10 آذار/مارس 2011

اليمن: قمعٌ متصاعدٌ والنظام يموّل "البلطجة

تواصل السلطات اليمنية، بشكل مفزع، قمع الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، المطالبة بتنحي الرئيس علي صالح عن الحكم، في وقت شهدت الأيام الماضية هجمات دموية نفذتها قوات الأمن أو أنصار الرئيس صالح، ضد المتظاهرين السلميين في العديد من محافظات البلاد، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
ib_victim
أحد الضحايا في إب

مساء الثلاثاء 8 مارس/ آذار 2011، كان الأكثر دموية، عندما أطلقت قوات الأمن المركزي وشرطة النجدة ووحدات من الحرس الجمهوري وابلاً من الرصاص الحي والقنابل الغازية السامة والمسيلة للدموع على المعتصمين العزّل بساحة التغيير أمام مقر جامعة صنعاء، ما أدى إلى مقتل أحد المتظاهرين، على الأقل، وإصابة أكثر من 113 آخرين بجروح بينهم 18 شخصاً وصفت حالتهم بالخطيرة، بالإضافة إلى إصابة آخرين باختناقات حادة ومضاعفات صحية خطيرة، بسبب استخدام القوات الحكومية لقنابل غازية سامة، وفقاً لمصادر طبية.

وأكد شهود لمندوب الكرامة في اليمن بأنه حتى طواقم الإسعاف الطبي التي هرعت لإنقاذ الجرحى كان لها نصيب من هذا الهجوم الوحشي، الذي استخدمت فيه قوات الأمن أيضاً العصي الكهربائية والرصاص المطاطي، كما أنه جاء بعد ساعات فقط من تهديدات أطلقها النظام اليمني ضد مراسلي القنوات الفضائية العاملة في اليمن.

وأوردت السلطات اليمنية معلومات متضاربة جداً بشأن حقيقة ما جرى، وذهبت إلى توزيع الاتهامات هنا وهناك، ووعدت بالتحقيق في ملابسات هذه الجريمة، غير أن مصداقية السلطة وشرعيتها تتلاشى يوماً إثر يوم، سيما وأن ثمة قرائن تشير إلى أن هذا الاعتداء ليس استثناءً، بل يأتي في سياق سلوك قمعي ممنهج لا يزال يمارسه نظام صالح بشكل فاضح ضد المتظاهرين السلميين.

فضلاً عن ذلك، فقد وقع الهجوم على المتظاهرين بساحة التغيير بصنعاء، بعد ساعات من انتشار أمني كبير شهدته العاصمة اليمنية، حيث كانت أطقم عسكرية ومدرعات تابعة لقوات الأمن المركزي اتخذت مواقعها في معظم الشوارع والتقاطعات الرئيسية بالعاصمة، كما شوهدت أرتال من قوات الحرس الجمهوري، التي يقودها نجل الرئيس صالح، وهي تخرج من ثكناتها وتجوب شوارع المدينة.

ودفع نظام الرئيس صالح، غداة الهجوم، بتعزيزات أمنية وعسكرية كثيفة من قوات الحرس الجمهوري، وقوات الأمن المركزي، التي يقودها ابن الأخ الشقيق للرئيس صالح، إلى محيط اعتصام ساحة التغيير، فيما وضع الامن حواجز اسمنتية على مداخل الساحة ومنع دخول الاحتياجات الضرورية للمعتصمين هناك.

وقالت مصادر في المعارضة اليمنية إن الهجوم كان مخططاً له سلفاً، ويهدف إلى إثارة حالة من الرعب والفوضى في أوساط المعتصمين الذين تتزايد أعدادهم بشكل لافت، حتى تقوم القوات المدرعة بالدخول إلى ساحة الاعتصام والسيطرة على المنصة التي تعد مركز القيادة.

وكشفت اللجنة الطبية الطوعية بساحة التغيير عن استخدام القوات الحكومية قنابل غازية إسرائيلية الصنع تتسبب في نزيف في الدماغ والتشنجات والاختناق، وقالت مصادر طبية انه تم إرسال بعض الحالات إلى مستشفى خاص وأجريت لها أشعة مقطعية أظهرت وجود احتقان في الدماغ، الأمر الذي يدل على أنها غازات أعصاب تؤثر على الجهاز العصبي.

ووجهت منظمة "هود" نداءات عاجلة للعديد من الجهات المحلية والمنظمات الدولية تطلب منها المساعدة في الحصول على علاج لحالات المصابين بهذا الغاز، الذي قالت إنه أدى إلى ظهور أعراض أخرى للمصابين، منها سلس البول وارتخاء الأطراف وانخفاض ضربات القلب وضعف النظر وحالات تشنج وفقدان للوعي.

وتوالت ردود الفعل إزاء هذا القمع الوحشي ضد المدنيين اليمنيين، وأعلنت منظمات محلية ودولية إدانتها للمجازر التي يرتكبها النظام بحق مواطنيه، وعبرت عن عميق قلقها لتوسع السلطات الأمنية اليمنية في استخدام العنف المفرط بحق المتظاهرين العُزل، كما عبرت عن قلقها من نشر قوات مدرعة ودبابات في ضواحي العديد من مدن وسط البلاد، باعتبار أنها "جريمة إرهاب دولة" تستهدف ترويع السكان لمنعهم من ممارسة حقهم في التظاهر السلمي، وتهديداً سافراً لحريتهم وسلامتهم.

