11 أيار 2009

اليمن: الكرامة تقدم تقريرا إلى مجلس حقوق الإنسان

يجتمع مجلس حقوق الإنسان، في 11 أيار/ مايو 2009 لإجراء الاستعراض الدوري الشامل للتقارير الخاصة باليمن. وقدمت الكرامة في هذا الإطار، تقريرا في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2008.

اليمن

الاستعراض الدوري الشامل

الدورة الخامسة، من 07 إلى 25 أيلول/ سبتمبر 2009

3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008

1. السياق العام

تأسست جمهورية اليمن في عام 1990 عقب توحيد شقي اليمن، جمهورية اليمن الديمقراطية والشعبية (جنوب اليمن)، والجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي). وقد أسفرت الحرب الأهلية عن هز أركان البلد الموحد حديثا، واستمر ذلك من 5 أيار / مايو إلى 7 تموز/ يوليو 1994، قبل أن تؤول السلطة في نهاية المطاف إلى الحكومة في صنعاء.

وخلال حرب الخليج الثانية (1990-1991)، دعمت اليمن العراق، دون أن توافق على ضمه للكويت، وهي خطوة تسببت لها في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة.

وردا على ذلك، سحبت الولايات المتحدة مساعداتها الاقتصادية، في حين قامت المملكة العربية السعودية والدول المجاورة، وحلفاء الولايات المتحدة، بطرد أكثر من مليون عامل يمني من بلدانهم.

و تسبب الهجوم على المدمرة الأمريكية كول في المياه الإقليمية اليمنية في تشرين الأول / أكتوبر 2000، لا سيما عقب هجمات 11 سبتمبر، في آثار وخيمة على اليمن. ومباشرة بعد إدراج اليمن من قبل الولايات المتحدة ضمن قائمة 'الدول المارقة' من جراء تلك الأحداث، وبسبب الوضع الاقتصادي الهش في البلد، وجدت اليمن نفسها مجبرة على قبول الشروط التي فرضتها الولايات المتحدة في حربها الدولية ضد الإرهاب، وبناء عليه وافق اليمن على فتح مقر لمكتب التحقيقات الاتحادي في صنعاء (العاصمة) بالإضافة إلى الاستعانة حاليا بمدربين من الولايات المتحدة، لتدريب قواتها العسكرية.

وقد نجم عن هذا التعاون الأمني والعسكري،  معارضة داخلية كبيرة،  مما زاد حدة التوتر المرتفعة أصلا في البلد، فكان رد الحكومة على ذلك مزدوجا، بحيث قامت في الوقت نفسه، من جهة بقمع مختلف المجموعات السياسية والاجتماعية، ومن جهة ثانية محاولة استمالة هذه القوى واستيعابها داخل هياكل جهاز الدولة.

 

وفي ضوء ذلك جوبهت عملية التمرد التي قادها حسين الحوثي في مستهل الألفية الثالثة في شمال البلاد، بحملة من التفجيرات والاعتقالات الجماعية. ولا تزال حركة التمرد هذه حتى اليوم، سبب متاعب للحكم المركزي، على الرغم من مختلف اتفاقات السلام المبرمة معها. وفي الوقت نفسه، يجري حوار مع الحركات المسلحة من أجل إقناع أعضائها على التخلي عن الكفاح المسلح من خلال منحهم تعويضات اقتصادية.

غير أن هذه العلاقة الدافئة في اتجاه بعض الجماعات المعادية للوجود الأمريكي في البلد، لم تروق الأمريكيين، مما دفعهم إلى مضاعفة الضغوط على الحكومة لقمع هذه الجماعات.

ويضاف إلى ذلك عنصر خاص باليمن، الذي يتميز بتداخل هياكل الدولة مع التنظيمات القبلية التي ما زالت تتمتع بنفوذ قوي، بل يحدث أحيانا تعارض واضح بين هذه التركيبة القبلية ومصالح الدولة نفسها. وهنا أيضا، لا تجد السلطة بدا من التأقلم مع هذا الوضع، نظرا لعدم قدرتها على فرض نفسها، خاصة و أن الدولة ذاتها نتجاذبها الصراعات القبلية.

