللاإنسانية، وكان أخرها في عام 2007

وبعد قضاءه 18 سنة رهن الاعتقال، أفرج عنه في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، على إثر عفو أصدرته الحكومة في حق 21 عضوا من حركة النهضة بمناسبة الذكرى السنوية للـ21 لوصول الرئيس زين العابدين بن علي إلى السلطة في عام 1987

وفي 21 تشرين الثاني / نوفمبر، تعرض منزله في مدينة مورناغ (الواقعة على بعد 30 كلم جنوب تونس) لمداهمة وعملية تفتيش قامت بها الشرطة، كما خضع الدكتور شوروا لاستجواب طوال اليوم بسبب حفل أقمته أسرته احتفاء بمناسبة الإفراج عنه. وحظرت الشرطة هذا الحفل كما أنها قامت بمحاصرة جميع أنحاء المنطقة ومنعت بالقوة والتهديد الضيوف من الوصول إليها.

وعادة ما توجه العديد من وسائل الإعلام الدعوة إلى الدكتور شورو باعتباره شخصية سياسية معروفة في تونس على نطاق واسع، وأيضا في العالم العربي، لإجراء حوارات صحفيه معها، وفي هذا الصدد أعطى عدة مقابلات عبر الهاتف، بما فيها مقابلة مع قناة تلفزيون  الحوار، في 1 كانون الأول / ديسمبر 2008، تطرق خلالها إلى مسألة الحريات المدنية والسياسية في بلاده وإلى ظروف اعتقاله.

وأكد أيضا خلال هذه المقابلة على عزمه عدم التخلي عن حقوقه المدنية والسياسية وطلب السلطات التونسية بإضفاء الشرعية على حركته السياسية باسم حرية تكوين الجمعيات.

وكان ذلك هو السبب وراء إلقاء القبض عليه مرة أخرى يوم الأربعاء، 3 كانون الأول / ديسمبر 2008، على الساعة الرابعة والنصف عصرا،  إذ قام عشرة أفراد من مصالح وزارة الداخلية، بمداهمة بيته ثم اقتادوه بالقوة إلى جهة مجهولة دون استظهر أي مذكرة توقيف أو تقديم أسباب اعتقاله.

وبعد اقتياده إلى مقر وزارة الداخلية، أجبر على البقاء يومين كاملين وهو جالسا على كرسي بلا ظهر أو ذراعين في زنزانة صغيرة، تفتقر إلى كافة الضروريات الأساسية.

وخلال جلسات الاستماع من قبل مصالح الأمن في إطار التحقيق الأولي، استجوب فيما يخص مقابلاته الصحفية وحول تصريحاته التي أدلى بها إلى وسائل الإعلام.

وتم عرضه على إثر ذلك أمام المحكمة الابتدائية في تونس في 05 كانون الأول / ديسمبر 2008 بعد فترة الحجز التحفظي، بتهمة استأنف نشاطه السياسي وتحدثه باسم حركة محظورة، وضمن هذا السياق وجهت إليه تهمة بموجب المادة 30 من قانون الجمعيات التي تعاقب " كل مشاركة، أو الحفاظ، أو إعادة تشكيل المنظمات غير المعتمدة".

وفيما قامت  المحكمة بتأجيل جلسة الاستماع إلى 13 كانون الأول / ديسمبر 2008، أدلى الدكتور صدوق شورو بتصريح تمهيدي أمام هذه المحكمة يؤكد فيه أنه لن يتخلى عن حقه في التعبير عن آرائه بحرية، وإدانة ظروف اعتقاله واحتجازه التحفظي غير الشرعيين.

وذكّر أيضا في كلمته "أن التصريحات الواردة في المحاضر مزورة"، وأنه حصل له فعلا شرف رئاسة حركة النهضة في الفترة من 1988 إلى 1991، لكن الآن، تتمتع هذه الحركة بقيادة ولها مؤسساتها، ومن ثم فلا تتعدى طموحاته حاليا، باعتباره من السجناء المفرج عنهم خلال أسابيع قليلة فقط، الإطلاع على الأوضاع والأحداث الجارية، ومحاولة فهمها وتحليليها والتعبير عن رأيه بشأنها.

كما  أعرب الدكتور شورو "عن دهشته بأن توجه له تهمة الحفاظ على منظمة غير مرخص لها، وذلك بسبب استحالة لفرد واحد، لاسيما إذا أضفنا إلى ذلك العزلة التي يتعرض لها، بإنجاز مثل هذا العمل الجسيم الذي يتطلب التنقل المستمر بين الناشطين، وعقد الاجتماعات، والمؤتمرات وتنظيم الانتخابات، وتشكيل مكتب تنفيذي، وانتخاب أعضاءه وما إلى ذلك، ثم يتساءل "إذا كان فرد معزول كالحالة التي يعيشها، محاصر في منزله منذ إطلاق سراحه في 5 تشرين الثاني / نوفمبر 2008، ممنوع حتى من استقبال ضيوفه في المنزل بسبب إغلاق الطريق العمومي، فكيف لمثل هذا الشخص، في هذه الظروف أن يفكر، مجرد التفكر، القيام بمثل هذا المشروع؟

وخلال مرافعتها،  أبرز ت هيئة  الدفاع أثناء جلسة الاستماع، الطابع اللا واقعي للاتهامات الموجهة إلى المتهم، وأشرت أيضا إلى "الطابع السياسي" الذي  يطغى على مجريات المحاكمة، من خلال تقديم الدليل الذي يثبت أن الدكتور شورو لم يقم سوى بالتعبير عن آرائه،المكفولة دستوريا.

 ومع ذلك صدر حكم ضد الدكتور صدوق شورو بعقوبة سجن نافذة مدتها سنة واحدة، من خلال قرار قضائي صدر في اليوم نفسه.

وبذلك تنتهك عملية التوقيف هذه والحكم القضائي الصادر في حق الدكتور شورو، القانون الداخلي المعمول به في تونس والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه تونس في 18 آذار / مارس 1969.

آخر تعديل على الأحد, 21 كانون1/ديسمبر 2008 15:44
support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png