21 كانون2/يناير 2011

لبنان: المحكمة العسكرية لم تحقق حتى الآن في إدعاءات التعذيب

leb_mil_court
المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت
أجريت هذا الأسبوع محاكمات لعديد أشخاص أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت، كانت مؤسسة الكرامة في جنيف تقدمت بقضاياهم إلى المقرر الخاص للتعذيب في عامي 2009 و 2010. وعبرت الكرامة آنذاك عن خشيتها من الاعتماد على اعترافاتهم الأولية التي انتزعت تحت التعذيب، ويبدو أن المحكمة العسكرية لم تحقق حتى الآن في أي من إدعاءات التعذيب بالرغم من إثارة الموقوفين لها، بل حكم على بعضهم إستناداً إلى تلك الاعترافات.

وتورد الكرامة في ما يلي بعض الإدلاءات التي أثيرت أثناء هذه الجلسات وكانت لها علاقة بالتعذيب الذي تعرض له هؤلاء.

في 17 كانون الثاني\يناير 2011، استؤنفت محاكمة الشقيقين اللبنانيين عامر و مصباح حشاش والسعودي محمد السويد، والتي سبق للكرامة أن قدمت قضاياهم تباعاً إلى المقرر الخاص للتعذيب 24 نيسان/ ابريل 2009 و في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 .

وباشرت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت محاكمتهم ضمن ستة عشر شخصاً بينهم ثمانية موقوفين اتهموا "بانتمائهم الى تنظيم يهدف إلى القيام بأعمال إرهابية وإجراء تدريبات عسكرية والإعداد لذلك" و "حيازة أسلحة وعتاد عسكري وأجهزة لاسلكية دون ترخيص"، غير أنه في أثناء الجلسة نسف السعودي محمد صالح السويد اعترافاته السابقة لجهة علاقته بمسؤولي التنظيم ولعبه دوراً أساسياً في تمويل عناصر التنظيم. ولم يألُ السويد أثناء استجوابه أمام المحكمة جهداً في إنكار وقائع كثيرة وردت في افاداته السابقة، متهماً المحققين الأوليين "بتأليف سيناريو انما باخراج هزيل".

وتراجع السويد، خلال استجوابه بحضور وكيلته القانونية، عن أقواله السابقة بحجة تعرضه للضرب، وقال: "كنت أريد أن أوفر علي الضرب، ولم يكن هدف المحققين الحقيقة".

وعند سؤاله عن مسؤول في هذا التنظيم، لم ينف السويد علاقته به انما قال: "أنا كنت التقيه في الرياض ولم أرافقه الى العراق كما ذكر في التحقيق". وأضاف: "أنا الآن أملك إرادتي أثناء استجوابي، انما أثناء التحقيق كنت تحت التعذيب".

وعن علاقته بالمتهمين عامر ومصباح الحشاش وصفها السويد بأنها عادية وأضاف: "أنا رجل أعمال وكنت بصدد مفاوضات لاستثمار مشروع سياحي في لبنان ولذلك ضبط معي مبلغ 40 ألف يورو".

وعن مواطنه الفار عبد الرحمن اليحيي وما اذا قابله في لبنان، قال السويد: "أرغب في أن أتعرف الى هذا الشخص، لما تعرضت بسببه من تعذيب".

ثم استحوبت المحكمة المتهم محمد صعب بحضور وكيلته القانونية فلم يؤيد بدوره أقواله السابقة التي جاءت تحت تأثير الضرب والتعذيب متحدثاً عما سببه ذلك من آلام في رجله. وأوضح بأنه اعترف أثناء التحقيق الأولي بمتابعته دروساً دينية وأمنية وعسكرية ليتخلص من التعذيب.

وباستجواب عامر الحشاش بحضور وكيله القانوني، نفى افادته المعطاة أمام فرع المعلومات وأيدها أمام قاضي التحقيق وقال انه تعرض لضغوط نفسية وجسدية. وأوضح بأنه كان يعمل امين صندوق في كافيتريا الجامعة العربية، وانه تعرف على محمد صالح السويد من خلال شقيقه مصباح في أحد المطاعم وبشكل عابر.

