لبنان: فريق العمل الأممي يدعو إلى الإفراج الفوري عن امرأة محتجزة تعسفا بسجن بعبدا
ذكرت وسائل الإعلام في أعقاب القبض على السيدة بدرية أبو مرعي في أيار/ مايو 2010، أن احتجازها كان بهدف حمايتها، رغم أن استدعاءها تم استنادا إلى تهمة وجهت إليها بزعم تورطها في جريمة قتل. وبعد قضائها سنوات عدة رهن الاعتقال، لا تزال السيدة أبو مرعي نزيلة سجن بعبدا - بعد تعرضها للتعذيب واحتجزها لمدة تزيد عن 32 شهرا دون محاكمة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، سجل فريق العمل للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، في قراره رقم 44/2012 أن حرمانها من الحرية، يعتبر إجراء تعسفيا استنادا إلى المعلومات التي قدمتها الكرامة في بداية هذه السنة، كما يوصي فريق العمل السلطات المعنية بإطلاق سراحها فورا.
وكانت السيدة بدرية أبو مرعي قد استدعيت في 22 أيار/ مايو 2010، للمثول أمام محكمة بعبدا، جنوب غربي بيروت، لاستجوابها بشأن تورطها المزعوم في جريمة قتل، حيث تعرضت للضرب والإهانة أثناء جلسات الاستجواب ولا تزال تحمل آثار هذه المعاملة القاسية والمهينة. وفي اليوم التالي، أبلغت الضحية المدعي العام بما تعرضت له من ضروب التعذيب، لكن لم تتخذ السلطات اللبنانية حسب المعلومات التي بلغت علم الكرامة، أي خطوة فعلية للتحقيق الجدي في هذه الادعاءات. وفي هذا الصدد نذكر أن لبنان طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، وهو بمقتضى ذلك ملزم باتخاذ تدابير تشريعية وإدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى كفيلة بمنع وقوع أعمال التعذيب وللتأكد من اتخاذ السلطات المختصة ما يلزم من تدابير تكفل إجراء تحقيق سريع ونزيه، حيثما وجدت مبررات معقولة، ترجح الاعتقاد أن أعمال تعذيب قد وقعت بالفعل.
وبعد مثولها أمام النيابة العامة، اقتيدت السيدة أبو مرعي إلى سجن بعبدا للنساء، القريب من مقر المحكمة، ورغم أن هذا السجن مصمم في الأصل لاستيعاب 36 سجينة فقط، إلا أنه يأوي حاليا حوالي مئة من المعتقلات، مما يعني أن العديد منهم مجبرات على افتراش الأرض أثناء النوم، مما يشكل انتهاكا آخرا لالتزامات لبنان بموجب القانون الدولي، بما يخالف المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على ضرورة معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، مع احترام كرامتهم كبشر.
والأهم من ذلك، لم يتم حتى الآن النظر في قضية السيدة أبو مرعي من قبل محكمة مختصة، كما أنه لم يصدر بحقها إلى يومنا هذا أي حكم قضائي بعد مضي قرابة ثلاث سنوات من اعتقالها، وإلى جانب ذلك، لم يسمح لها بتفويض محامي يتولى مهام الدفاع عنها، ليتضح جليا عدم احترام حقها المشروع في محاكمة عادلة خلال فترة زمنية معقولة، مثلما تفرضه الإجراءات المعتمدة عملا بالمادتين 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي ضوء الوقائع المذكورة أعلاه، وفي غياب أي نفي لهذه الحقائق من قبل الحكومة اللبنانية، فقد سجل فريق العمل للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، وقوع انتهاك لحقوق السيدة أبو مرعي بحيث يعد استمرار احتجازها إجراء تعسفيا. وبعد تقديم توصيتهم بإطلاق سراحها فورا، اعتبر الخبراء أنه من حقها أيضا الحصول على تعويض مناسب عن الانتهاكات التي تعرضت لها على يد السلطات اللبنانية. وفي هذا السياق تحث الكرامة السلطات المعنية على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتنفيذ توصيات فريق العمل على الفور.
وتجدر الإشارة للأسف الشديد، أن قضية السيدة أبو مرعي، ليست حالة معزولة، حيث أن العديد من النساء الأخريات المحتجزات في سجن بعبدا، ونحو ثلثي المعتقلين في لبنان وفق دراسة حديثة أجرتها منظمة غير حكومية لبنانية، يتم اعتقالهم من دون محاكمة، فيما ثلث عدد السجناء يتحدثون عن تعرضهم في بعض مرافق الاحتجاز، لأعمال التعذيب. وبناء عليه تدعو الكرامة السلطات اللبنانية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتصحيح هذا الوضع والتأكد من سير جلسات المحاكمات في إطار القضاء اللبناني وفقا للقواعد والمعايير الدولية.