اليمن: أهالي معتقلي "غوانتانامو" يرفضون إرسال أبنائهم إلى السعودية
Yemen - 26 may 2009
في سياق جهود منظمة الكرامة الهادفة لإنهاء معاناة سجناء معتقل "غوانتانامو" الأميركي بكوبا، شارك الثلاثاء 26 مايو أيار 2009 فريق منظمة الكرامة بالعاصمة اليمنية صنعاء، في اعتصام سلمي لأسر المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" والسجون الأميركية أمام مقر الحكومة اليمنية، للمطالبة بعودة أبنائهم إلى اليمن ورفض إرسالهم إلى أي بلد آخر تحت ذريعة "إعادة التأهيل".
ويأتي هذا التحرك، الذي بادرت إليه منظمة "هود" الحقوقية المحلية، في ضوء الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخراً عن احتمال قيام الولايات المتحدة الأميركية بترحيل سجناء يمنيين من "غوانتانامو" إلى دول أخرى من بينها المملكة العربية السعودية بحجة إلحاقهم ببرنامج "إعادة التأهيل" السعودي.
وفي الاعتصام الذي حضره أيضاً ناشطون في مجال حقوق الإنسان ومندوبو وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، أعلن أهالي المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" رفضهم إرسال أبنائهم إلى أي بلد آخر غير بلدهم الأُم اليمن، كما رفع أهالي المعتقلين صور أبنائهم، ولافتات تطالب الحكومة اليمنية بتحمل مسئولياتها الأخلاقية والوطنية والإنسانية نحوهم، والقيام بدور حقيقي لإعادة رعاياها في السجون الأميركية، خصوصاً "غوانتانامو" بكوبا، بعد أن أمضوا أكثر من ثماني سنوات، ذاقوا خلالها ولا يزالون شتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي، في الوقت الذي نجحت عديد من حكومات العالم في إعادة رعاياها من هذا المعتقل سيء الصيت.
رفض قاطع
وأعلن المعتصمون بشكل قاطع رفضهم لأي إجراءات من طرف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من شأنها الانقلاب على قراره بإغلاق المعتقل، وكذا وعوده بتسليم الضحايا إلى بلدانهم، كما شدد أهالي المعتقلين على أن تسليم أبنائهم إلى أي بلدٍ آخر غير اليمن، تحت أي ذريعة، يعتبر بمثابة "غوانتانامو" آخر، وحملوا "أي بلد عربي أو غير عربي كامل المسؤولية الدينية والأخلاقية والقانونية، في حال قبوله بأن يكون بديلاً لـ(غوانتانامو)".
واستغرب أهالي المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" مزاعم الولايات المتحدة الأميركية بالحرص على حقوق الإنسان في الوقت الذي تزمع إرسال أشخاص إلى بلدان ليست سجلاتها نظيفة في مجال حقوق الإنسان، محذرين من أن إرسال مواطنين يمنيين إلى دول أخرى، بذريعة "إعادة التأهيل" قد يعرضهم لنوع من التمييز ضدهم، ولن تتم معاملتهم كبقية العائدين من نفس أبناء البلد.
مخاوف وحقائق
وفي تصريح صحفي أدلى به لوسائل الإعلام، قال رئيس منظمة "هود" المحامي محمد ناجي علاو أنه "إذا كان يسمح للمعتقلين في "غوانتانامو" التواصل مع أهلهم عبر التلفون، فإن نقلهم إلى المملكة العربية السعودية يعني حرمانهم من التواصل مع ذويهم".
وكانت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية السيدة هدى البان، كشفت في مطلع أبريل الماضي عن وجود 644 يمنياً بينهم نساء في السجون السعودية، يتوزعون على عدة مدن بينها الرياض والدمام والخبر، وهي المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول يمني عن رقم محدد للسجناء اليمنيين في السعودية، الذين تحتفظ منظمة الكرامة بقائمة تحوي عشرات الأسماء، فيما تشير منظمات حقوقية يمنية إلى أنهم أكثر من ذلك وأن عددهم في سجن الملز بالرياض وحده يتجاوز 600 سجين يعانون من الإهمال والإذلال وبعضهم موقوف بدون محاكمة منذ أكثر 15عاما وفي قضايا تافهة أو معتقلون بتهم كيدية.
