11 أيار 2008

عن (الإرهاب) و(حقوق الإنسان) في مسار العلاقات اليمنية الأميركية

في سياق علاقتها باليمن تبدو السياسة الأميركية متناقضة بالنظر إلى تعاطيها مع ملفين أساسيين يمثلان حجر الزاوية في مسار هذه العلاقة، هما حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، ففي حين تمارس واشنطن مزيداً من الضغوط الشديدة على الحكومة اليمنية لجهة مطالبها المتزايدة وغير الواقعية في ما يوصف بالحرب على الإرهاب وتنظيم القاعدة، تواصل مسلسل الضغوط ذاتها على صعيد ما يتعلق بحقوق الإنسان في اليمن..

دأبت وزارة الخارجية الأميركية في تقاريرها السنوية حول حقوق الإنسان في اليمن على توجيه انتقادات حادة للحكومة اليمنية بخصوص الانتهاكات التي تقع غالباً بسبب الإجراءات الأمنية في إطار الحرب على ما يسمى "الإرهاب"، لكنها في تقريرها حول الإرهاب لعام 2007، الذي كشف النقاب عنه الأسبوع الماضي، ذهبت للقول إن من أهم النكسات التي  منيت بها السلطات اليمنية إعلان (أبو بصير) ناصر الوحيشي زعيماً جديداً للقاعدة في اليمن في 22 يونيو الماضي، الأمر الذي استهجنه خبراء في شئون القاعدة في اليمن، واعتبروه مبالغة ومحاولة من قبل الولايات المتحدة لرد الصفعة للحكومة اليمنية التي وجهتها لأميركا لجهة رفض الطلب الأميركي بتسليم جبر البنا وجمال البدوي، حيث لجأ الأميركيون لاستخدام هذه الألفاظ لإثارة المنطقة فقط ولا يصل الموضوع إلى أن يصبح نكسة، باعتبار أنه أمر غير متوقع، وليس بوسع الحكومة اليمنية منع القاعدة من تنصيب زعيم لها أياً كان..

تقرير الإرهاب الأميركي جاء بعد فترة وجيزة من تقرير الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان في اليمن، والذي تحدث عن ازدياد معدلات الانتهاكات فيها، وانتقد بشدة الأوضاع التي عاشها اليمن في هذا المجال خلال العام الماضي، كما تحدث عن العديد مما وصفته بالانتهاكات، تقول بأن القوات الحكومية مارستها ضد مواطنين، ومنها حالات القتل العشوائي وغير القانوني، وحالات التعذيب، وتدني مستوى الأوضاع داخل السجون، وازدياد معدلات الاعتقالات التعسفية لفترات مطولة قبل المحاكمة، كما تطرق التقرير لحالات تعذيب عدة داخل سجون الأمن السياسي (المخابرات)، التي يحتجز فيها عادة المشتبه بانتمائهم لتنظيم "القاعدة"..

أما في تقرير الإرهاب فقد اتهمت الخارجية الأميركية اليمن بالتساهل في اعتقال من تسميهم "الإرهابيين المطلوبين أمريكيا"، وإطلاق سراح كل المعتقلين الذي عادوا من "جوانتانامو" بعد فترة قصيرة من التقييم وإعادة التأهيل، ضمن برنامجٍ رقابيٍ حكومي وصفه التقرير بأنه يفتقر إلى إجراءات المراقبة الصارمة..

وأشار التقرير إلى أن اليمن استمرت من خلال ضغوط أمريكية، بتنفيذ "برنامج استسلام" ذو متطلبات متساهلة لإرهابيين لم تستطع الحكومة إلقاء القبض عليهم، وأن احتجازهم كان بأسلوب متساهل إلى حدٍ ما على حد وصف التقرير، منوهاً إلى أن الحكومة اليمنية تفتقر لقوانين تجرم أو تمنع المقاتلين الأجانب من الذهاب إلى العراق، رغم اعترافه بأنها طبقت القليل من القوانين النافذة لإحباط أنشطة المقاتلين الأجانب بحلول نهاية العام 2007م.

وفي حين أشار التقرير الأميركي الى أن اليمن لم يتخذ أي إجراء لمنع الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان  من السفر أو تجميد أمواله تطبيقاً لالتزامات الحكومة اليمنية تجاه الأمم المتحدة، انتقد ما أسماه استمرار "الرئيس صالح طوال العام بالتعبير عن التأييد الشعبي للزنداني وجامعة الإيمان التابعة له"، الأمر الذي عدّه مراقبون أيضاً من قبيل المطالب غير الواقعية، باعتبار أن الولايات المتحدة نفسها فشلت في إثبات التهمة ضد الزنداني بتمويل الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى إنما تمثل ردة فعل لصلابة الموقف اليمني الرافض تسليم مواطنين يمنيين مطلوبين لأميركا، خصوصاً مواقف الرئيس علي عبدالله صالح، التي كان آخرها أثناء لقائه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (روبيرت مولر) الشهر الماضي، والذي وصفته مجلة نيوزويك بـ "غير الجيد"، وقالت بأن (مولر) خرج من هذا اللقاء غاضباً ومنزعجاً بشكل كبير وأنه نادراً ما يشاهد مدير مكتب التحقيقات الصموت منزعجاً جداً، حسب ما جاء في المجلة الأمريكية الشهيرة، التي أكدت أن ذلك كان السبب وراء قيام الرئيس بوش بإجراء مكالمة هاتفية مع صالح يعاتبه على ذلك الموقف..