 

وينبغي النظر إلى وضع حقوق الإنسان في اليمن من خلال هذا السياق المتميز بتوازن هش، القائم بين القوى الداخلية المتنافسة والضغوط الخارجية. وقام البلد، خلال السنوات التي تلت عملية إعادة توحيدها، بإعادة صياغة قوانينها التشريعية: فطرح دستورا جديدا في عام 1991، ثم تم تعديله في عام 1994، كما صدر قانون الإجراءات الجنائية، وعُدِل في عام 1994. أما في مجال حقوق الإنسان، فقد انضمت الدولة إلى العديد من المعاهدات الدولية، فيما جرى تصحيح التشريعات المتصلة بمسألة التوقيف والاعتقال، بحيث أصبحت تتماشى مع المعايير الدولية. وسُمِح بإنشاء العديد من جمعيات حقوق الإنسان، وأنشئت وزارة لحقوق الإنسان في عام 2003.

 

ورغم أن اليمن قد حققت تقدما ملحوظا على المستوى التشريعي، إلا أن تنفيذ المبادئ المنصوص عليها في القوانين المختلفة ما زال غائبا، بالإضافة إلى أن ممارسة سوء المعاملة المرتكبة من قبل موظفي الدولة والحكام المحليين، لا يتم مقاضاة مرتكبيها أو معاقبتهم. وفي ظل هذا المناخ، غالبا ما تتعرض التظاهرات الشعبية المنظمة احتجاجا على قضايا اقتصادية أو اجتماعية، لقمع وحشي، عادة ما يسفر عن تكلفة عالية في الأرواح البشرية، بالإضافة إلى مئات الحالات من الاعتقال التعسفي.

2. غياب تنفيذ القوانين

وتُقِر السلطات اليمنية نفسها بأن التشريعات الوطنية ومبادئ القانون الدولي تتعرض أحيانا للانتهاك، غير أنها تبرر ذلك على أنه من مقتضيات المرحلة باعتبارها مجبرة عليه في إطار خوضها "'الحرب ضد الإرهاب'، وأنها تقوم بذلك لتجنيب البلد عملية عسكرية تشنها عليها الولايات المتحدة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر. " [1]

وأنشِئت محكمة جنائية خاصة لمحاكمة المتهمين في قضايا الإرهاب، بموجب مرسوم صادر في عام 1999، إلا أن العديد من المحامين اليمينيين يعتبرون أن هذه المحكمة غير دستوري، نظرا لأن وجودها لم يتم مناقشته داخل البرلمان ولم يصادق عليها.

وينتقدون تخويل المدعي العام السلطة لإحالة جميع القضايا على هذه المحكمة، ومن ثم يعتبرون أن المعايير الدولية اللازمة للمحاكمة العادلة غير متوفرة في هذه المحكمة الخاصة. كما يسجلون العديد من أوجه الخلل، منها:

 تتسم الأحكام التي تصدرها هذه المحاكم بالسرعة المفرطة، كما أن الإجراءات جد متسرعة، بحيث لا تسمح للمحامين بإعداد إجراءات الدفاع عن موكليهم على نحو فعال، وبذلك كثيرا ما ينتهك حق الدفاع.

ويشكو المحامون من عدم قدرتهم على فرصة الإطلاع على ملفات موكليهم، ومن عدم تمكينهم من زيارتهم خلال فترة الاحتجاز،  ولا يحترم حق المتهمين في الحصول على مساعدة قانونية، أما "الاعترافات" المنتزعة عن طريق التعذيب، والمسجلة في محاضر الجلسة، يتم استخدامها من قبل المحكمة كأدلة، في حين لا تجري هذه المحاكم أي تحقيقات في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، ولا في فترة الاحتجاز التحفظي المطولة، مع الإشارة أن أسر المتهمين مُنِعت من حضور جلسات الاستماع، رغم أن هذه الجلسات علنية.

 

وفي كثير من الحالات، لم يبلغ الأشخاص المقبوض عليهم، بالأمر القضائي، ونظرا لعدم وجود إجراءات قانونية، يتعذر من الناحية الإجرائية على أي محامي التقدم بتولي هذه القضايا. وغالبا ما يجهل المتهمون حتى الأسباب القانونية لاعتقالهم، وكذا مدة هذا الإجراء.