وامتدت مساحة الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام صالح إلى داخل السجن المركزي بالعاصمة صنعاء، والذي يشهد منذ 7 مارس/آذار تمرداً غير مسبوق، هتف خلاله السجناء ضد نظام الرئيس صالح، مطالبين تطالب بإسقاطه، وتدخلت قوات مكافحة الشغب، فيما أفادت مصادر صحافية وحقوقية بأن انتفاضة السجناء، أودت بحياة 3 سجناء برصاص قوات مكافحة الشغب، التي استخدمت أيضا القنابل المسيلة للدموع، وأصابت عشرات السجناء بجروح مختلفة.
وفي خلال الأسبوع الماضي، شهدت العديد من المدن اليمنية أعمال قمع مارستها السلطات الأمنية وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، ضد المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس صالح، ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.

ففي مدينة ذمار جنوبي العاصمة صنعاء، هاجم أنصار الحزب الحاكم متظاهرين معارضين قرروا الاعتصام بساحة التغيير وسط المدينة، مستخدمين الرصاص الحي والعصي والحجارة، ما أسفر عن إصابة 5 معتصمين بإصابات مختلفة.

وفي يوم 6مارس/آذار 2011، شنّ أنصار الرئيس صالح هجوماً دموياً بالحجارة والأسلحة البيضاء والهرواوات والرصاص الحي على المعتصمين المطالبين برحيل الرئيس صالح، في منطقة خليج "سِرْت أوالحرية"، بمحافظة إب وسط البلاد، ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل، وجرح أكثر من 56 آخرين.
وفي تأريخ 3مارس/آذار2011، قام مسلحون من أنصار الرئيس صالح، على متن سيارة حكومية، بإطلاق النار مباشرة على أجساد المتظاهرين سلمياً في محافظة البيضاء، بينما كان المتظاهرون يتجهون الى ساحة ابناء الثوار، وسط المدينة، ما أدى إلى إصابة 5 أشخاص، بينهم طفل.

وفي كل الحالات السابقة، أظهرت مقاطع فيديو موثقة عمليات القمع والقتل المتعمد والاعتداءات الهمجية، سواءً التي تقوم بها قوات الأمن اليمنية أو أنصار الرئيس صالح، ضد المتظاهرين العزل، الذين تتعالى أصواتهم بالهتافات السلمية.

وأفاد أحد أفراد الطواقم الطبية بساحة التغيير في صنعاء، ساعد في نقل المصابين في هجوم الثلاثاء 8مارس/آذار، أفاد بأنه شاهد أحد الجنود وهو يتخذ وضعاً قتالياً أثناء الهجوم، موجهاً سلاحه صوب المعتصمين، الذين كانوا يكشفون عن صدورهم العارية، فيطلق عليهم النار مباشرة.

وتكشف وثيقة، حصلت الكرامة على نسختها، أن النظام الحاكم في اليمن يستغل إمكانيات الدولة لتمويل أعمال القمع، وتتضمن هذه الوثيقة توجيهات من محافظ تعز السيد حمود خالد الصوفي بتأريخ 20 فبراير2011، لتوظيف 17 شخصاً من أنصار الرئيس علي عبدالله صالح، بناء على طلب من عاقل حارة، غير مخول قانوناً بهذا الطلب.

وتبين الوثيقة أن توجيهات المحافظ الصوفي، الذي يتهم بأنه وراء الاعتداءات على المحتجين في تعز، جاءت بعد يومين من هجوم دامٍ على المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس صالح، والوثيقة عبارة عن طلب تقدم به عاقل حارة (وظيفة عرفية) يطلب فيه توظيف 17 شخصاً في الجهاز الحكومي للدولة، قال إنهم "من الناس الجيدين ولهم مواقف مع الوطن في كل الأوقات، وفي هذه الأيام تفاعلهم كبير جداً"، في إشارة إلى دورهم، على ما يبدو، في مهاجمة المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس صالح، او على الأقل في مناصرة النظام القائم.

وعلاوة على ذلك، حصلت الكرامة على معلومات تشير إلى أن الرئيس صالح وبعض مقربيه، اعتمدوا في قمع الاحتجاجات السلمية على تمويل أشخاص محسوبين على الحزب الحاكم، بعضهم عُقّال حارات وعسكريون، تم الاتفاق معهم للقيام بهجمات منسّقة ضد المعتصمين المطالبين برحيل صالح، مقابل حصولهم على درجات وظيفية في الجهاز الإداري للدولة، أو مبالغ مالية تصرف من الخزينة العامة للدولة.

إن عمليات القمع التي شهدها اليمن ضد الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك، بأنها عمليات قمع ممنهجة، على شكل هجمات يقوم بها أنصار الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه (المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن) ضد المحتجين، ناهيك عن أسلوب القمع الذي يمارسه أفراد الأمن، وبالذات قوات الأمن المركزي، والأمن العام، وقوات مكافحة الشغب، وكذا قوات الحرس الجمهوري، التي يديرها العقيد أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس اليمني.

اليمن - آليات حقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)

المصادقة: 9 فبراير 1987

البروتوكول الاختياري الأول (OPCCPR1) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد

المصادقة: لا
التقرير الحكومي مرتقب في 30 مارس 2015 (التقرير السادس)
الملاحظات الختامية: 23 أبريل 2012

اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)

المصادقة: 5 نوفمبر 1991
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT): لا
المادة 20 (تحقيق سرى): نعم
المادة 22 (شكاوى فردية): لا
التقرير الحكومي مرتقب منذ 14 مايو 2014: 20 يونيو 2008 (التقرير الثالث)
الملاحظات الختامية: 17 ديسمبر 2009

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (CED)

التوقيع: لا

المراجعة الدورية الشاملة (UPR)

الاستعراض السابق: يناير 2014 (الدورة الثانية)
الاستعراض القادم: لا

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)

لا