وبالإضافة إلى ذلك، فقد عدّ تقرير الخارجية الأمريكية حول الإرهاب في الجزء الخاص باليمن هجوم مأرب في يونيو العام الماضي ضد السياح الأسبان انتكاسة أيضاً للحكومة اليمنية في الحرب على الإرهاب، وهو ما يثير التساؤل حول ما إذا كان بوسع الولايات المتحدة الأميركية بمنظومتها العسكرية والأمنية المتطورة منع هجمات القاعدة يومياً في العراق وأفغانستان على سبيل المثال، إذ كيف تنتقد فشل السلطات اليمنية في الحيلولة دون وقوع هجوم مأرب، بينما أخفقت هي في منع آلاف الهجمات الإرهابية في العراق خصوصاً؟!، على أن بيانات عناصر القاعدة في اليمن تتضمن التأكيد بأن عملياتها داخل البلاد ما هي إلا ردة فعل إما للحرب التي تشنها الحكومة اليمنية بالوكالة عن أميركا (الصليبية) ضدهم، وأن عملياتهم انتقام لما يتعرضون له من انتهاكات وملاحقات أمنية وتعذيب في سجون وزنازين المخابرات اليمنية، أو ردة فعل على الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان ودعم الكيان الصهيوني في فلسطين..

وفي حين تبدو الولايات المتحدة غير راضية عن مستوى تعاون الحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب، لم تسلم الأخيرة من اعتراضات واسعة على صعيد الداخل اليمني بسبب هذا التعاون، منذ حادثة مقتل الزعيم السابق للقاعدة أبو علي الحارثي في مأرب في نوفمبر 2002 بطائرة أميركية بدون طيار، والتي اعتبرت تفريطاً في السيادة..

ويؤكد خبراء شئون القاعدة في اليمن بأن الحكومة فعلت ما بوسعها في حربها ضد "القاعدة" وفق إمكانياتها، فيما يعترف الأميركيون أنفسهم بأنه في حال كررت الإدارة الأميركية ضغوطها على الحكومة اليمنية لتسليم المطلوبين يمكن أن يضعف الرئيس صالح أكثر ويعجل بسقوط اليمن إلى دولة فاشلة..

توتر أجواء العلاقات اليمنية الأميركية مؤخراً على خلفية تقاطع المواقف بشأن عديد نقاط تتعلق بملف مكافحة "الإرهاب"، جاء متزامناً مع سلسلة هجمات نفذها عناصر ينتمون لـ"القاعدة" ضد سفارات أجنبية وشركات نفطية، قبل أن يعلن التنظيم على لسان أحد قيادييه لصحيفة "الغد" الأسبوع الماضي بأن هذه العمليات هدفت لإيصال رسائل لأطراف معينة، وقد وصلت، مشيراً إلى أن عناصر التنظيم في اليمن يترقبون الأوضاع التي تسير إليها البلاد وما ستسفر عنه أحداث التمرد الحوثي في صعدة والحركة الاحتجاجية في عدد من المحافظات الجنوبية من تداعيات، قد تؤدي - حسب قوله- إلى حالة من الفلتان الأمني والفوضى وانهيار النظام الحاكم، بما يتيح لمن أسماهم "المجاهدين" في اليمن تولي مقاليد الحكم، مضيفاً بأن ثمة استعدادات وتحركات يقوم بها عناصر التنظيم حالياً، رافضاً المزيد من التوضيح حول تلك التحركات، في حين يبقى التساؤل.. ما هي تلك الرسائل التي أرادت "القاعدة" إيصالها من هذه الهجمات المتكررة والمباغتة، وهل نجحت في ذلك، ولماذا تأتي مثل تلك الهجمات في ظل الضغوط الأميركية المتزايدة على اليمن، خاصة في ما يتصل بموقفه الرافض للإذعان للطلب الأمريكي بتسليم جمال البدوي وجبر البنا، لأسباب تتعلق بمحاذير دستورية وقانونية، حيث لا يسمح دستور الجمهورية اليمنية بتسليم أي مواطن يمني لأي دولة أجنبية؟، وهل صحيح بأن ثمة علاقة مصالح بين الحكومة اليمنية وقاعدة اليمن، حسبما تذهب إليه بعض التقارير الأميركية، وماذا تعني اليمن بالنسبة لتنظيم القاعدة؟!!..

تساؤلات يمكن البحث عن إجاباتها في تقارير قادمة..

الغد- محمد الأحمدي

آخر تعديل على الجمعة, 27 آذار/مارس 2009 09:27

اليمن - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 9 فبراير 1987

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: لا
التقرير الحكومي مرتقب في 30 مارس 2015 (التقرير السادس)
الملاحظات الختامية: 23 أبريل 2012

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 5 نوفمبر 1991
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ 14 مايو 2014: 20 يونيو 2008 (التقرير الثالث)
الملاحظات الختامية: 17 ديسمبر 2009

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض السابق: يناير 2014 (الدورة الثانية)
الاستعراض القادم: لا

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

لا