الأردن: اعتقال تعسفي ومحاكمة غير عادلة أمام محكمة أمن الدولة
تعقد الجلسة الثانية من محاكمة ثلاثة أردنيين أمام محكمة أمن الدولة المعروفة بانتهاكها لشروط المحاكمات العادلة في 20 من نوفمبر 2013. ويتعلق الأمر بكل من همام محمد قفيشة، وأيمن عبد العزيز بحراوي، وضياء الدين عبد العزيز شلبي على خلفية طبع وتوزيع ملصقات تحمل شعار رابعة المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وألقى الأمن الوقائي القبض في 27 سبتمبر على أيمن عبد العزيز بحراوي، وضياء الدين عبد العزيز شلبي بينما كانوا يلصقون شعار رابعة في منطقة تدعى جبل المنارة بعمان. ونقل الرجلان إلى مركز الشرطة بالمنارة وسلموا إلى الشرطة العادية التابعة لإدارة الأمن العمومي. بينما ألقي القبض على همام محمد قفيشة في اليوم التالي، بعدما داهم رجال تابعين للأمن الوقائي بيته للاشتباه في مساندته لإنتاج ملصقات رابعة ، واحتجزوا حاسوبه النقال، ونقل أيضا إلى مركز الشرطة بالمنارة. ليتم تحويل الجميع إلى سجن الجويدة بعمان حيث لبثوا يومين قبل نقل الجميع إلى سجن الرميمين الذي لا زالوا فيه إلى الحين.
وأشار الرجال الثلاثة أنهم تعرضوا خلال الساعات الأولى من اعتقالهم بمركز الشرطة بالمنارة للضرب من قبل رجال الشرطة بشكل متكرر على جميع أنحاء جسدهم بهدف للحصول على معلومات تتعلق بانتماءاتهم وأنشطتهم السياسية. وهو ما تسبب في تمزيق طبلة أدن البحراوي الذي لم يتلق أي علاج لحد الآن رغم طلبات محاميه العديدة لذلك.
كما قدم المحامي محاميه شكوى إلى إدارة الأمن العام بشأن تعرض الرجال الثلاثة للتعذيب بمركز الشرطة بالمنارة. إلا أن السلطات الأردنية لم تقم بأي تحقيق في هذه الادعاءات أو عرض المتظلمين على الطبيب الشرعي أو حتى تقديم العلاج الضروري لهم.
وفي 30 سبتمبر 2013 استجوب الرجال الثلاثة من قبل المدعي العام بمحكمة أمن الدولة، وقرر متابعتهم في 13 نوفمبر بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة عربية شقيقة" طبقا للمادة 118 من قانون العقوبات الأردني التي تنص على الحبس المؤقت مدة لا تقل عن خمس سنوات لكل "من أقدم على أعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة من شأنها أن تعرض المملكة لخطر أعمال عدائية او تعكر صلاتها بدولة أجنبية أو تعرض الاردنيين لأعمال ثأرية تقع عليهم او على اموالهم" .
ووجه للناشط أيمن البحراوي تهمة إضافية وهي " إطالة اللسان، وتحقير رؤساء دول عربية ، على خلفية رسائل نصية وجدت بهاتفه النقال على أحد مواقع التواصل الاجتماعي" طبقا للمواد 122 من نفس القانون التي تنص على عقوبة سجنية لا تتجاوز السنتين لكل من قام بقدح دولة أجنبية أو جيشها أو علمها او شعارها الوطني علانية أو رئيسها أو وزرائها أو ممثليها السياسيين في المملكة" وأيضا المادة 195 التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات لكل من " ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك .وأرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى جلالة الملك، أو قام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة جلالته أو يفيد بذلك وتطبق العقوبة ذاتها إذا حمل غيره على القيام بأي من تلك الأفعال"
وأجلت المحاكمة بعد الجلسة الأولى التي عقدت في 13 نوفمبر أمام محكمة أمن الدولة إلى 20 نوفمبر 2013، ورفض القضاة الثلاثة طلب الدفاع بالإفراج عن المتهمين الثلاثة بكفالة أو إحالة القضية على محكمة مدنية.
ونبهت الكرامة في مذكرتها التي وجهتها إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاعتقال التعسفي في 18 نوفمبر 2013، أن محكمة أمن الدولة التي يعين أعضاءها من قبل رئيس الوزراء، تعمل بشكل وثيق مع دائرة المخابرات العامة، و لا تحترم أدنى شروط المحاكمات العادلة. وتنص لوائح المحكمة على تقديم المتهمين إليها خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام على اعتقالهم، إلا أن احكاما تسمح بتمديد فترة الاحتجاز دون محاكمة وفق تقدير المدعي العام لفترة قد تصل إلى خمسة عشر يوما. وعمليا غالبا ما يتم احتجاز المعتقلين دون محاكمة لفترات أطول من ذلك بكثير ، إضافة إلى أن العديد من المتهمين لا يسمح لهم بالحصول على المشورة القانونية خاصة خلال التحقيقات. ورغم أن إجراءات المحكمة تنص على أن التصريحات التي يدلي بها المتهمون إلى المدعي العام يجب أن تكون طوعية، إلا العديد من المتهمين الذين جرت محاكمتهم أمامهما، أفادوا أن تصريحاتهم جاءت تحت الإكراه. ورغم أن السلطات الأردنية أعلنت عن تقليصها لاختصاصات المحكمة، إلا أنها لا تزال تحيل المدنيين إليها.
وأضافت الكرامة في خطابها إلى الفريق العامل أنها أوصت الحكومة الأردنية في العديد من المناسبات، بما في ذلك في تقريرها الذي قدمته في إطار الاستعراض الدوري الشامل الثاني للأردن، بإلغاء محكمة أمن الدولة نظرا لغياب كل ضمانات المحاكمات العادلة أمام المحاكم الاستثنائية. ثم أنها طالبت الحكومة الأردنية بالكف عن قمع واضطهاد الناشطين الحقوقيين بسبب أنشطتهم. وهي نفس المطالب التي تقدمت بها كل من كندا وهولندا خلال الاستعراض الدوري وعبرت عنها سابقا لجنة حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة.
وناشدت الكرامة من الحكومة الأردنية وقف اعتقال الرجال الثلاثة تعسفيا بضمان محاكمتهم محاكمة عادلة أما محكمة عادية أو بالإفراج الفوري عنهم. مشيرة أنها رفعت قضية الرجال الثلاثة إلى الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة مطالبة إياه بإصدار قرار يؤكد الطابع التعسفي لهذا الاعتقال وهذه المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة.