وقال المحامي رشيد مصلي المدير القانوني لمؤسسة الكرامة في جنيف "إن المعلومات الواردة من اليمن تشير إلى أن البلد يشهد حالة طوارئ شبه معلنة من طرف السلطات منذ أحداث تونس التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي".

وعبر السيد مصلي عن قلقه الشديد من أي تداعيات كارثية محتملة يشهدها هذا البلد المضطرب، جراء أسلوب القمع الوحشي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين العزّل والاستخدام المفرط للقوة ضدهم، ومصادرة الحريات وإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان.

وأضاف بأن ما يجري في اليمن، بالإضافة إلى كونه خرقاً للقانون المحلي، فإنه نكوص فاضح عن التزامات اليمن وتعهداته لجهة المواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها.

وكانت الداخلية اليمنية أعلنت، بالفعل، تحذيراتها من القيام بأي تظاهرات أو مسيرات دون الحصول على إذن مسبق من الجهات الحكومية، وفقاً لقانون تنظيم المظاهرات والمسيرات رقم (39) لسنة 2003، وهو القانون الذي يعتبر قانونيون وحقوقيون بأنه يتضمن مواد تتعارض مع الدستور اليمني وتحد من حرية التعبير، وأن السلطات تطبقه بطريقة انتقائية ضد المعارضة، بينما لا يطبق بحق الفعاليات التابعة للحزب الحاكم.

وفي يوم واحد (هو يوم الأحد، 23 يناير/ كانون الثاني، 2011) اعتقلت قوات الأمن اليمنية أكثر من 30 شخصاً، حصلت الكرامة على أسماء 25 منهم، كما أُصيب 25 آخرون بجروح، عندما اعتدى عليهم أفراد الأمن بالضرب بالهراوات، أثناء توجههم إلى النائب العام لتقديم بلاغ باعتقال الناشطة الحقوقية السيدة توكل عبدالسلام كرمان، التي اختطفتها قوة أمنية من أمام منزلها ليل السبت/ الأحد 23/1/2010، على خلفية مشاركتها في تظاهرات نظمها طلاب جامعة صنعاء.

وأفاد زوج الناشطة توكل كرمان بأن قوة أمنية مكونة من ثلاث سيارات تحمل لوحات الشرطة، اختطفت الناشطة الحقوقية اليمنية السيدة كرمان من أمام منزلها عندما كانت برفقته عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل السبت/ الأحد 23/1/2010.

وأقرت الداخلية اليمنية باعتقال الناشطة كرمان، وزعمت على لسان مصدر أمني أن اعتقالها جاء "بناء على أمر من النيابة بتهمة قيامها بتنظيم تجمعات ومسيرات غير مرخصة والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام".

السيدة توكل كرمان, عضو مجلس شورى حزب الإصلاح الإسلامي المعارض

وتعد السيدة توكل كرمان واحدة من أبرز الناشطات في الدفاع عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان في اليمن، وهي عضو مجلس شورى حزب الإصلاح الإسلامي المعارض، وترأس منظمة صحفيات بلا قيود.

وأدانت منظمة "هود" الحقوقية اليمنية في بيان لها، اعتقال الناشطة كرمان، وطالبت بإطلاق سراحها، مشيرة إلى أن اعتقالها "مخالف لقانون الإجراءات الجزائية المادتين (64، 175)، وأضافت بأن "اعتقال كرمان تم بسبب ممارستها لحق أصيل من حقوقها الدستورية والقانونية وهو الحق في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي والذي كفله الدستور اليمني في المادة (42)، التي نصت على: (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون)".

ومن بين المعتقلين في العاصمة صنعاء، الأحد 23 يناير/ كانون الثاني، 2011، المحامي والناشط الحقوقي خالد الانسي، والناشط الحقوقي على الديلمي المدير التنفيذي للمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات، والصحفي حمود هزاع، والصحفي محمد سعيد الشرعبي، بالإضافة إلى أكثر من 30 شخصاً، كما قامت قوات الأمن بمصادرة كاميرات تصوير قناتي الجزيرة والعربية واعتقلت مصوريهما قبل أن تفرج عنهما في وقت لاحق.

وفي محافظة تعز وسط البلاد، قمعت قوات الأمن اعتصاما سلمياً نظمته مجاميع من المواطنين أمام مبنى المحافظة احتجاجا على اعتقال الناشطة الحقوقية توكل كرمان وطلاب نشطاء من جامعة صنعاء، واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه والعصي لتفريق المحتجين، كما قامت بالاعتداء على مصور صحفي، واعتقال عدد من المشاركين، نشر المرصد اليمني لحقوق الإنسان أسماء ثلاثة منهم.

أما في المحافظات الجنوبية من البلاد، فقد توصلت الكرامة بمعلومات موثقة، تؤكد مقتل ثلاثة مواطنين على الأقل وجرح نحو 30 آخرين ونزوح 89 أسرة من منازلها في مديريات ردفان التابعة لمحافظة لحج، منذ مطلع يناير/ كانون ثاني 2011، وذلك في عمليات قصف شنتها وحدات من الجيش، تفرض حصاراً مشدداً على المنطقة.

وفي محافظة عدن، كبرى مدن الجنوب، رصد فريق منظمة "هود" عدد 11 معتقلاً ألقي القبض عليهم خلال تظاهرات احتجاجية شهدتها مديرية المعلا في الأيام الماضية، وأودعوا سجن المنصورة المركزي، كما اعتقل 18 مواطناً من مديرية كريتر أحيلوا إلى سجن البحث الجنائي بمديرية خور مكسر، ورصدت المنظمة عدد 5 معتقلين آخرين قبض عليهم من منطقة العريش يومي الثلاثاء والأربعاء 18، 19 يناير/ كانون ثاني 2011، أحيلوا إلى سجن البحث الجنائي خور مكسر، وقد أطلق سراح عدد يسير من هؤلاء، بينما لا يزال معظمهم رهن الاحتجاز.

الكرامة من جهتها، تناشد السلطات اليمنية إطلاق كافة المعتقلين تعسفياً والكف عن الانتهاكات، في الوقت الذي تنظر منظمتنا في إمكانية تقديم شكاوى بالانتهاكات التي مارستها أجهزة الأمن إلى الآليات المعنية في الأمم المتحدة