مصر: الكرامة تراسل المقرر الخاص المعني بالقتل خارج القانون في قضية الشاب خالد سعيد
![]() |
وأثار مقتل السيد سعيد موجة غضب واحتجاجات واسعة في مصر وخارجها، وكان لقي حتفه جراء الضرب والتعذيب الذي تعرض له من طرف كلٍ من: أمين شرطة سري محمود صلاح محمود، ورقيب سري عوض اسماعيل سليمان، تحت قيادة الرائد أحمد عثمان من قوة شرطة مباحث قسم سيدي جابر، يتبعون مديرية أمن الإسكندرية التابعة لوزارة الداخلية المصرية.
وحصلت الكرامة على وثائق وشهادات تؤكد أنه بتاريخ الثلاثاء 8 يونيو/ حزيران 2010، كان المجني عليه جالساً داخل إحدى محلات الإنترنت بشارع بوباست بمنطقة كيلوباترا، إذ به يفاجأ باثنين من عناصر الشرطة السريين يقتحمان "الكافية نت" ويطلبان من الموجودين إبراز تحقيق الشخصية، ثم قاما على الفور بالقبض على الضحية الشاب خالد سعيد من داخل مكتب (نت كافية) بشارع بوباست بمنطقة الإبراهيمية بالإسكندرية، وعندما اعترض المجني عليه على طريقة تعامل المخبرين اللاإنسانية، قاموا بتقييد حركته من الخلف لشل حركته.
وطبقاً لشهود أثناء الواقعة حاول المجني عليه الخلاص منهم طرحاه بقوة أرضاً، وباشراه بالضرب وركله بأقدامهما في البطن والصدر، قبل أن يقتاداه إلى مدخل أحد المنازل المجاورة واستمرا في الإعتداء عليه بالضرب المبرح حتى أفقداه الوعي وبدأ ينزف سيلا من الدماء من أنفه و فمه، ولم يكتفيا بذلك فقد عمدا إلى ضرب رأسه في سلالم العقار، ما أدى إلى حدوث كسور عميقة في الجمجمة أودت بحياته.
وأكد الشهود أن واقعة الإعتداء استمرت لمدة 20 دقيقة، على مرأى ومسمع المارة ووسط استغاثات وتوسلات ودموع المجني عليه، التي لم تشفع له لدى عناصر الأمن المصري حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأضاف الشهود بأن المعتديَن اصطحبا الضحية في سيارة تابعة للشرطة وهو جثة هامدة إلى ديوان قسم شرطة سيدي جابر، وبعد أقل من15 دقيقة شوهد المعتدين نفسيهما ومعهما الرائد أحمد عثمان من قوة شرطة مباحث قسم سيدي جابر وهم يعيدون جثة الضحية إلى مكان الواقعة، ويتركونه ينزف على الأرض، قبل أن يتصلوا بالإسعاف لإخلاء مسئوليتهم.
وتعيش جمهورية مصر في ظل قانون الطوارئ منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهو ما أسس مناخاً مواتياً لانتشار التعذيب والقتل خارج إطار القضاء والعديد من الانتهاكات الأخرى الماسة بحقوق الإنسان على أيدي رجال الشرطة ومباحث أمن الدولة، فضلاً عن ما أشاعه القانون من مناخ مواتٍ لإفلات رجال الأمن والشرطة المتورطين في هذه الانتهاكات من العقاب أو المحاسبة.
وبرغم تصديق مصر على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وتأكيد هذه الاتفاقية على اتخاذ كافة التدابير التشريعية، بما في ذلك إلغاء قانون الطوارئ وغيره لمنع أعمال التعذيب، فإن الحكومة المصرية لم تقم بمثل هذا الإجراء، بل على العكس تماما حيث يبدو مناخ الإفلات من العقاب، خصوصاً في البلاغات والقضايا المقدمة ضد رجال الشرطة ومباحث أمن الدولة، هو السائد في حين يبدو رجال الشرطة وكأن لديهم حصانة ضد القانون في ما يقمون به من انتهاكات مستمرة وصارخة.
وبالرغم من تزايد حالات الإنتهاكات التي يمارسها عناصر الشرطة ومباحث أمن الدولة بصورة متواصلة، فإنه لا يتم التحقيق أو التقديم للمحاكمة إلا في القليل من القضايا، لا تتناسب وعدد البلاغات المقدمة، ناهيك عن الدور الذي تلعبه النيابة العامة من إغفال الوسائل القانونية في التحقيق مع رجال الشرطة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء تلك البلاغات بحفظها وعدم تقديمها للمحاكمة.
من المؤسف حقاً أن يصبح التعذيب والإعدام خارج إطار القانون على أيدي رجال الشرطة أمراً مألوفاً في مصر، كان آخر ضحاياه الشاب خالد سعيد، فضلاً عن العديد من الانتهاكات الجسيمة، الناجمة عن تطبيق قانون الطوارئ منذ ثلاثة عقود.