30 تشرين2/نوفمبر 2010

لبنان: قرار الحكومة يغطي على انتهاكات الحرية الشخصية للاجانب واللاجئين

ارسلت مجموعة من المجتمع المدني (جمعية روّاد فرونتيرز، منظمة الكرامة، الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب، مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب والمحامي الاستاذ نزار صاغية) رسالة مفتوحة الى السلطات اللبنانية، متمثلة برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس الوزارء السيد سعد الدين الحريري، ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ووير الداخلية الاستاذ زياد بارود، ووزير العدل الدكتور ابراهيم نجار، والنائب العام التمييزي الرئيس سعيد ميرزا ورئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس غالب غانم، للمطالبة بوضع حد لممارسات الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري للّاجئين ورفع الغطاء السياسي عنها.

وقد أثارت الرسالة مسألة استمرار الاحتجاز التعسفي للاجانب واللاجئين والترحيل القسري للأخيرين من قبل الاجهزة التنفيذية، بغطاء سياسي من قرار مجلس الوزراء الذي تبنى تقرير اللجنة الوزارية لدراسة ترحيل الاجانب لموقوفين بعد انتهاء محكومياتهم، في شهر أيلول الفائت، حيث جاء التقرير قاصرا عن توفير ادنى شروط الحماية للاجانب، لا سيما انه لم يتطرق الى موضوع الاحتجاز التعسفي الذي انشئت اللجنة من اجله ولم يضع تصورا للحد منه، ولم يضع اي ضمانات قضائية ضد الترحيل القسري، مضاف اليها تقاعس الادارة عن تنفيذ الاحكام القضائية المبرمة القاضية باطلاق السراح الفوري للاجئين محتجزين تعسفيا او بمنع ترحيلهم، تضع حقوق اللاجئين واهمها حقهم بالحرية الشخصية وبعدم الابعاد القسري في خطر.

اتت هذه الرسالة تبعا لترحيل اللاجئ العراقي علاء الصياد قسرا الى العراق في العاشر من الشهر الجاري، بالرغم من حصوله على حكمين قضائيين باطلاق سراحه الفوري وحكمين بعدم جواز ترحيله .

وطالبت الرسالة السلطات اللبنانية المختلفة بتحمل مسؤوليتها في العمل لوضع حد للانتهاك الصارخ لحقوق الانسان الذي ترتكبه الادارة باحتجاز الاجانب واللاجئين تعسفيا بعد انتهاء محكومياتهم، ولمخالفة التزامات لبنان الدولية بابعاد اللاجئين قسرا الى بلدانهم، وبشكل خاص لوقف التعدي على سلطة القضاء وهيبته. كما دعت الى محاسبة كل المسؤولين عن هذه الانتهاكات بغض النظر عن رتبهم وصفاتهم، بحيث يبرهن لبنان انه دولة قانون بالفعل لا بالقول فقط.

المرفقات:
الرسالة المفتوحة "المطالبة بوضع حد لممارسات الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري للّاجئين
ورفع الغطاء السياسي عنها"

للاتصال
جمعية روّاد فرونتيرز- هاتف 01383556


رسالة مفتوحة
الى

رئيس الجمهورية اللبنانية
العماد ميشال سليمان المحترم

رئيس مجلس النواب اللبناني
الاستاذ نبيه بري المحترم

رئيس مجلس الوزراء
السيد سعد الدين الحريري المحترم

وزير الداخلية و البلديات
الاستاذ زياد بارود المحترم

وزير العدل
الدكتور ابراهيم نجار المحترم

رئيس مجلس القضاء الاعلى
الرئيس غالب غانم المحترم

النائب العام التمييزي
الرئيس سعيد ميرزا المحترم

الموضوع: المطالبة بوضع حد لممارسات الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري للّاجئين
ورفع الغطاء السياسي عنها

بيروت، في 29 تشرين الثاني 2010

حضرات السادة المحترمين،

بقلق شديد نكتب اليكم على ضوء عملية الترحيل القسري التي قام بها الامن العام اللبناني الاسبوع الماضي، تحت غطاء قرار مجلس الوزراء رقم 34 تاريخ 7/9/2010، بحق لاجئ عراقي معترف به من قبل مفوضية شؤون اللاجئين، بعد مضي حوالي سنتين على احتجازه التعسفي المطول بعد انقضاء محكوميته بفعل الدخول خلسة وبالرغم من حكمين قضائيين باطلاق سراحه وحكمين بعدم جواز ترحيله، في تعد واضح على سلطة القضاء وقراراته.