وقررت المحكمة رفع الجلسة الى السابع من شباط/فبراير المقبل لمتابعة استجواب باقي الموقوفين، وكانت المحكمة قد ردت في مستهل الجلسة مذكرة الدفوع الشكلية التي تقدمت بها وكيلة السويد والتي طلبت فيها عدم محاكمة موكلها في الدعوى لسبق ملاحقته في الجرائم نفسها وصدور حكم بحقه قضى بحبسه سبع سنوات، وقررت المحكمة ضم الطلب الى ملف القضية.

وفي قضية أخرى، كانت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت قد استجوبت الفلسطيني ماهر سكر مع عدد من الموقوفين في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، بتهمة "الانخراط في عصابة مسلحة والقيام بأعمال ارهابية والتزود بالأسلحة والمتفجرات وإخفاء مطلوب وتزوير بطاقة لاجئ فلسطيني ورخص سوق خصوصية". وكانت الكرامة قد قدمت قضية السيد ماهر سكر إلى المقرر الخاص للتعذيب في 18 آذار/مارس 2010

وباستجوابه بحضور وكيلته، نفى سكر إقدامه على جمع تبرعات من المساجد لتسليمها الى أحد المطلوبين، وأوضح بأنه كان يجمع التبرعات لحركة حماس كونه ينضوي تحت حركة الجهاد الإسلامي. وعن ما قاله سابقاً من أنه كان يخصص جزءاً من تلك التبرعات الى زوجة أحد المطلوبين، نفى سكر ذلك، متحدثاً عن تعرضه لشتى أنواع التعذيب في التحقيق الاولي معه، متراجعاً عن افادات ثلاث أدلى بها في تلك المرحلة من التحقيقات.

وقد حكمت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت في تاريخ 3 كانون الأول/ديسمبر 2010 على ماهر سكر بالسجن مدة ثلاث سنوات أشغالاً شاقة وتجريده من حقوقه المدنية. علماً بأنّ ماهر سكر يحاكم في قضية أخرى ستعقد في 11 شباط / فبراير 2011.

وقال المدير القانوني للكرامة في جنيف المحامي رشيد مصلى:" إنّ قضية الشقيقين حشاش ومحمد السويد وكذلك قضية ماهر سكر، هي قضايا من مئات القضايا التي يتعرض ضحاياها للتعذيب في لبنان على أيدي الأجهزة الأمنية، ولا يتم فتح تحقيق فيها أثناء المحاكمات بالرغم من إثارتها من قبل الموقوفين".

وأضاف : " يتعين على السلطات المختصة إجراء تحقيق سريع ونزيه كلما أثيرت هذه الإدعاءات من قبل الموقوفين، ويجب عدم الإعتداد بأية أقوال ثبت الإدلاء بها تحت للتعذيب كدليل في أية إجراءات، استناداً إلى المواد 12، 13، 14، 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي كان لبنان طرفا فيها منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2000".

وقد أكدت ذلك محامية من "لجنة محامي الدفاع عن الموقوفين الإسلاميين، مشيرة إلى أن "معظم الموقوفين الإسلاميين وأثناء استجوابهم قد تعرضوا للتعذيب والإحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.

وأضافت المحامية للكرامة بأنه "في أحد الملفات التي عملت عليها، لم يتم إحضار الموقوفين إلى قاضي التحقيق العسكري لاستصدار مذكرة التوقيف إلا بعد ثلاثة أسابيع وذلك لكي تزول آثار التعذيب على أجسادهم".

وأضافت بان "الموقوفين دائماً يطالبون بعدم الإعتراف بالتحقيقات الاولية التي تجريها الاجهزة الامنية وذلك لسبب إنتزاعها تحت التعذيب والاكراه"، وطالبت بعدم الإعتداد بالتحقيقات الاولية، قالت: "للأسف عندما يعتد بهذه الإعترافات فإن ذلك يشكل مخالفة قانونية وذريعة للحكم وظلم".

وفي ضوء ذلك، تذكر الكرامة بالتزام لبنان بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، المصادق عليها في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1989، والقاضي بضمان عدم الاعتداد بأية تصريحات أُدلي بها تحت التعذيب، لتستخدم كدليل في أية إجراءات.

كما تنوه الكرامة إلى أنها بصدد مخاطبة المقرر الخاص المعني بالتعذيب مجدداً في تطورات تلك القضايا ولفته إلى خطورة الإعتداد بالإعترافات المنتزعة تحت التعذيب

آخر تعديل على الأربعاء, 26 كانون2/يناير 2011 10:30