 

وقد صدقت اليمن على معظم المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعدلت تشريعاتها لجعلها مطابقة مع المعايير الدولية، غير أنه مع ذلك، تعرب لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية في 5 شباط / فبراير 2004، عن أسفها لعدم وجود تعريف شامل للتعذيب، على النحو المتضمن في الاتفاقية الدولية.

وكانت لجنة حقوق الإنسان من جهتها، قد أعربت في عام 2002 عن قلقها إزاء عدم امتثال قوات الأمن للقوانين، وخاصة "عناصر الأمن السياسي" الذين يقومون بعمليات إلقاء القبض واعتقال أي شخص يشتبه في علاقته بالإرهاب، وذلك بما يخالف الضمانات المنصوص عليها في العهد (المادة 9). "[2]

كما أشارت اللجنة إلى أن الأجانب المشتبه في تورطهم في عمليات إرهابية تم ترحيلهم دون تمكينهم من حقهم في الطعن، من خلال السبل القانونية، في الإجراءات المتخذة ضدهم. وكان رد الحكومة اليمنية على هذه الادعاءات في آخر تقريرها الوطني، مبررة هذه التدابير الصارمة بقولها أن البلد: "يدرك إدراكا تاما ضرورة تشكيل جبهة واحدة مع الحكومة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وبالتالي، يتفق الجميع على وضع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار آخر، وعلى ضرورة دعم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب. "[3]

يحظر الدستور اليمني كل عمليات إلقاء القبض التي تجري دون أمر قضائي صادر عن القاضي أو عن المدعي العام (المادة 47 ب). وتنص المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يتعين إبلاغ فورا الشخص المقبوض عليه بأسباب القبض عليه وتمكينه من الاتصال بأي شخص يريده وإتاحة له الفرصة لتوكيل محام يتولى قضيته.

 ويجب إحالة الأشخاص المقبوض عليهم أمام قاض أو مدع عام في غضون أربع وعشرين ساعة بعد إلقاء القبض عليهم (المادة 76 من نفس القانون)، وتمكينهم من حقهم في الطعن في قانونية احتجازهم. وينص قانون العقوبات على معاقبة كل موظف تثبت بحقه مسؤولية عملية إلقاء القبض بشكل تعسفي، بعقوبة سجن قصوى لمدة خمس سنوات (المادة 246).

ولا ينبغي أن تتجاوز مدة إجراءات التحقيق ستة أشهر، وعندما يكون الشخص في الحجز التحفظي، يستدعي الأمر تعجيل هذا الإجراء (المادة 129 من قانون إجراءات جنائية).

 

لكن واقع الأمر غير ذلك، إذ أن الكثير من المعارضين، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، قد تعرضوا للاعتقال والاحتجاز التعسفيين.

وكانت الكرامة قد تقدمت بشكوى إلى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي بشأن قضية السيد لؤي المؤيد، العضو في منظمة الحقوق والحريات الديمقراطية، الذي يعمل أيضا صحفيا، ومديرا تنفيذيا للموقع الإعلامي الإلكتروني 'اليمن الحر'.

 وعقب إلقاء القبض عليه في 30 حزيران/ يونيو 2008 في منزله على أيدي أفراد من مصالح الأمن السياسي بملابس مدنية، كانوا يرفقه بعض أفراد الجيش باللباس العسكري، اقتيد إلى جهة مجهولة، وظل رهن الاعتقال السري منذ ذلك الحين، ثم أفرج عنه في 12 أيلول/ سبتمبر 2008 بعد قضائه 74 يوما في الاحتجاز، دون أن تتخذ في حقه الإجراءات القانونية اللازمة أثناء اعتقاله، كما أنه أطلِق سراحه دون أن يمثل أبدا أمام أية سلطة قضائية. [4]

وتجدر الإشارة أن الاعتقال السري لفترات تتراوح بين عدة أيام إلى عدة شهور، تعد ممارسة جاري العمل بها على نطاق واسع، وهذا ينطبق على قضية السيد عادل الشهراني على سبيل المثال، الذي هو أيضا سبق أن عرضت منظمتنا قضيته على فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، وكان هذا الأخير ألقي عليه القبض من قبل أجهزة الاستخبارات (الأمن السياسي)في صنعاء منذ 15آب/ أغسطس 2007، دون إتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

وتطلب الأمر الانتظار حتى غاية 1 تشرين الأول/أكتوبر 2007 لتتمكن عائلته من زيارته للمرة الأولى في مقر مصالح الاستخبارات في صنعاء حيث كان محتجزا. ومنذ ذلك الحين لم يسمح لها بزيارته من جديد. [5] وأفرج عنه في 27 أيار/ مايو 2008 دون إجراء قانوني.