ففي 10 تشرين الثاني الجاري، عمدت المديرية العامة للامن العام اللبناني الى ترحيل اللاجئ العراقي علاء الصياد قسرا من لبنان، بعد عدة محاولات للتصدي لهذا الترحيل، حيث تم نقله الى المطار بعد ايهامه انه لن يرحّل ونصحه من قبل عناصر الامن العام بان يعترض على تسفيره لقبطان الطائرة. لكن يبدو ان هؤلاء العناصر، وقبل ان يتمكن من انجاز ذلك، انهالوا عليه بالضرب حتى اغمي عليه واستفاق ليجد نفسه داخل الطائرة.

اوقف السيد علاء الصياد وحوكم لاول مرة في لبنان بتاريخ 13/6/2007 بسبب الدخول خلسة ولم يطلق سراحه إلا في 17/4/2008 بناء على تسوية بين مفوضية شؤون اللاجئين والامن العام بعد مضي اكثر من ثمانية اشهر على انقضاء محكوميته. في 21/10/ 2008 اوقف السيد علاء الصياد مجددا وحوكم للفعل عينه في مخالفة واضحة للمبادئ القانونية العامة ولنص المادة 182 من قانون العقوبات اللبناني. بقي السيد الصياد قيد الاحتجاز المطول دون اي اساس قانوني الى حين ترحيله القسري الى العراق. وبعد ان انهى تنفيذ عقوبته في 6/12/2008 احيل الى المديرية العامة للامن العام بتاريخ 22/1/2010. وقد توكل الاستاذ نزار صاغيه عنه في 8-3-2010 بدعوى للمطالبة باطلاق سراحه أمام قاضي الأمور المستعجلة عملا بنظرية التعدي، استنادا الى احكام ألزمت الدولة بالافراج عن لاجئين في أوضاع مماثلة بعدما تثبت من واقعة الاحتجاز التعسفي. وقد حاول الامن العام اللبناني ردا على هذه الدعوى وتنصلا من تهمة الاحتجاز التعسفي، انتزاع موافقة الصياد على العودة الطوعية، لكنه رفض، فتمت احالته مجددا في 31/3/2010 الى النيابة العامة بجرم مخالفة قرارابعاد، في محاولة للحصول على سند يبرر استمرار توقيفه.

لكن القاضي أصدر بخلاف ذلك قرارا باخلاء سبيله بتاريخ 14/4/2010 تم تبليغه الى آمر السجن والى المديرية العامة للامن العام. وفي 17/5/2010 أصدر القاضي قرارا بكف التعقبات بحقه بجرم مخالفة الابعاد طالما أن قرار الابعاد هو أصلا باطل وغير قانوني، ف" المبررات التي إستتبعت إعطاء المدعى عليه صفة اللجوء بموجب كتاب مكتب الامم المتحدة للاجئين تتماهى لا بل تؤكد على التعليل الذي استند عليه المدعى عليه في إبداء عدم رغبته بالعودة الى بلاده، وهو تعليل يشتمل في طياته على عنصر الخطر المحدق بحياة هذا الأخير في حال إنفاذ إعادته الى بلاده وهو الخطر نفسه الذي برر إعطاءه صفة اللجوء فضلا عن ان هذا الخطر قد أصبح من المعطيات العامة المعروفة من قبل الجميع والتي يمكن لهذه المحكمة أن تستند إليها دون حصرها بالمعلومات الشخصية للقاضي، وهي تتلخص بتعرض العراقي .... للخطر من قبل مجموعات معينة في العراق في حال عودته الى هذا البلد...". وبعد تثبت الحكم من واقعة الاحتجاز التعسفي التي تشكل مخالفة صارخة للمبادئ التي يقوم عليها القانون الجزائي، أمر بالافراج عنه. وقد بات هذا الحكم مبرما بعدما احجمت النيابة العامة عن استئنافه. فضلا عن ذلك، أصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت الناظر في دعوى الاحتجاز التعسفي بتاريخ 15/5/2010 قرارا بمنع ترحيل السيد الصياد من لبنان الى حين انتهاء البت بالقضية، ابلغ بدوره من الامن العام الذي لم يقدم أي اعتراض عليه انما اكتفى بالقول بأنه لم يعد له أي علاقة باحتجاز السيد الصياد في محاولة للتنصل من المسؤولية.