ورغم إشادة أهالي المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" بموقف الرئيس اليمني الرافض لإرسال أيٍّ منهم إلى بلدان أخرى، إلا أنهم بالمقابل شددوا على ضرورة اتخاذ خطوات جادة وملموسة من طرف الحكومة اليمنية لإعادة كافة المعتقلين اليمنيين، والإسراع في إنجاز مركز "إعادة التأهيل" في اليمن، وضرورة إشراك أهالي المعتقلين ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المعنية بهذا الملف في مشروع إعادة التأهيل، بما يضمن إنجاح المشروع وإعادة الاعتبار لهؤلاء الضحايا وعدم المساس بحقوقهم المدنية والقانونية، وبما من شأنه أيضاً إسقاط الذرائع الأميركية التي تحول دون عودة كافة المعتقلين اليمنيين.
الكرامة تطالب
وفي هذا السياق أيضاً تطالب منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، بضرورة إحياء فكرة تشكيل لجنة مشتركة من البرلمان اليمني والحكومة ومنظمات حقوقية وممثلين عن أسر المعتقلين اليمنيين، تتولى هذه اللجنة مهام متابعة قضية المعتقلين اليمنيين في الخارج عموماً، وفي السجون الأميركية كمرحلة أولى، على أن تتولى هذه اللجنة وضع خطة عمل مشتركة مع الجانب الحكومي، تتضمن برنامجاً زمنياً وآليات واضحة ومحددة لهذا الغرض.
يشار إلى أن منظمة الكرامة لحقوق الإنسان في جنيف، إلى جانب المفوضية الأوربية للأمن والتعاون التابعة للاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوقية أخرى، كانت جميعها حاولت في وقت سابق القيام بدور الوساطة بين الحكومتين الأميركية واليمنية لتقريب وجهات النظر بينهما حول نقاط الخلاف، خاصة ما يتعلق بمسألة إعادة تأهيل العائدين من "غوانتانامو"، حيث تولّت الكرامة مهمة التفاوض مع الجانب اليمني، وقام وفدٌ من منظمة الكرامة بزيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء في أكتوبر من العام الماضي 2008، التقى خلالها مسؤولين يمنيين، غير أن قضية معتقلي اليمن في "غوانتانامو" ظلت تراوح مكانها، ولم تحرز كل من الولايات المتحدة واليمن أي تقدم يُذكر في تقرير مصير هؤلاء المعتقلين، الذين مرّ على بعضهم ثماني سنوات من الاحتجاز دون نسب اتهامات إليهم، رغم أن مئات السجناء من أنحاء العالم أعيدوا إلى ديارهم في السنوات الأخيرة، بينهم فقط 15 شخصاً من اليمن كانوا في "غوانتانامو"، أحدهم أعيد جثة هامدة زعمت الإدارة الأميركية أنه انتحر في السجن، بالإضافة إلى 4 يمنيين آخرين ضحايا السجون السرية الأميركية.
وخلال السنوات الماضية شارك فريق منظمة الكرامة بصنعاء إلى جانب منظمات حقوقية محلية في تنظيم سلسلة من الفعاليات واللقاءات التشاورية قصد الضغط على المؤسسات اليمنية كالبرلمان ووزارة الخارجية والجهات المعنية في الدولة للتحرك بشكل جدي من أجل إعادة المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو"، وضمان عدم تعرضهم لأي انتهاكات بعد عودتهم إلى اليمن.
توصيات حقوقية
وكانت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الأميركية طالبت حكومة أوباما بوجوب التسريع بإعادة أي يمنيين لن تتم مقاضاتهم في الولايات المتحدة، وتمويل خدمات متكاملة للتدريب على العمل والتعليم والمساعدة النفسية وغيرها من خدمات إعادة التأهيل للمحتجزين المعادين، وعدم الضغط على الحكومة اليمنية لاحتجاز المحتجزين العائدين دون نسب اتهامات إليهم، أو لفرض قيود أخرى دون إجراءات تقاضي سليمة، ووجوب الاعتذار وتوفير التعويض المناسب للمحتجزين الذين تم احتجازهم تعسفاً، أو تعذيبهم، أو ممن تعرضوا لغير ذلك من أشكال المعاملة السيئة رهن الاحتجاز الأميركي، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للتحقيق في مزاعم الإساءة التي تعرض لها اليمنيون وغيرهم من أبناء الجنسيات الأخرى جراء سياسات وممارسات مكافحة الإرهاب الأميركية، على أن تقرر اللجنة من يجب أن يُحمل المسؤولية الجنائية عن هذه الإساءات وكيفية تحقيق هذه المحاسبة.