أما السيد صقر عبد القادر شويطر، فقد ألقي عليه القبض في 7 نيسان/ أبريل 2007 في مكان عمله على أيدي عناصر من مصالح الاستخبارات، الذين اقتادوه إلى مكان مجهول، ثم أطلق سراحه بعد 52 يوما من الحبس الانفرادي، دون أن يتمكن من الاتصال بمحام، أو الاستفادة من حقه في الطعن في قانونية اعتقاله. وبعد إحالة الكرامة قضيته إلى فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، أكد هذا الأخير الطابع التعسفي الذي يميز هذه الحالة من الحرمان من الحرية. [6]

 

وقد تعرض عدد من  الأشخاص الذين ألقت عليهم قوات التحالف القبض واعتقلتهم في سجون سرية تديرها الولايات المتحدة أو حلفائها، أو في معتقل غوانتانامو، لإعادة تسليمهم  إلى بلدهم اليمن، غير أنهمن  بناء على طلب من الولايات المتحدة، ظلوا رهن الاعتقال لفترات طويلة في السجن دون محاكمة .

ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بكل من وليد محمد شاهر محمد القدسي الذي تم نقله من خليج غوانتانامو إلى اليمن في نيسان / أبريل 2004، وأفرج عنه في آذار / مارس 2006 دون أن توجه له أي تهمة. أما محمد عبد الله صالح الأسد فقد ألقي عليه القبض في كانون الأول / ديسمبر 2003 في تنزانيا واحتجز سرا في أماكن مختلفة، في حين القي القبض على محمد فرج أحمد باشميلة وصلاح ناصر سالم علي ألقي في آب / أغسطس وتشرين الأول / أكتوبر 2003 في اندونيسيا، التي كانا يقيمان فيها، وتم نقلهما إلى مراكز اعتقال سرية مختلفة. وتم تسليم الأشخاص الثلاثة في أيار / مايو 2005 إلى اليمن. وحوكموا في نهاية الأمر في شباط / فبراير 2006، وأدينوا بجريمة تزوير الوثائق وأفرج عنهم في الشهر التالي. [7]

 

إن القانون اليمني يحظر ممارسة التعذيب وكل محاولة لانتزاع الاعترافات بالقوة أثناء عمليات التحقيق. و"تعاقب نصوصه التشريعية بشدة كل من يرتكب أو يأمر بارتكاب عمل من أعمال التعذيب أو يكون متورطا فيها، كما تصنف هذه التشريعات ممارسات التعذيب، سواء الجسدية منها أو النفسية عند القبض أو الاحتجاز، ضمن الجرائم التي لا تسقط بالتقادم. "[8].

 

وكانت لجنة مناهضة التعذيب قد أعربت في ملاحظاتها الختامية في 5 شباط/ فبراير 2004 عن شديد أسفها لممارسة التعذيب من قبل عناصر رجال الأمن، ولعدم إجراء السلطات القضائية تحقيقات في هذه الادعاءات ومحاكمة مرتكبيها. [9] علما أن السلطات اليمنية لا تنكر وقوع حالت التعذيب، لكنها تؤكد في المقابل كفالتها حق الضحايا في تقديم شكاواهم ومعاقبة المتورطين في تلك الممارسات، غير أن الواقع يناقض هذه التأكيدات، بحيث كثيرا ما يتعرض الأشخاص عندما يلقى عليهم القبض ويعتقلون من قبل الأمن السياسي، لأعمال التعذيب وسوء المعاملة، وتجدر الإشارة في هذا الباب، أن ظروف الاحتجاز السري لوحدها ترقى إلى مستوى المعاملات اللاإنسانية و المهينة.

 

وتفيد شهادات الضحايا بتعرضهم للضرب المبرح، معصوبي العينين، مقيدي اليدين على نحو بالغ الإحكام ولفترات طويلة، مع حرمانهم من الغذاء والماء، فضلا عما يواجهونه من التهديدات بالقتل وغير ذلك.