ولم تنفذ الجهة التنفيذية المعنية ايا من قرارات القضاء سواء تلك المتعلقة باطلاق سراحه او بمنع ترحيله، بل على العكس استمرت في احتجازه تعسفا وانتهت الى ترحيله، بموجب قرار عن مدير عام الامن العام، وذلك، على حد قول المديرية، تحت غطاء قرار مجلس الوزراء رقم 34 الصادر بتاريخ 7/9/2010 الذي تبنى تقرير اللجنة الوزارية المكلفة دراسة ترحيل الاجانب الموقوفين بجرائم مختلفة بعد انقضاء محكومياتهم وتطبيقا لاحكام مذكرة التفاهم التي تعطي للاجئ مهلة سنة كحد اقصى للبقاء في لبنان على ان يتم ايجاد وطن بديل له خلالها والا اصبح بتصرف الامن العام، وتماشيا مع مبدأ السيادة للدولة اللبنانية.

ان اكثر ما يثير القلق في حالة السيد الصياد، والتي نخشى ان تتكرر في حالات باقي اللاجئين المحتجزين تعسفيا اليوم وبعضهم حائز على أحكام صريحة بوجوب الافراج عنهم على خلفية الاحتجاز التعسفي من دون أن تنفذ هذه الأحكام، ان الامن العام اللبناني، وهو جهاز تنفيذي يقع تحت سلطة وزارة الداخلية، بات يتمتع بموجب قرار اللجنة الوزارية المذكور بسلطة تقرير ترحيل اجانب ولاجئين على وجه الخصوص، دون اي قرار قضائي وبتخطي احكام القانون التي تعطيه هذه الصلاحية حصريا في حال تهديد الاجنبي المعني للامن القومي والسلامة العامة. وما يثير قلقنا ان تطبيق هذا القرار السياسي على الثغرات التي يحملها وتعديه للقضاء والقانون، قد يودي بالعشرات من اللاجئين الى التعرض للخطر من جديد (كالتعذيب اوالموت) في بلدان فروا منها بسبب اضطهاد او عنف معمم، كما كانت حال علاء الصياد وهو لاجئ معترف به على خلفية خوف مبرر من الاضطهاد.

وكانت جمعية رواد فرونتيرز قد اعربت عن تخوفها من ان قرار اللجنة الوزارية جاء خاليا من اي ضمانات قضائية ضد الترحيل وأنه تخطى احكام القانون وشروطه واحكام الالتزامات الدولية للبنان، مما قد يضع عشرات اللاجئين تحت رحمة قرارات ادارية بالابعاد بغض النظر عن توفر شروط هذا الابعاد القانونية. كما ان هذا التقرير لم يتطرق الى مشكلة الاحتجاز التعسفي المطول او يضع تصورا لحدها، ولم يشر الى وجوب احترام احكام القضاء، بل أعطى ما يشبه فترة سماح للأشخاص الذين تعترف مفوضية الأمم المتحدة بأنهم لاجئون لايجاد وطن بديل خلال سنة كحد أقصى، من دون أي اشارة الى مصيرهم في حال فشل المفوضية من ايجاد وطن بديل لهم خلال هذه الفترة.

