22 تشرين2/نوفمبر 2012

السعودية: أنس الخربوش، حالة أخرى من الاعتقال التعسفي

لا ينقطع سيل حالات الاعتقال التعسفي التي تتوصل بها الكرامة من السعودية، منها الحديثة التي لم تتجاوز فترة الاعتقال السنة، ومنها التي أمضى ضحاياها سنوات تجاوزت العقد في كثير من الأحيان. وتختلف التقديرات بالنسبة للعدد الحقيقي للمعتقلين تعسفيا بسجون المملكة، فهم حسب البعض يتجاوزون العشرين ألفا، والأربعين ألفا حسب البعض الآخر، لكن حقيقة الأرقام لا تعرفها إلا وزارة الداخلية السعودية. ووراء هذه الأعداد الهائلة يجب تصور المآسي التي تخلفها، ثكالى وأرامل وأيتام، أبناؤهم وأزواجهم وآباؤهم مدفونون أحياءا ، ولأن المعتقل في الغالب هو المعيل الوحيد فإن عواقب الاعتقال كارثية بكل الأبعاد الاقتصادية منها أوالاجتماعية أوالتربوية. ومما يزيد في عذاب المعتقلين وذويهم جهلهم التام بتهمهم وتاريخ انتهاء محنتهم. ورغم مناشدات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، والوقفات والاعتصامات الاحتجاجية لأهالي المعتقلين، والمظاهرات الشعبية المطالبة بالإفراج عنهم، لم تستجب السلطات السعودية إلا بمزيد من الاعتقالات في صفوف المتظاهرين والناشطين الحقوقيين والإصلاحيين.

ولا تكلف السلطات السعودية نفسها عناء محاكمة المعتقلين رغم أنهم أمضوا في السجون سنوات عدة، وحتى أولائك الذين حالفهم الحظ وقدموا للقضاء وصدرت في حقهم أحكام جائرة لا تخضع لأي منطق، يبقون في غالب الأحيان في السجن لسنوات أخرى دون مبرر قانوني. وتعيش السعودية حالة من انفصام شخصية، فهي لا تحترم قرارات الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة التي تدين الطابع التعسفي لكل حالات الاعتقال التي تقدمت بها الكرامة والمنظمات الدولية الأخرى، في حين أنها عضو في مجلس حقوق الإنسان، وكأن عضويتها للمنظر والتباهي فقط، أو كأنها ضيف لا يعنيه ما يقوله مضيفه ولو تعلق الأمر بانتقادات موجهة له.

وما قضية السيد أنس الخربوش، إلا واحدة من ضمن المئات التي رفعتها منظمتنا لآليات للفريق الأممي الامل المعني بالاعتقال التعسفي لفضح هذه الظاهرة، التي لم يعد من الممكن السكوت عنها، حيث اعتقل الرجل من أمام بيته بمدينة الرس بمنطقة القصيم، في 7 شوال 1427 الموافق 29 أكتوبر 2006، قبيل صلاة الظهر من قبل مباحث أمن الدولة، التي أقفلت جميع المنافذ المؤدية لمقر سكناه، قبل القبض عليه والتوجه به إلى بيته مكبلا معصوب العينين. وهناك ترك في إحدى السيارات، وصعد العديد من الرجال إلى مقر سكناه لتفتيشه بحضور زوجته وأبنائه الصغار الذين لم يكن عمر أكبرهم حينها يتجاوز العشرسنوات مع ما خلفه ذلك من أثر نفسي عليهم. واختفى الرجل أربعين يوما قبل أن تتصل المباحث بوالده وتخبره بإمكانية زيارته بسجن البريدة، ليأتي الدور على زوجته لزيارته خلال الأسبوع الموالي بعد تفتيش مهين ومعاملة حاطة بالكرامة. ومرت بضعة أشهر ثم اختفى السيد أنس الخربوش من جديد ثلاثة أشهر أخرى ليظهر في سجن الملز بالرياض على بعد 400 كلم من أسرته إمعانا في العقاب والإذلال، لتبدأ رحلته عبر سجون المملكة زار خلالها العديد من مراكز الاعتقال. ومضت أكثر من ستة سنوات على دخوله السجن، وأرسلت أسرته أكثر من مائة رسالة إلى كل المسؤولين، وبعدما فقد أولاده وزوجته الأمل في العدالة لم يجدوا من وسيلة يستنكرون بها هذه الممارسات إلا المشاركة في الاعتصامات التي نظمها أهالي المعتقلين بمنطقة القصيم، وكانت النتيجة أن اعتقلت زوجته وابنتيه أثير14 عاما ولؤلؤة 10 سنوات نصف يوم، بينما لبث ابنه حمد البالغ 17 ربيعا في المعتقل أربعة أيام. أما السيد أنس فدخل في إضراب عن الاتصال بذويه مطالبا في نفس الآن أن يحاكم أو أن يفرج عنه، لأنه وكالآلاف الذين تحدثنا عنهم لازال يجهل سبب دخوله السجن ولا متى سيخرج منه. ولعل وزارة الداخلية السعودية تجهل لحد الساعة ما تهمته.

وتشير الكرامة أنها رفعت اليوم شكوى إلى فريق العمل الأممي، تطالبه فيها بإصدار قرار يدين الطابع التعسفي لاعتقال السيد أنس خربوش، ومطالبة السلطات السعودية بالإفراج عنه وتعويضه بما يتناسب وحجم الضرر الذي لحقه جراء اعتقاله وإفادة الفريق العامل بجميع الإجراءات التي اتخذتها في هذه القضية.

آخر تعديل على الخميس, 22 تشرين2/نوفمبر 2012 15:23
support us
follow_fb follow_tw follow_yt

NS_AR.png