 

ومن الأمثلة على ذلك،  قضية السيد عبد الله الريمي الذي القي عليه القبض من قبل أجهزة الاستخبارات، في 3 نيسان/ أبريل 2008 ثم اعتقلته دون إتباع الإجراءات القانونية الواجبة. وبينما كانت أسرته تتوقع أن يطلق سراحه فورا بعد أن تبين لاحقا أن الأمر لا يعدو كونه خطأ ارتكبته أجهزة الأمن عند عملية إلقاء القبض، بسبب تشابه الأسماء، باعتراف هذه الجهة نفسها فيما بعد بذلك الخطأ، وعلى الرغم من المساعي الحثيثة المبذولة بهذا الشأن ومختلف التدخلات، لاسيما من قبل رئيس ونائب رئيس مجلس النواب، لم يتم الإفراج عن السيد الرلايمي. وتمكنت أسرته في الأخير من رؤيته بعد مرور عدة أشهر، وجرى ذلك بحضور أفراد من مصالح أمن الدولة،  وفي ضوء ذلك تشعر الأسرة بالقلق الشديد على مصيره خاصة وأنه كانت بادية عليه بشكل جلي، علامات التعذيب. [10]

وفي 20 أيلول/ سبتمبر 2007، عرضت الكرامة على فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي حالات 37 شخصا، بمن فيهم القصر، يعود تاريخ إلقاء القبض عليهم، بالنسبة للبعض منهم، إلى شهر كانون الثاني / يناير 2007، في أعقاب الأحداث التي هزت منطقة صعدة، أو  يتصل بتلك الأحداث.

وقد لقي خلال تلك  الأحداث، العشرات من الأشخاص مصرعهم في اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن وعناصر من الطائفة الزيدية، من أنصار حسين الحوثي. وقد تعرض جميع هؤلاء الأشخاص للاعتقال السري في عدة أماكن متتالية، وتعرضوا لاستجواب من قبل الأمن السياسي، دام أحيانا عدة أسابيع دون أي إمكانية للاتصال بالعالم الخارجي، ودون زيارات عائلية، ومن دون أية فرصة لتوكيل محام للدفاع.

 وأفاد معظم المعنيين بأنهم قضوا الأيام الأولى من الاعتقال في ظروف بالغة القسوة، معصوبي العينين ومقيدي اليدين، كما أكد بعضهم تعرضهم للضرب وإجبارهم على التوقيع على تصريحات لم يسمح لهم بقراءتها.

ورغم أن اليمن طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب منذ 05 تشرين الأول/ أكتوبر 1991، إلا أنه أجرى عمليات طرد طالت عدد من غير المواطنين إلى بلدان، ثمة ما يدعو للاعتقاد باحتمال جدي لتعرضهم للتعذيب و / أو لمعاملات لاإنسانية ومهينة.

وهكذا، في شباط / فبراير 2004، ما لا يقل عن 23 من المواطنين المصريين، بمن فيهم سيد عبد العزيز إمام الشريف، ومحمد عبد العزيز الجمل، وعثمان السمان، وطارق نعيم عبد الجواد، وحلمي شعبان وفوزي محمد عطا، ممن حُكِم عليهم بالإعدام غيابيا في بلدهم، تم تسليمهم من قبل اليمن إلى مصالح المخابرات المصرية.

 

وفي 17 تموز/ يوليو 2007، فرّ تسعة أشخاص، ثمانية عسكريين ومدني واحد، وهم فرج عثمان محمد، ومحمد عبدوه لحادا، وجبريت دوييت هايلي ماكلي، وجمال محمد الأمين، وسراج احمد داود، وياسين عثمان عمار، وعبد الله إبراهيم محمود، وبرخاة يوهانس أبرهة، ومحمد أحمد عبد الله، وكلهم من جنسية إريترية، من بلادهم إريتريا، على متن سفينة عسكرية رست في ميناء ميدي في شمال اليمن، حيث سلموا أنفسهم إلى السلطات المحلية، غير أن هذه السلطات احتجزتهم بإحدى مركز الاعتقال إلى حين ترحيلهم إلى بلدهم.