ونعرب عن تخوفنا من ان ايا من اجهزة الدولة اللبنانية لم تتحمل مسؤوليتها ازاء معالجة مسألة بهذه الخطورة تمس بأقدس الحقوق التي كرسها الدستور. فمجلس النواب يبدو غائبا عن وضع قوانين تحمي هذه الحرية او التحقيق في ممارسة الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري، في وقت تتحدى الادارة القرارات القضائية وتحجم عن تنفيذها ، ومجلس الوزراء وضع هذه القضية في يدي لجنة وزارية خرجت بسياسة قاصرة عن توفير ادنى معايير الحماية لاشخاص قصدوا لبنان بحثا عن الامان واضعة اياهم وحرياتهم باسم السيادة والامن بتصرف جهاز تنفيذي امني. وامام هذا الواقع، يبقى اللاجئون هم الضحية وعرضة للاحتجاز التعسفي وللترحيل قسرا الى بلدانهم، وهذه حال 34 لاجئا وطالب لجوء محتجزين تعسفيا اليوم، وكذلك حال 40 لاجئا وطالب لجوء على الاقل تم ترحيلهم منذ بداية العام 2010.

كما يقلقنا ان السلطات اللبنانية التي كلفت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين لمنح طالبي اللجوء الحماية الدولية المؤقتة، لا تعترف لصفة اللجوء التي تعطيها هذه المفوضية بأية مفاعيل قانونية وتقوم باحتجاز حامليها وترحيلهم قسرا. الامر الذي يترك المفوضية غالبا مكبلة الايدي امام ترحيل اشخاص هم موضع اهتمامها.

من هنا ندعو السلطات اللبنانية للقيام بما يبرهن ان لبنان هو بالفعل لا بالقول فقط دولة قانون وليس دولة امن فحسب، عن طريق وضع حد لانتهاك صارخ لحقوق الانسان وصفه القضاء اللبناني على انه مجرد من اي مشروعية ومخالفة صارخة للدستور والمبادئ الأساسية للقانون .

وعلى وجه الخصوص،
ندعو رئيس الجمهورية بوصفه حاميا للدستور للسهر على حماية الحرية الشخصية وحق اللجوء المكرسة في الدستور والاصرار على مبدأ فصل السلطات ووضع حد لتدخل الادارة في اعمال القضاء باعاقة تنفيذ احكامه المبرمة، وعلى احترام الدولة لالتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وللمبادىء العرفية الدولية واهمها عدم الاعادة القسرية.
وندعو مجلس النواب الى استعادة دوره في حماية الحقوق والحريات ومنها حق اللجوء الذي اصر عليه النواب في مناقشات قانون الدخول الى لبنان والاقامة فيه والخروج منه عام 1962، وتطوير هذا القانون الاخير لمواءمته مع التزامات لبنان الدولية لا سيما تلك المتعلقة باللاجئين، والى استعادة دوره الرقابي في التحقيق في ممارسات الاحتجاز التعسفي والترحيل التي تقوم بها الادارة في مخالفة صراحة لاحكام الدستور والقانون،
وندعو مجلس القضاء الأعلى الى جبه أية محاولة لتجاوز الأحكام القضائية، على اعتبار أنها انتهاك خطير لاستقلالية القضاء ولمبدأ فصل السلطات، واتخاذ اجراءات فعالة دعما لهذه الاستقلالية،
كما ندعو مجلس الوزراء الى مراجعة قرار اللجنة الوزارية الذي سيزيد تطبيقه من انتهاكات حقوق الانسان ويفاقم من ازمة الترحيل بدلا من ان يعالجها كما كان متوقعا من هذه اللجنة،
واخيرا، ندعو النيابة العامة التمييزية وكافة السلطات المعنية وعلى رأسها وزير الداخلية الى محاسبة كل من تسوغ له نفسه ان يخالف أحكام القضاء والقانون والدستور باستباحة الحرية الموضوعة في حمى القانون وحماته، بغض النظر عن رتبهم وصفاتهم، لا سيما انهم يرتكبون جناية وفق قانون العقوبات اللبناني.

الموقعون

المحامي نزار صاغية
وكيل السيد علاء الصياد
جمعية روّاد فرونتيرز
منظمة الكرامة
الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب
مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب

آخر تعديل على الجمعة, 03 كانون1/ديسمبر 2010 12:44