ورغم أن اليمن قد صدقت على اتفاقية عام 1951 للأمم المتحدة المتعلقة بوضع اللاجئين المؤرخة في 18 كانون الثاني/ يناير 1980، لم تتح سلطات هذا البلد الفرصة أمام الأشخاص التسعة لتقديم طلب الحصول على اللجوء أو إمكانية الطعن في شرعية القرار الصادر بترحيلهم.

وتم ترحيلهم في نهاية المطاف إلى بلادهم في شهر أيلول / سبتمبر التالي، وظلت منظمتنا دون أية أنباء عنهم منذ ذلك التاريخ.

وعمليات الإعدام بإجراءات موجزة

منذ عام 2000، جهر حزب الحق، الذي أسسه النائب السابق حسين الحوثي،  ذو الجذور العميقة وسط الطائفة الزيدية في منطقة صعدة في الشمال، بمعارضة شديدة للسلطة المركزية.

 

ولدى عودته من الولايات المتحدة في حزيران / يونيو 2004، عزز الرئيس الصالح محاربته لهذه الحركة، مما أسفر عن قتل حسين الحوثي في أيلول / سبتمبر من ذلك العام.

 

وعلى الرغم من مختلف اتفاقات السلام المبرمة بين الطرفين، لا تزال المواجهات مستمرة بين قوات الأمن والمتمردين. وفي محاولتها إضفاء الشرعية على تدخلاتها العسكرية، تقوم الحكومة بتصوير هذه الحركة باعتبارها جماعة "إرهابية".

وقام الجيش بشن هجمات جديدة في كانون الثاني / يناير 2007 وفي الفترة ما بين نيسان / ابريل إلى آب / أغسطس 2008،  حشد خلالها وسائل غير مسبوقة، واسعة النطاق شملت: عمليات قصف بالمدفعية الثقيلة والغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص وتشريد سكان قرى بأكملها، فضلا عن إلقاء القبض على الآلاف من الأشخاص، وجرى ذلك كله دون أن يعلم الرأي العام الوطني والدولي بحجم تلك الأحداث.

 

وفي إطار الاضطلاع بعملها، سجلت اللجنة التي عينتها الحكومة،  أن حوالي 4000 من المنازل والمزارع، و 116 مدرسة و 36 مركزا صحيا تعرضوا للتدمير[11]، غير أن هذه اللجنة لم تقدم أي رقم فيما يتعلق بالخسائر البشرية بين المدنيين.

وفي أعقاب ذلك، تم إبرام اتفاق سلام جديد بين مختلف الأطراف في آب / أغسطس 2008، مع الإشارة أنه كل من يحاول من الصحفيين تغطية وقائع هذه الحرب الخفية يتعرض للمحاكمة، على غرار ما جرى مع عبد الكريم الخيويني، الذي ألقي عليه القبض في 27 آب/ أغسطس 2007 وحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات في 9 حزيران/ يونيو 2008 لاتهامه بأنشطة إرهابية، ثم عفا عنه الرئيس في 25 أيلول / سبتمبر التالي

وتؤكد الكرامة أيضا على الاستخدام المفرط للقوة من قبل موظفي الدولة أثناء التدخل العسكري لقمع المظاهرات المنظمة احتجاجا على تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وأسفرت عمليات القمع التي شنتها هذه القوات على المشاركين في تجمعات تموز/ يوليو 2005  عما  لا يقل عن 50 قتيلا. وكان المتظاهرون يحتجون على ارتفاع أسعار الوقود الذي قررته الحكومة بناء على أمر من صندوق النقد الدولي.

وفي أيار / مايو 2007، تظاهر أفراد من قدامى المحاربين في الجيش السابق في جنوب اليمن بسبب وضعهم الاجتماعي المزري منذ أن تم تسريح نحو ستين ألف منهم، وهم يطالبون بزيادة في المعاشات التقاعدية أو منحهم مناصب شغل،  فتدخل الجيش لتفريق هذه المظاهرات مما أسفر عن وفاة عدد كبير من المتظاهرين، وتلت ذلك موجة من الاعتقالات. وفي آب / أغسطس 2007، جاب آلاف الأشخاص الشوارع للاحتجاج على ارتفاع أسعار البنزين، وهنا أيضا تدخل أفراد الجيش بقوة.

وفي جميع هذه الحالات، لم تجر السلطات اليمنية التحقيقات الواجبة من أجل تحديد المسؤولية، ولم تتخذ الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن هذه الأعمال.

 

6. توصيات

يناء على ما سلف ذكره، على الدولة القيام بما يلي:

  • حظر ممارسة الاحتجاز المطول بدون محاكمة والاعتقال السري، وذلك من خلال إقامة نظام مراقبة يشمل جميع أماكن الاحتجاز في البلاد، على أن يتولى هذه المهمة مجلس رقابة على مستوى التمثيل الوطني، ويكون هذا المجلس خاضعا، على وجه الخصوص، لإشراف وسلطة المؤسسة القضائية فقط؛
  • ضمان بشكل فعلي، لكل شخص محتجز حق الاستئناف القضائي للطعن في قانونية اعتقاله أمام محكمة مستقلة وكفالة حق كل متهم في الحصول على مساعدة محام في جميع مراحل الإجراءات الجنائية؛
  • الامتناع عن استخدام القوة المفرطة وغير المتناسبة لقمع المظاهرات العامة، ومتابعة قضائيا المسؤولين عن حالات الإعدام بإجراءات موجزة؛
  • ضمان انسجام تركيبة السلطة القضائية انسجاما تاما مع المبادئ الأساسية ذات الصلة باستقلال السلطة القضائية وخاصة من خلال تكريس مبدأ الأمن الوظيفي للقضاة.

وعلى الصعيد المعياري:
• النظر في مسألة التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك من أجل التوصل إلى تنفيذ عملية تفتيش أمكان الاعتقال من قبل هيئة تقوم بالزيارات إلى هذه الأماكن، تكون خاضعة للأمم المتحدة.


 


[1] منظمة العفو الدولية، اليمن. سيادة القانون تتراجع إلى مراتب متأخرة، بحجة أولوية الأمن (رقم الوثيقة:

MDE 31/006/2003

 

 [2] لجنة حقوق الإنسان، الملاحظات الختامية، اليمن، 12 آب/ أغسطس 2002

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CCPR.CO.75.YEM.Fr?Opendocument

 [3] التقرير الدوري الرابع، 3 كانون الأول/ ديسمبر 2004

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CCPR.C.YEM.2004.4.Fr?Opendocument

http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3439:----&catid=164:2009-03-08-12-08-04&Itemid=140 [4

http://fr.alkarama.org/index.php?option=com_content&task=view&id=289&Itemid=1 [5

http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3447:-----&catid=164:2009-03-08-12-08-04&Itemid=140 [10

[7] "في أيلول / سبتمبر 2005، أبلغت السلطات اليمنية منظمة العفو الدولية أن سفارة الولايات المتحدة في صنعاء قد أعطت تعليمات واضحة بعدم إطلاق سراح الأسرى الثلاثة. وأضافت هذه السلطات بأنها تنتظر من الولايات المتحدة بأن تمدها بـ"ملفات" قبل محاكمة الأشخاص الثلاثة، غير أن عضوا بارزا في جهاز الأمن السياسي في اليمن، صرح لمنظمة العفو الدولية بأن المعتقلين الثلاثة سيفرج عنهم إذا طلبت حكومة الولايات المتحدة بذلك."

http://asiapacific.amnesty.org/pages/yem-071105-action-fra

 [8] التقرير الدوري المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب، 25 تموز/ يوليو 2003

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CAT.C.16.Add.10.Fr?Opendocument

 [9] لجنة حقوق الإنسان، الملاحظات الختامية، المرجع السابق.

[10] http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3437:----g&catid=164:2009-03-08-12-08-04&Itemid=140

[11] http://en.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-476/_nr-1023/i.html

 


آخر تعديل على الثلاثاء, 02 حزيران/يونيو 2009 15:40

اليمن - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 9 فبراير 1987

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: لا
التقرير الحكومي مرتقب في 30 مارس 2015 (التقرير السادس)
الملاحظات الختامية: 23 أبريل 2012

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 5 نوفمبر 1991
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ 14 مايو 2014: 20 يونيو 2008 (التقرير الثالث)
الملاحظات الختامية: 17 ديسمبر 2009

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض السابق: يناير 2014 (الدورة الثانية)
الاستعراض القادم: لا

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

لا